تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » الصدق في القول

الصدق في القول 2024.

دار
داردار
دار

دار

الحمد لله إله الأولين والآخرن وقيوم السموات والاراضين ومالك يوم الدين
أما بعد ، فإننا نعيش حقبة من الزمان نفتقد فيها إلى القدوات الصالحة ونحتاج أن نتأسى بمن أمرنا الله أن نتأسى به
فقد قال جل وعلا :(( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا)) الاحزاب : 21…ونحتاج كثيراً الى ان نتأسى أصحابه الكرام ..
والمسلم اليوم يعيش في غربة شديدة لا يدري أين يجد تلك القدوات وبخاصة أننا نعيش في وقت تغيرت فيه المفاهيم وانقلبت فيه الموازين وانتكست فيه عقول الكثير من بني جلدتنا
ولا حول ولا قوة إلا بالله ،
والحال كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" سيأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويُكذب فيها الصادق و يُؤتمن فيها الخائن و يُخون فيها الأمين ، وينطق فيها الرويبضة ، قيل وما الرويبضة ؟
قال: الرجل التافه يتكلم في أمر العامة "
رواه أحمد وابن ماجه عن أبي هريرة :وصححه الألباني في صحيح الجامع (3650)

دار

الصدق ومعانيه :

قال صاحب المنازل: الصدق: اسم لحقيقة الشيء بعينه حصولا ووجودا

الصدق: هو حصول الشيء وتمامه وكمال قوته واجتماع أجزائه، كما يقال: عزيمة صادقة إذا كانت قوية تامة.
ومن هذا أيضا: صدق الخبر؛ لأنه وجود المخبَر بتمام حقيقته في ذهن السامع. فالتمام والوجود نوعان: خارجي وذهني، فإذا أخبرت المخاطب بخبر صادق حصلت له حقيقة المخبَر عنه بكماله وتمامه في ذهنه.

وان لفظ الصدق قد يستعمل في معان ..

1- الصدق في القول :فحق على كل عبد ان يحفظ الفاظه ولا يتكلم إلا بالصدق ، والصدق باللسان هو أشهر أنواع الصدق وأظهرها..
والصدق مع الله ، ينبغي أن يراعي معنى الصدق في ألفاظه التي يناجي بها ربه كقوله : وجهت وجهي للذي فطر السماولت والارض فإن كان قلبه منصرفاً عن الله مشغولاً الدنيــــــا فهو كاذب
" وهذا أمر خاصٌ بالنية لأن التوجه بالنية هو الأساس في العمال كلها"
والصدق مطلوب في كل كلمة تخرج من فم المؤمن حتى لو كان على سبيل المزاح ، فقد قال الصادق المصدوق ’ صلى الله عليه وسلم‘
:"أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقاً، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً، وببيت في أعلى الجنة لمن حسنَ خُلقه"
متفق عليه عن أم كلثوم بنت عقبة – صحيح الجامع(5379)
وعلى المسلم أن يصدق في بيعه وشراءه ، وذلك بأن لا يقول إلا الصدق، فلا يكذب ولا يغش ولا يخدع.
ولذلك فإننا نجد ان الإسلام قد انتشر في أواسط افريقيا بصدق المسلمين في بيعهم وشراءهم لدرجة ان الناس كانوا يعجبون من صدق المسلمين وتسامحهم،
مما جعلهم يدخلون في دين المسلمين أفواجاً.
فما أحوج الأمة لتلك الأخلاق والمعاملات التي جاء بها الإسلام لسعادة البشرية كلها.

2- الصدق في النية والإرادة : وذلك يرجع إلى الإخلاص ،فإن مازج عمله شوب من حظوظ النفس بطل صدق النية وصاحبه ..

3 – الصدق في العزم والوفاء به : أما الأول فنحو أن يقول :إن آتاني الله مالاً تصدقت بجميعه .فهذه العزيمة قد تكون صادقة وقد يكون فيها تردد..
وأما الثاني فنحو أن يصدق في العزم وتسخو النفس بالوعد لأنه لا مشقة فيه إلا إذا تحققت الحقائق وانجلت العزيمة وغلبت الشهوة
ولذلك قال الله تعالى : ((
مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا)) الأحزاب :23.

4 – الصدق في الأعمال:وهو ان تستوي سريرته وعلانيته حتى لا تدل أعماله الظاهرة من الخشوع ونحوه على أمر في باطنه ويكون الباطن بخلاف ذلك.

5 – الصدق في مقامات الدين :وهو أعلى الدرجات كالصدق في الخوف والرجاء والزهد والرضى والحب والتوكل ، فإن هذه الأمور لها مبادئ ينطلق عليها الاسم بظهورها ث
م لها غايات وحقائق فالصـــــــــــادق المحقق من نال حقيقتها..وإذا غلب الشيء وتمت حقيقته سمي صاحبه صادقاً،
قال تعالى:((
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ)) ( الحجرات :15)

دار

ومنزلة الصدق -كما قال ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين باختصار- : هي منزلة القوم الأعظم، الذي منه تنشأ جميع منازل السالكين، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان وسكان الجنان من أهل النيران، وهو سيف الله في أرضه الذي ما وضع على شيء إلا قطعه، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه، مَن صال به لم تُرَدّ صولته، ومن نطق به علت على الخصوم كلمته، فهو روح الأعمال، ومحك الأحوال، والحامل على اقتحام الأهوال، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال، وهو أساس بناء الدين وعمود فسطاط اليقين، ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين.

وقد أمر الله -سبحانه- أهل الإيمان أن يكونوا مع الصادقين فقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} [ التوبة: 119 ].


وخص المنعَم عليهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين فقال تعالى: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ}
[ النساء: 69 ] فهم الرفيق الأعلى، وحسن أولئك رفيقا.

دار

إن أنبــــياء الله هـــم الأســـوة الـــذين أمـــرنــا الله أن نقتـــدى بهم ونتــأسى بهم وقد أثنى الله تعالى على أنبيائه ووصفهم بالصدق

فقال: ((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا))
((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا)).
وسل نفسك أيها المسلم هل يحق لمسلم كرمه الله بنعمة الإسلام من بين المخلوقات أن يتصف بتلك الصفة المذمومة ألا وهي الكذب ..
*يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه : والله لو نادى منادٍ من السماء ان الكذب حلال ما كذبت .
فكيف يا عبد الله وقد حرم الله الكذب وجعله من الصفات التي لاتليق بمسلم يؤمن بالله واليوم الآخر .

أسأل الله ان يجيرني من الكذب ومن مغبته ومن سواد الوجه ومذلته ، ومن غضب الجبار ونقمته…فهيا نقتدي بأنبياء الله الذين وصفهم الله بالصدق في كتابه عن ابراهيم عليه السلام فقال:((وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا))

دعـــــوة للصـــــــدق ::

يـــا من آمنــــت ورضيـــت بالله ربــاً وبـالإســـلام دينـــاً وبمحمـــد صلى الله عليه وسلم نبـــيـاً ورســـولا استمـــعِ
لتــلك الوصــيـة من خيــــر خلــق الله محمـــد صلى الله عليه وسلم حيث يقول :

"عليــكـم بالصـــدق فــإن الصـــدق يهــدي إلى البـــر، وإن البـــر يهــدي إلــــى الجنـــة وما زال الرجـــل يصـــدق ويتحـــرى الصـــدق حتـــى يكتـــب عنـــد الله صديقـــًا وإيـــاكـــم والكـــذب فـإن الكـــذب يهــــدي إلـــى الفجــــور وإن الفجـــور يهــــدي إلـــى النـــار، ومــا زال الرجــل يكـــذب ويتحــــرى الكــــذب حتــــى يكتـــب عنــد الله كذابـــاً "
رواه مسلم عن ابن مسعود- باب في الصدق والكذب – صحيح الجامع 4071)

دار

الكـــذب المبـــاح والصـــدق المـــذمــوم ::

أمـــا عن الكـــذب المبـــاح فالإســـلام لم يُرخــص فــى الكـــذب إلا فــى ثــلاث أحـــوال وهى :

الحــــرب , والإصـــلاح بيــن النــاس وحـــديـث الــرجل إمــرأته وحـــديث المـــرأة زوجهـــا

فعن أم كلثـــوم بنــت عقبــة بن أبـى معيــط أنهــا سمعـــت رســول الله وهــو يقـــول
" ليــس الكــذاب بالـــذى يُصلـــح بيــن النــاس فينمــى خيـــراً ويقـــول خيـــراً " متفق عليه.

أمــــا عن الصـــدق المــذمـومـ فهـــو الغيــــبة والنميــــمة بيــن النــاس

دار

ومن ثمـــــراتــ الصــــدق ::

1- الفوز بالجنــــة

2-أن تعـــرف فـــى المـــلأ الأعلـــى

3- أن تحشــــر يـــــوم القيـــامـــة فــى زمـــرة الصــــادقيـــن

4-راحــــة الضميــــر وطمـــأنيــنة النفــــس

5- البــــركــة فــى الكــــسب وزيـــادة الخيــــر

6- الفـــوز بمنـــزلة الشهـــــداء

7-النجــــاة مــن المكــــروه وتفــــريج الشـــدائـــد

8- الفــــوز برضــــوان الله جـــل وعــــلا

9- غفــــران الذنـــــوب وتكفيــــر السيــــئات

10- أن الصـــدق خيـــر مــن الدنيـــا ومــا فيهـــا

11- أن الصــــدق سبــــب فــى ثبـــات المـــؤمـــن علــى دينـــه

12- النجـــاح فى الدعــــوة إلـــى الله

13-أن الله يـــرزقــه الفـــرقـــان

14- أن الله يـــرزقه حســــن الخـــاتمـــة

دار

إذا مـــا هـــو الــدواء ::

1- التوبــــة النصـــــوح

2-إخــــلاص التـــوحيــد لله

3- ذكـــر المـــوت

4- قـــراءة القـــرآن وتـــدبــره

5- المحــافظـــة على الصلــوات الخمـــس والحــرص علــى قيــام اللـيـل

6- كثــــرة الصيـــام

7- البـــعـد عــن رفــــقــة الســـوء

8- أن تستشعـــر آثـــار الصـــدق وثمـــراتــه

9- أن تستشعــر عـــاقبــة الكـــذب وأهلـــه

10- الـــرغبــــة فــى النجـــاة من أهـــوال يـــوم القيـــامــة

11- الــــزهد فــى الـــدنيـــا

12- الخــــوف من النفـــاق
.
.
.
والكثيـــــير الكثــــــير فقـــــف مـــع نفســــك وقــــفة حـــاسمة

دار

تربية الأولاد على الصدق

لابد من أراد ان يربي أبنائه على الصدق أن يكون لهم قدوة صالحة فلايكذب ثم يطلب منهم الصدق أو يترك الصلاة ثم يأمرهم بها ..وجدير بكل مسؤول ومربي بأن لايكذب على أطفاله بحجة اسكاتهم من بكاء أو ترغيبهم في أمر أو تسكينهم من غضب ،فإنهم ان فعلو ذلك يكونون قد عودوهم عن طريق الإيحاء والمحاكاة والقدوة السيئة على أقبح العادات وأرذل الأخلاق ألا وهي رذيلة الكذب ..عدا أنهم يفقدون الثقة بأقوالهم ويضعف جانب التأثيربنصائحهم ومواعظهم.

روي أبو داود والبهيقي عن عبد الله بن عامر رضي الله عنه قال: دعتني أمي يوماً ورسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا في بيتنا فقالت:ها تعال أعطك
فقال لها:
رسول الله ما أردت أن تعطيه ؟ قالت : أردت ان أعطيه تمراً ، فقال لها: "أما إنك لو لم تعطيه شيئاًكتب عليك كذبه ".

دار

وهذه قصة من السلف عن بركة الصدق ..
ما يروى في تعويد السلف أولادهم على الصدق ومعاهدتهم عليه : يقول الشيخ عبد القادر الكيلاني
– رحمه الله -: "بنيت أمري- من حين ما نشأت –على الصدق، وذلك أني خرجت من مكة إلى
بغداد أطلب العلم، فأعطتني أمي أربعين دينارا أستعين بها على النفقة، وعاهدتني على
الصدق، فلما وصلنا أرض همدان؛ خرج علينا من اللصوص، فأخذوا القافلة، فمر واحد منهم،
وقال لي: ما معك؟
قلت: أربعون دينارا.
فظن أني أهزأ به، فتركني، فرآني رجل
أخر، فقال: ما معك؟
فأخبرته بما معي، فأخذني إلى كبيرهم، فسألني، فأخبرته، فقال:
ما حملك على الصدق؟
قلت: عاهدتني أمي على الصدق، فأخاف أن أخون عهدها.
فأخذت
الخشية رئيس اللصوص، فصاح – ومزق ثيابه- وقال: أنت تخاف أن تخون عهد أمك، وأنا لا
أخاف أن أخون عهد الله؟!
ثم أمر برد ما أخذوا من القافلة، وقال أنا تائب لله على
يديك.
فقال من معه: أنت كبيرنا في قطع الطريق، وأنت اليوم كبيرنا في التوبة،
فتابوا جميعا ببركة الصدق

فلا بد أن يتعود الطفل على الصدق من صغره ،فإنه إن لم ينشأ على الصدق من صغره ،فإنه سيكون عنصراً فاسداً ومفسداً بالمجتمع .

دار

قصة أخرى :

وخَطبَ بِلالٌ لأخيهِ امرأةً قُرَشية فقال لأهلها: نَحنُ مَن قَد عَرفتُم، كُنّا عَبدين فأعتقنا الله تعالى، وكنّا ضالين فهدانا الله تعالى، وكنّا فقيرين فأغنانا الله تعالى، وأنا أخطبُ إليكم فُلانة لأخي فإن تَنكِحوها له فالحمد لله تعالى، وإنْ تردونا فالله أكبر.
فأقبل بعضهم على بعض فقالوا بلالٌ ممن عرفتم سابقته ومشاهده ومكانه مِن رَسول الله صلى الله عليه وآله،
فَزَوِّجوا أخاه فَزَوَّجوه. فلما انصرفوا قال له أخوه يغفر الله لك ما كُنتَ تَذكرُ سوابقنا ومشاهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله، وتَترُكُ ما عدى ذلك
فقال: مه يا أخي، صَدقت فأنكَحكَ الصدقُ.

دار

فحديثي عن الصدق ماهو الا شيء بسيط جداً مما كتب في هذا الباب ..
انها الأمانة التي تخلى عنها الكثير من أبناء الأمة المسلمة ..فالله أسأل أن ينفع بتلك الكلمات التي خرجت من قلبٍ يشعر بعمق المأساة في هذه الأمة المسلمة وحاجتها الى الصدق مع الله .

وفي الختام ..
أسأل الله أن يجعل هذه الكلمات من الباقيات الصالحات وأن ينفعني بها يوم الدين
فاللهم ارزقنا الصدق في القول والعمل ونسألك حسن الخاتمة .
وصلى الله على نبينا محمد ، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً .

المصدر
من بعض المحاضرات التي سمعتها من فضيلة الشيخ محمود المصري
وتلخيص بسيط من كتاب له أيضاً إسمه ::رحلة مع الصادقين::

أختكم الفقيرة لعفو ربها .. والتي تحبكم في الله
لؤلؤة فلسطينية
دار


دار

دار
حبيبتي
عطر الله ايامك بـ رياحين الجنة .. وظللك بـ أغصان بساتينهآ ..
وسقاك من زلال كوثرها ..
سلمت أناملك وطابت روحك على طرحك المميز
يعطيك العافية


دار
فاسجل أعجابي بما تكتبين لا تحرميني جديدك تقبلي ردي المتواضع وتقيمي
الفايف ستار تقبلي مروري وتقيمي لك
دمتِ بحفظ الله ورعايتة

دار
الصدق
الشيخ/ سلمان بن فهد العودة

يفهم كثيرون الصدق على أنه صدق اللسان في الأقوال فحسب
والحقّ أن الصدق منهج عام ،وسمة من سمات شخصية المسلم في ظاهره وباطنه ، و قوله و فعله ، ومن ذلك :

أ – الصدق في حمل الدين :
بأن يكون تدين المرء تديناً صحيحاً مبنيـَّـاً على الصدق مع الله عز و جل ،لا على النفاق والكذب والمجاملة ،ولذلك يطلق الصدق في القرآن الكريم
في مقابل النفاق : " ليجزي الله الصادقين بصدقهم ، ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم " ( سورة الأحزاب / الآية 24 ) .
فلا بد من الإسلام الظاهر مع الإيمان الباطن ، لا بد من حسن الاعتقاد بالله و اليوم الآخر و الملائكة و الكتاب و النبيين .
" يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين " ، ( سورة التوبة / الآية 119 ).

فالهدي الظاهر لا بد أن يكون متوافقا مع الهدي الباطن .
· و هنا كمين من كمائن الشيطان يوحي للداعية بترك بعض الأعمال الصالحة الظاهرة بحجة أن باطنه ليس كذلك ..
فلا تفعل لئلا ينخدع الناس بك !
و هذا خطأ كبير .
بل العمل الصالح الذي تزاوله بجوارحك هو من أسباب صلاح قلبك و صدقه ما دمت لم تعمله رياء و لا سمعة و لا على سبيل خداع المؤمنين .

ب _ الصدق في الأقوال :
و الصدق في القول تعبير عن شخصية واضحة ، و مروءة و شهامة و كرم ، و لا يلجأ للكذب إلا لئيم الطبع ، خبيث النفس ضعيف الشخصية
و الفطرة السليمة تستعيب الكذب و تستقبحه ، و لذلك أجمعت الديانات السماوية على تحريمه و تجريمه .

فما بالك بالداعية .. أتراه يتصور صدور الكذب منه ؟!

أعتقد – إن شاء الله – أن : لا .
ولكن :
من الدعاة من يتوسع في " التورية " بأن يقول كلاما يفهمه الناس على خلاف ما يقصد
وقد يكتشفون بعد أن الواقع على خلاف ما فهموم منه فيتهمونه بالكذب ..
ثم إن التوسع في التورية قد يؤدي إلى التسامح في بعض " الكذيبات " بحجة أنها للمصلحة !! فالحذر الحذر !

· أيها الداعية : حين يلجؤك الموقف إلى الكذب فلا تقدم عليه وتذكر كلمة " أبي سفيان " أمام هرقل حين سأله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال :
" و الله لولا أن يؤثروا عني كذباً لكذبت " ! (1)

لقد تجنب هذا الرجل – و كان جاهليَّاً – أن يكذب خشية أن ينقلوها عنه ،أويعيروه بها يوما من الدهر ،مع شدة حاجته إليها .
و نحن نعلم أن أعراض الدعاة اليوم أصبحت هدفا لسهام كثيرة ولذا يتعين على الداعية أن يغلق الباب الذي تأتيه منه الريح ليريح و يستريح !

جـ _ الصدق في الأعمال :
و هويعني أن تكون أعمال الإنسان خالصة لوجه الله تعالى من الرياء والسمعة
" فمن كان يرجو لقاءَ ربّه فليعمل عملاً صالحاً ،ولا يشرك بعبادة ربه أحداً " ( سورة الكهف / الآية 110)
وقال : " ليبلوكم أيكم أحسن عملاً " ( سورة الملك / الآية 2 ) .

قال الفضيل بن عياض : أيكم أحسن عملاَ ، أي : أخلصه و أصوبه .
قيل : يا أبا علي ! ما أخلصه و أصوبه ؟
قال : إن العمل إذا كان خالصاً و لم يكن صواباً لم يقبل ، و إذا كان صواباً و لم يكن خالصاً لم يقبل ، لا يقبل حتى يكون خالصاً صواباً !
و من الصدق في الأعمال : الوضوح و تجنب الغموض و التلبيس .
روى أبو داود و النسائي أن عثمان بن عفان رضي الله عنه جاء بعبد الله بن سعد بن أبي السرح و قد أهدر رسول الله صلى الله عليه و سلم دمه
حتى أوقفه على رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فقال : يا نبيّ الله ! بايع عبد الله .

فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم رأسه فنظر إليه مرتين أو ثلاثاً ، كل ذلك يأبى أن يبايعه ، ثم بايعه بعد الثلاث
ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أصحابه فقال :" أما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حيث رآني كففت يدي عن بيعته فيقتله ؟!" .

فقالوا : ما ندري يا رسول الله ما في نفسك ، ألا أومأت إلينا بعينك ؟
قال عليه الصلاة و السلام : " إنه لا ينبغي لنبي أن تكون له خائنة الأعين !! " . (2)

إلى هذا الحد كان مدى " الصدق " في أعمال النبي صلى الله عليه و سلم ، لم يرض أن يقتل عدوه اللدود الذي كان أهدر دمه بطريقة غامضة عن طريق الإيماء بطرف العين !! و كان هذا دأبه و ديدنه طيلة حياته صلى الله عليه و سلم ، و لذلك لم يستطع المشركون في بداية الدعوة أن يتهموه بالكذب
بل قالوا : شاعر .. ساحر .. مجنون .. و لم يصدقهم الناس
و عندما فقدوا صوابهم و أعيتهم الحيل صرخوا : كذاب .. و لكن هيهات أن يصدقهم الناس !

و روى الترمذي عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال : لما قدم النبي صلى الله عليه و سلم ، المدينة انجفل الناس إليه
و قيل : قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم ،قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم ،قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم ،فجئت في الناس لأنظر إليه
فلما استثبتُّ وجه رسول الله صلى الله عليه و سلم عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب
و كان أول شيء تكلم به أن قال : " أيها الناس ! أفشوا السلام ، و أطعموا الطعام ، و صلوا و الناس نيام ، تدخلوا الجنة بسلام " . (3)

لقد سرى صدق رسول الله صلى الله عليه و سلم ، من القلب إلى اللسان .. إلى الجوارح و تجلى على محيا وجهه الكريم ..
فكل من نظر إلى طلعته و إشراقها و صفائها قرأ فيها الصدق و عرف أن وجهه ليس بوجه كذاب !

نحن نحتاج إلى نمط من الدعاة آثروا الصدق في أقوالهم و أفعالهم حتى أصبح الصدق سجية تجري في عروقهم ، وتطل من طلعات وجوههم
فإذا رآهم الناس قالوا : هذه ليست بوجوه كذابين !

كما نحن بحاجة إلى دعاة يتجملون بالخلق الكريم ،ويتأبون على الإثارة الاستفزاز فيحتفظون بهدوئهم واعتدال منطقهم في سائر الأحوال
حتى إذا أبصر الناس منهم هذا هتفوا : هذه أخلاق أنبياء !

· إن صدقنا في حمل دعوتنا هو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا ، و ليس يليق بنا أن نكون كالممثل على المسرح
يظهر للناس بهيئة خلاف حقيقته ، فمثل هذا سرعان ما ينكشف أمره ، و يعرض الناس عنه .

نقل عن بعض السلف أنه كان إذا وعظ أبكى الناس ، حتى تختلط الأصوات و يعلو النحيب ، وقد يتكلم في المجلس من هو أغزر منه علما
وأجود منه عبارة ، فلا تتحرك القلوب و لا يبكي أحد !
فسأله ابنه يوما عن هذا ، فقال : يا بني لا تستوي النائحة الثكلى و النائحة المستأجرة !

إذن فالوسيلة الأولى لنجاح الداعية هي : صدقه في حمل دعوته ، و جديته في ذلك ،وأن يكون الصدق في الأقوال والأعمال منهجه وشعاره .
ليس المهم هو الكلمات المنمقة المعسولة – و إن كانت مطلوبة –
إنما الأهم من ذلك الصدق ، و أن يكون منسجما مع نفسه ، و أن يكون حديثه عن معاناة
و قديما قيل :
الكلمة إذا خرجت من القلب وقعت في القلب ، و إذا خرجت من اللسان لم تتجاوز الآذان !!

(1) رواه البخاري .
(2) رواه أبو داود 2683 ، و النسائي 4067 ، و الحاكم 3 / 45
و له شاهد عند أبي داود 3094 وأحمد ( 3 / 151 ) من حديث أنس و لفظه " إنه ليس لنبي أن يومض " .
و انظر سلسلة الأحاديث الصحيحة 1723
(3) أخرجه أحمد 5 / 451 ، و الترمذي 2485 ، و ابن ماجه 3251 .

غاليتي
بــــــــــارك الله فيك
اسعدني جداً ردك ودعـــــاءك الجميل الذي عطر صفحتي
لكِ بمثل ما دعوتِ
دار
فعلاً الصدق يعبر عن شخصية الداعية وغير الداعية وعن مروءته وكرمه ونبله
وأجمل وأعلى معاني الصدق هو الصدق مع الله جل وعلا .. الذي لا تخفى عليه خافية ولا خائنة الأعين وما في الصدور
والشخص الكذوب شخص مريض يفتقر الى الشجاعة والقوة
يكفي انها تضيع هيبته اذا اكتشف أمره..

اللهم ارزقنا الصدق في القول والعمل واجعلها خالصة لوجهك الكريم ..

ماشاء الله تبارك الله موضوع قيم وطرح مميز ومرتب متسلسل الأفكار
بارك الله بك ِ عزيزتي ونفع َ بك ِ

أختنا العزيزة أم عمر دائما ً متميزة بكل ردودك بارك َ الله بك ِ
عزيزتي لؤلؤة تقبلي اعجابي وتقييمي لمجهودك

دار

بارك الله فيك اختى الغالية
نعم الصدق من اكمل الصفات وأجملها
فمأجمل ان يتحلى المؤمن بالصدق بأفعاله واعماله وأقواله

قال تعالى ( ياأيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) آية 119 سورة التوبة

والصدق مرتبط بالايمان
الصدق بمعناه الضيق مطابقة منطوق اللسان للحقيقة ، وبمعناه الأعم مطابقة الظاهر للباطن ، فالصادق مع الله ومع الناس ظاهره كباطنه ، ولذلك ذُكر المنافق في الصورة المقابلة للصادق ، قال تعالى : (لِيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِين..َ)الآية24 سورةالأحزاب

قال الإمام بن القيم رحمه الله الصدق ثلاثة أقسام:
1- صدق في الأقوال.
2- وصدق في الأعمال.
3- وصدق في الأحوال.

قال عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – (عليك بالصدق وإن قتلك)

وقال أيضاً: (لأن يضعني الصدق ـ وقلّ ما يفعل ـ أحب إلى أن من أن يرفعني الكذب وقلّ ما يفعل)

وقال : (قد يبلغ الصادق بصدقه. ما لا يبلغه الكاذب باحتياله)

وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (أربع من كن فيه فقد ربح: الصدق والحياء وحسن الخلق والشكر).

قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

من كانت له عند الناس ثلاث وجبت له عليهم ثلاث ، من إذا حدثهم صدقهم ، وإذا ائتمنوه لم يخنهم ، وإذا وعدهم وفى لهم ، وجب له عليهم أن تحبه قلوبهم ، وتنطق بالثناء عليه ألسنتهم ، وتظهر له معونتهم ".

وقال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: "ما كذبت مذ علمت أن الكذب يشين صاحبه"

وقال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "والله لو نادى منادٍ من السماء أن الكذب حلال ما كذبت"

وقال يوسف بن أسباط رحمه الله: "لأن أبيت ليلة أعامل الله بالصدق أحب إلى من أن أضرب بسيفي في سبيل الله"، وقال الشعبي رحمه الله: "عليك بالصدق حيث ترى أنه يضرك فإنه ينفعك .
واجتنب الكذب حيث ترى أنه ينفعك فإنه يضرك"

وقال عبد الملك بن مروان لمعلم أولاده: "علمهم الصدق كما تعلمهم القران

ويقول الشاعر

عود لسانك قول الصدق تحظ به *** إن اللسان لما عودت معتاد

نسأل الله العلى القدير ان يرزقنا الصدق بكل أفعالنا وأقوالنا اللهم أميين

وافر تقديرى وتقييمى

ما شاء الله موضوع رائع جدا

عطرتِ به أنفاسنا عند هذا المساء

دار

دار

جعلك الله من الصدّيقين والشهداء والصالحين

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.