ما حكم احلام اليقظه ؟ 2024.

:b210e58c: سؤال مهم
ما حكم احلام اليقظه ؟
و هل يوجد ما يحرم احلام اليقظه شرعآ ؟واذا كان فيها امتى يكون التعارض؟ دار دار

موضوع رائع ..
الســؤال
السلام عليكم ورحمة الله.
أود أن أستشيركم رحمكم الله، منذ سنتين على الأقل كنت كثير التفكير في معظم الأشياء.

كيفية التفكير:

كنت عندما أخلد إلى النوم قبل أن أنام أفكر مثلا بما أحلم به في حياتي وأعيشه في فكري، والكثير من المواقف الحلال منها والحرام.
وبعد ذلك تيقنت أنه خطأ، وأصبحت ملتزما بعض الشيء في الدين، وبعد فترة أصبحت أواجه أفكاراً في العقيدة تبعدني عن الله جل وعلا وتجعلني شاكاً في العقيدة.

الآن سؤالي رحمك الله:

هل الأفكار هذه سبب هذه الوساوس؟

وهل علاجها عدم الاكتراث بها، علما بأن الإنسان إذا أتت الفكرة وأهملها يشعر بأنه وصل لمرحلة اليقين بهذه الفكرة والانقياد لها؟

هل ما يتداوله الناس من أن الإنسان يستطيع السفر إلى كل الأماكن وهو في غرفته الصغيرة مستخدما التفكير ـ صحي ـ؟

وأسأل الله العظيم العافية.

الجـــواب

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الفارس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،

فإن هذا الوصف الذي أشرت إليه في حالتك يدل على أنك تعيش أحلاماً في اليقظة، وهذا هو الوصف الظاهر والمختصر لوضعك .. نعم أنت تجلس وتسرح في خيالك، وكما أشرت في سؤالك الأخير هل صحيح ما يتداوله الناس من أن الإنسان يستطيع السفر إلى كل الأماكن وهو في غرفته الصغيرة؟

فجوابه نعم إنه يسافر بفكره، ويعيش أحلاماً خيالية، فقد يرسم الإنسان لنفسه أنه قد أصبح ناجحاًً في حياته، وحصل منه الأمور كذا وكذا، وأنه قد ظفر بأعلى الدرجات في وظائفه، وأصبح من ذوي الأموال، وله العز والجاه، وغير ذلك من الأمور التي يهيم بها في خياله، ولكن ما أن يقرع الباب عليه حتى يفيق من هذه الأحلام ليجد أنه يواجه واقعاً مخالفاً تماماً، فماذا يصير حينئذ؟ إن كثيراً ممن يعانون من أحلام اليقظة يصلون إلى مرحلة من الكآبة، وربما قد تصل إلى درجة الاكتئاب الحاد، نظراً لأنهم يعيشون أحلاماً يذهبون فيها بأفكارهم بعيداً، ويرسمونها، وربما صدر منهم انفعالات تؤدي إلى أن ينطقوا بالكلام، وكأنهم يتحاورن مع بعض الناس، حتى لو أن أحدهم رآهم على هذه الحالة لظن أنهم يخاطبون أنفسهم، ولكن عند الاصطدام بالواقع فالأمر مختلف تماماًَ، لقد ظهر لك إذن مفسدة السير وراء هذه الأحلام التي لا طائل من ورائها .. نعم هي أحلام يقظة، وهي مجرد أوهام يسير فيها الإنسان، والذي يجمع لك أصل ذلك أن تعلم أن الناس على ثلاثة أقسام:

فقسم قد أغلق فكره، فلا تفكير له إلا في شهوته الحاصلة، وفي مصلحته الحاضرة، ونظره لا يتعدى رأس أنفه.

وقسم آخر هو على النقيض من ذلك، فهو يعيش في أحلام اليقظة، ويسرح يميناً ويساراً فيها، ويرسم في نفسه أموراً وأخيلة وأوهاماً، ويعيش فيها وربما استعذب ذلك في أول الأمر، وظنه أمراً لطيفاً حسناً، حتى إنه ليهوى أن يجلس لوحده متأملاً متفكراً في هذه الأحلام التي لا طائل من ورائها، وقسم آخر هو القسم المعتدل المتزن الذي يستخدم فكره فيما يعود عليه بالخير، وفيما يعود عليه بالصلاح في دينه ودنياه، فإذا نظر في أمر فإنما يدرسه، وينظر إلى جوانبه، ثم بعد ذلك ينظر النتائج المترتبة عليه، فهو ينظر في مصالح دينه ودنياه، وهمته مشغولة فيما يعود عليه بالخير في ذلك.

فالقسمان الأول والثاني مذمومان، لأنهما طرفا النقيض، وقسم ثالث هو الصواب وبهذا عرفت – يا أخي – ماذا ينبغي أن تكون عليه، فلابد أن تهيئ لنفسك طريقة التفكير السليمة في التعامل مع عامة أمورك، فأنت تستخدم فكرك، وتستخدم ما آتاك الله جل وعلا من فهم وحسن نظر، ولكن في تحصيل مصالحك دون أن تعيش أحلاماً لا طائل من ورائها، فهذا إنما يسير إليه من نقصت همته، ومن كان مصطدماً بجدار الواقع، فينظر بعد ذلك إلى هذه الأحلام على أنها مخرج يخرج بها ليمني نفسه الأماني الكاذبة، والتي لا طائل من ورائها، فاعرف هذا – يا أخي – فإنه نافع لك، فإن معرفة مضرة الشيء يعينك على التخلص منه – وبحمد الله – قد نجحت في أمر من هذا، بل إن كلامك يدل على أنك مستوعب لمضرة هذا الأمر، بل وبذلت جهداً في التخلص منه، وها أنت أيضاً تطرح الحل وهو عدم الاكتراث بهذه الأخيلة، وهذه الأوهام، وهذه الأحلام التي لا طائل من ورائها، ومعرفة أن السير وراءها هو سير وراء السراب، ثم بعد ذلك – يا أخي – عود نفسك على العمل، عود نفسك على العطاء والبذل، إنك رجل من رجالات الإسلام، لابد لك من أن تحصل ما ينفعك في دينك ودنياك، هاهو رسولك الأمين – صلوات الله وسلامه عليه – ينصحك فيقول: (المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز) فقد جمع لك أصول الخير كلها، فأول ذلك الاستعانة بالله، ثم بعد ذلك العزيمة الماضية، ثم بعد ذلك التماس الأسباب التي توصلك إلى مقصودك، فهذا هو الذي ينبغي أن تسير عليه.

وأما عن سؤالك هل هذه الوساوس التي وردت عليك في أمر العقيدة مثلاً أو في بعض الأمور الأخرى، هل سببها كثرة السرحان، وأحلام اليقظة؟

والجواب: نعم إن كثرة استعمال هذا النوع من الذهاب بالفكر دون طائل يؤدي إلى هذه الوساوس بلا ريب، لأن الإنسان اعتاد على أن يشغل ذهنه في أحلام، وفي أخيلة لا طائل من ورائها فيحصل له حينئذ تعود على هذه الواردات التي ترد على ذهنه، فطريق التخلص من ذلك هو ضبط التفكير، فإن الإنسان إذا ضبط خطراته توصل – بإذن الله عز وجل – إلى تحسين مجرى تفكيره، والسير به في ما يعود عليه بالخير والفضل، وأيضاً فإنك قد أشرت إلى أن هذه الوساوس تعرض لك في أمور العقيدة فنود أن تطلع – يا أخي – على جواب مفصل يبين لك أموراً أربعة ينبغي أن تكون مطلعاً عليها.

فأولها: مصدر هذه الوساوس.
وثانيها: حكمها.
وثالثها: كيفية التخلص منها.
فعليك بالنظر في هذه الأجوبة، وعليك أن تنتفع بها انتفاعاً حسناً.

ونسأل الله أن يشرح صدرك، وأن ييسر أمرك، وأن يجعلك من عباد الله الصالحين، وأن يوفقك لما يحب ويرضاه، وأن يزيدك خيراً إلى خير، وفضلاً إلى فضل.

وبالله التوفيق.

اسلام ويب

اسعدنى مروركم
تقبلوا تحياتى