سر الهاء في الهجرة 2024.

دار

سر الهاء في الهجرة
د. عبلة الكحلاوي

مرت بنا هذه الأيام ذكري عطرة‏..‏ وبطلها المهاجر العظيم صلي الله عليه وسلم‏.

ولم تكن الهجرة مجرد خروج من مكة بظلم أهلها إلي يثرب
بطيب أهلها, لم تكن مجرد هجرة وإنما تغيير مسار العالم ونشر الهدي والنور,

وفي ذكري الهجرة نتذكر سويا سر الهاء التي نؤرخ بها والتي تذكرنا برسولنا الكريم وهجرته
فمنذ1435 عاما كانت ارض الحرمين علي موعد مع حدث عظيم
فقد اراد الحق أن يكون هذا التاريخ فارقا بين الحق والباطل
وان ينصر هذا الدين الخاتم..

وعندما نقف ونتأمل في حرف الهاء نجدها..
الهاء: تذكرك بالمهاجر العظيم الذي حمل في قلبه يقينا ثابتا وعزيمة لا تلين
فهو المختار من رب العالمين ليكون نبيا لهذه الأمة التي كانت تعيش في جهالة جهلاء.

وتوافق الأمر بالرسالة نفسا عاشقة لبارئها استدلت عليه بفطرتها قبلا
من خلال سنوات الخلوة به في الغار فكان التواصل والاتصال برب السماء
والارض وكان مبتدأ انطلاق الدعوة في أذن قريش وكان مالاقاه من
عذابات ومطاردة وإيذاء وتعذيب ختم بسنوات مقاطعة مرضت
علي اثارها ثم توفيت خديجة رضي الله عنها

الصاحب بالجنب والسند والأمن الداخلي التي آزرته بثقتها وبصحبتها
وبحنانها وبمالها ثم توفي عمه ابو طالب الذي كان ظهيرا ومدافعا
وحاميا يحسب له الف حساب فكان الأمر بالهجرة لموطن اعده
امر رب السماء فكانت المدينة التي اوته وكان أهلها الذين نصروه
ووجد الرسول في انسان الانصار جند الله فقد منحوه ارواحهم واموالهم.

حرف الهاء: اسجل به سفرتي في هذه الدنيا عبر الشهور والاعوام يذكرنا
برسول الانسانية الذي ايقظ الفطرة المؤمنة وحرر الروح من العلائق
وطواغيت العصر وما جاء به من تعاليم ميسرة بعد ارشاد إلي وحدانية
الواحد يحقق بصورة مقبولة هادئة حق الانسان في الحياة الحرة الكريمة
فضلا عن دعوته للقيم الانسانية الرفيعة من عز وشوري ومساواة وحرية.

حرف الهاء: نستفتح به يومنا ونضبط به اوقاتنا ويذكرنا ان نضبط مؤشر
النفس يوميا نحو الاصالة حيث الحنفية الاولي فنؤكد وحدانية الواحد ونؤكد
ولاءنا لاركان إيماننا والتي منها الايمان بكتبه ورسله فنستدعي في كل صباح
ما تختزنه الفطرة المؤمنة والذي نعايشه في لحظات صلاة وخلوة بالله فنردد
اللهم صلي علي محمد وعلي آل محمد كما صليت علي ابراهيم وعلي آل ابراهيم..

هنا ينساب التوافق والانسجام فلا مجال لفرقة بسبب اختلاف في عقيدة
ولا مجال أن نفرق بين محمد وآل محمد بدعوي اختلاف المذاهب.

حرف الهاء: يذكرنا باننا لابد ان نجدد مع كل صباح العهد مع الله لإثراء
الكون بالعطاء والخيرية وتفهم معني كونا مطالبين بعمارة الارض لا خرابها.

حرف الهاء: يذكرنا بأننا أمة حية علي صلة بالكون الذي نعيش فيه حتي
آخر التوقيت الذي نحياه..

صلة عمارة وعمران وتفاعل وتبادل منافع وخبرات لا صلة خصومة
واستعداء وكراهية صلة محبة وتقدير مع الانسان المصاحب لزماني
في شتي بقاع الارض قد لانعرفهم بذواتهم ولكن نعرفهم باعمالهم
التي تحقق لنا جميعا نفعا فنقدر صنيعهم ونستكمل مسيرتهم من أجل
عمارة الارض انهم يقدمون لنا طواعية وبالمجان خلاصة نجاحاتهم وخبراتهم

ومثال بسيط مكتشف الكهرباء والذرة والبنسلين من جعل بين ايدينا تقنيات
حديثة لننتفع بالثورة المعلوماتية يا احباب انهم ليسوا أكثر انسانية منا
وحبا للخير فنحن اتباع من ارسله الله رحمة للعالمين لكننا تقاعسنا عن
معايشة عصرنا وحصرنا عقولنا في حقبة تاريخية نوقظ فيها الفتن ونتقاتل
قتال طواحين الهواء ويقتل بعضنا البعض كأننا عدنا الي زمن الفتن في العصور
الوسطي لهذا تدعونا الهاء للمشاركة في إعلان صروح الحضارة بمقتضي
أدوات عصرنا دون إغفال للمظلة القيمية التي تجعلنا نعلن المشاركة تعبدا وتقربنا لله.

تدعو الهاء: الي نبذ الفكر المقزم لذاتي الحية.. الفكر المضلل الاستحلالي
والتكفيري والتدميري وتدعو ان يراك الحق حيث أرادك بانيا لا مخربا
ولا يراك قاتلا او معوقا او معجزا لبنيان الله.

تدعو الهاء: ان نتذكر حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم المهاجر من
هجر مانهي الله عنه فالهجرة المقصودة هجرة معنوية فقد قال النبي لا هجرة بعد الفتح..

ولكن هجرة من داخلك الي داخلك هجرة من ذاتك لذاتك هجرة من تهافت
نفسك امام الشهوات الي قوة في فعل الخيرات هجرة من محبة غير الله الي
محبة الله هجرة من التعلق بغير الله الي التعلق به وحده والتوكل عليه والانابة اليه.

تذكر الهاء: بانك علي موعد في كل شهر قمري بمواسم فرحة تتذكرها وتعتبرها..

ومازال للهاء الكثير والكثير من الاسرار إلا إننا في الخواتيم تعظم المدركات الروحية
فمن ختم له بخير بعد توبة واستغفار واصلاح تأتيه الملائكة في كوكبة
من نور تطمئنه وتهدي من روحه..

وتقول ياأيتها النفس المطمئنة ارجعي الي ربك راضية مرضية
فادخلي في عبادي وادخلي جنتي
تقول الملائكة اخرجي الي روح وريحان وربك عنك راض..

اللهم في بداية عامنا الجديد تقبل منا واحم بلادنا من كل سوء
وجنبها الفتن ما ظهر منها وما بطن.

خاطرة جميلة عن العام الهجري
بوركتي يالغلا ..

دار