بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أوجه التشابه بين المؤمن والنخلة كما ذكرها ابن القيم
عن ابن عمر رضي الله عنهما : عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال :
" إن من الشجر شجرة ، لا يسقط ورقها . وإنها مثل المسلم . حدثوني ما هي ؟ " .
قال : فوقع الناس في شجر البوادي .
قال عبد الله : فوقع في نفسي أنها النخلة ، ثم قالوا : حدثنا ما هي يا رسول الله ؟
قال : " هي النخلة " . رواه البخاري في صحيحه كتاب العلم باب طرح الإمام المسألة على أصحابه ليختبر ما عندهم من العلم .
ذكر ابن القيم رحمه الله في كتابه مفتاح دار السعادة أوجه التشابه بين المسلم والنخلة التي شبه الرسول صلى الله عليه وسلم المسلم بها .
قال رحمه الله :
" تأمل هذه النخلة التي هي إحدى آيات الله تجد فيها من الآيات والعجائب ما يبهرك . وهي تشبه المؤمن من وجوه كثيرة .
أحدها : ثبات أصلها في الأرض ، واستقراره فيها ،
وليست بمنزلة الشجرة التي اجتثت من فوق الأرض مالها من قرار .
الثاني : طيب ثمرتها وحلاوتها وعموم المنفعة بها .
كذلك المؤمن طيب الكلام، طيب العمل، فيه المنفعة لنفسه ولغيره .
الثالث : دوام لباسها وزينتها ، فلا يسقط عنها صيفا ، ولا شتاء .
كذلك المؤمن لا يزول عنه لباس التقوى وزينتها حتى يوافي ربه تعالى .
الرابع : سهولة تناول ثمرتها ، وتيسره .
أمَّا قصيرُها ، فلا يُحْوِجُ المتناولَ أن يرقاها ، وأما باسِقُها ، فصعوده سهل بالنسبة إلى صعود الشجر الطوال ، وغيرها ، فتراها كأنها قد هيئت منها المراقي والدرج إلى أعلاها .
وكذلك المؤمن خيره سهل قريب لمن رام تناوله لا بالغرِّ ، ولا باللئيم .
الخامس : أن ثمرتها من أنفع ثمار العالم
فإنه يؤكل رطبه فاكهة وحلاوة ، ويابسه يكون قُوْتًا وأُدُمًا وفاكهة ، ويتخذ منه الخل والناطف والحلوى ، ويدخل في الأدوية ، والأشربة ، وعموم المنفعة به وبالعنب فوق كل الثمار .
الوجه السادس : أن النخلة أصبر الشجر على الرياح ،
والجهد وغيرها من الدوح العظام . تميلها الريح تارة ، وتقلعها تارة ، وتقصف أفنانها .
ولا صبر لكثير منها على العطش كصبر النخلة . فكذلك المؤمن صبور على البلاء لا تزعزعه الرياح .
السابع : أن النخلة كلها منفعة ، لا يسقط منها شيء بغير منفعة .
فثمرها منفعة ، وجذعها فيه من المنافع مالا يجهل ، للأبنية والسقوف ، وغير ذلك .
وسعفها تسقف به البيوت مكان القصب ، ويستر به الفرج والخلل ،
وخُوصُها يتخذ منه المكاتل ، والزَّنابِيل ، وأنواع الآنية ، والحُصُر ، وغيرها ،
وليفها وكربها فيه من المنافع ما هو معلوم عند الناس .
وقد طابق بعض الناس هذه المنافع ، وصفات المسلم وجعل لكل منفعة منها صفة في المسلم تقابلها .
فلما جاء إلى الشوك الذي في النخلة جعل بإزائه من المسلم صفة الحِدِّة على أعداء الله ، وأهل الفجور ، فيكون عليهم في الشدة والغلظة بمنزلة الشوك ، وللمؤمنين والمتقين بمنزلة الرُّطَب حَلاوة ولِينا : أشداء على الكفار رحماء بينهم .
الثامن :أنها كلما أطال عمرها ، ازداد خيرها ، وجاد ثمرها
وكذلك المؤمن ، إذا طال عمره ازداد خيره ، وحسن عمله .
التاسع : أن قلبها من أطيب القلوب ، وأحلاه ،وهذا أمر خُصَّت به دون سائر الشجر .
وكذلك قلب المؤمن من أطيب القلوب .
العاشر : أنها لا يتعطل نفعها بالكلية أبدا ، بل إن تعطلت منها منفعة ، ففيها منافع أُخَر حتى لو تعطلت ثمارها سنة ، لكان للناس في سعفها وخوصها وليفها وكربها منافع ،
وهكذا المؤمن لا يخلو عن شيء من خصال الخير قط ، إن أجدب منه جانب من الخير ، أخصب منه جانب ، فلا يزال خيره مأمولا ، وشره مأمونا .
ورد في الترمذي مرفوعا إلى النبي
صلى الله عليه وسلم :
" خيركم من يرجى خيره ، ويؤمن شره ، وشركم من لا يرجى خيره ، ولا يؤمن شره " .
انظر مفتاح دار السعادة ج 1 ص 230 .
منقول للفائدة
اللهم اصلح حالنا واجعلنا من المؤمنين الصالحين
واحشرنا مع الابرار آآآآآآآمين
|