هارون الرشيد 2024.

الخليفة العباسي الخامس، ومن أشهر الخلفاء العباسيين والعرب.
وهو أكثر الخلفاء العباسيين جدلاً خلال فترة حكمة، حيث قيل أنه من أكثر خلفاء الدولة العباسية جهادا وغزوا واهتماما بالعلم والعلماء، وعرف عنه أنه الخليفة الذي يحج عاما ويغزو عاما وكان يلقب بأمير المؤمنين.
وتعتبر فترة حكمه العصر الذهبي للدولة العباسية والعالم العربي.

بويع الرشيد بالخلافة في (14 ربيع الأول 170هـ/14 سبتمبر 786م)، بعد وفاة أخيه موسى الهادي، وكانت الدولة العباسية حين آلت خلافتها إليه مترامية الأطراف متباعدة تمتد من وسط آسيا حتى المحيط الأطلنطي، معرضة لظهور الفتن والثورات، تحتاج إلى قيادة حكيمة وحاسمة

كانت شهرة هارون الرشيد قبل الخلافة تعود إلى حروبه العظيمه ضد الروم، فلما ولي الخلافة استمرت الحروب بينهما، وأصبحت تقوم كل عام تقريباً.

وأضطرت دولة الروم أمام ضربات الرشيد المتلاحقة إلى طلب الهدنة والمصالحة، فعقدت إيريني ملكة الروم صلحاً مع الرشيد، مقابل دفع الجزية السنوية له، وظلت المعاهدة سارية حتى نقضها إمبراطور الروم، الذي خلف إيريني
وكتب إلى هارون: "من نقفور ملك الروم إلى ملك العرب، أما بعد فإن الملكة إيريني التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ (أي بمعنى القلعة القوية)، وأقامت نفسها مقام البَيْدق (أي بمعنى الجندي الضعيف)، فحملت إليك من أموالها، ما كنت حقيقًا بحمل أضعافه إليها، ولكن ذاك ضعف النساء وحمقهن ، فإذا قرأت كتابي فاردد ما حصل قبلك من أموالها، وأفتدِ نفسك، وإلا فالحرب بيننا وبينك".

فلما قرأ هارون هذه الرسالة ثارت ثائرته، وغضب غضبًا شديدًا، وكتب على ظهر رسالة الإمبراطور: "من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم، والجواب ما تراه دون أن تسمعه، والسلام".

وخرج هارون بنفسه في 183 هـ، حتى وصل هرقلة واضطر نقفور إلى الصلح والموادعة، وحمل مال الجزية إلى الرشيد كما كانت تفعل إيريني من قبل، ولكنه نقض المعاهدة بعد عودة الرشيد، فعاد الرشيد إلى قتاله في عام 188هـ وهزمه هزيمة منكرة، وقتل من جيشه تسعين ألفا

ذاع صيت الرشيد ، وأرسلت بلاد الهند و الصين و أوروبا رسلها إلى بلاطه تخطب وده، وتطلب صداقته، وكانت سفارة "شارلمان" ملك الفرنجة من أشهر تلك السفارات، وجاءت لتوثيق العلاقات بين الدولتين، فأحسن الرشيد استقبال الوفد، وأرسل معهم عند عودتهم هدايا قيمة، كانت تتألف من حيوانات نادرة، منها فيل عظيم، اعتبر في أوروبا من الغرائب، وساعة كبيرة من البرونز المطلي بالذهب مصنوعة في بغداد، وحينما تدق ساعة الظهيرة، يخرج منها اثنا عشر فارسًا من اثنتي عشرة نافذة تغلق من خلفهم، وقد تملك العجب شارلمان وحاشيته من رؤية هذه الساعة العجيبة، وظنوها من أمور السحر.

وظل عهده مزاوجة بين جهاد وحج، حتى إذا جاء عام 192 هـ، فخرج إلى خراسان لإخماد بعض الفتن والثورات التي أشتعلت ضد الدولة، فلما بلغ مدينة طوس إشتدت به العلة، وتُوفي في 3 جمادى الآخر 193هـ، الموافق 4 إبريل 809م، بعد أن قضى في الخلافة أكثر من ثلاث وعشرين سنة، وتعتبر هذه الفترة العصر الذهبي للدولة العباسية.

من أقواله الشهيرة

نظر إلى السحابة ذات يومٍ وقال:(في أي مكان شئتِ أمطرى فسيحمل إليّ خراجك إن شاء الله)، أي بمعنى زكاتك راجعة لبيت المال عندي. وهذا دلالة على سعة الدولة العباسية

كل الشكر والامتنان على روعه بوحـك
وروعه ما نــثرتي وجمال طرحك

دائماً متميزه في الانتقاء
سلمتي على روعه طرحك
نترقب المزيد من جديدك الرائع
دمتي ودام لنا روعه مواضيعك

دار

ماشاء الله تبارك الله موضوع مميز وممتع
بارك الله فيك حبيبه
شكرا ياغاليه

زبيده زوجه هارون الرشيد حمله كوني مثلهن 2024.

دار

دار

هي زوجة هارون الرشيد، إمـــرأة سخية لها فضل في الحضارة والعمران والعطف على الأدباء والأطباء والشعراء, صاحبة اليد البيضاء بعطفها على الفقراء والمساكين كانت ذات عقل وفصاحة ورأي وبلاغة .
عرفت باهتمامها بالعمران، فأنشأت مجموعة من المساجد والبرك والآبار والمنازل والمصانع والمرافق وجعلتها للنفع العام , وإليها تنسب (عين زبيدة) بمكة حيث جلبت إليها الماء من أقصى وادي نعمان، شرقي مكة وأقامت الأقنية حتى أبلغت الماء إلى مكة وكان أهم حدث قامت به في حياتها .
قال ابن تغري في وصفها: "أعظم نساء عصرها ديناً وأصلاً وجمالاً وصيانة ومعروفاً
دار

كانت زبيدة تتمنى بينها وبين نفسها أن تتزوج من ذلك الشاب اليافع، وها قد تحقق حلمها الذي كانت تحلم به، فقد عاد ابن عمها هارون الرشيد مع أبيه الخليفة "المهدى" من ميدان المعركة بعد أن حققا النصر على الروم، وستكون الفرحة فرحتين، فرحة النصر، وفرحة الزواج من هارون، نصبت الزينات وأقيمت الولائم التي لم يشهدها أحد من قبل فى بلاد العرب وازينت زبيدة بالحلى والجواهر، والمسك والعنبر والروائح الطيبة تنتشر فى مكان العرس، والناس مسرورون بهذا الزواج المبارك.

دار
وتزوجت زبيدة من هارون الرشيد، فملأ الحب قلبيهما، واستطاعت بذكائها ولباقتها أن تزيد من حبه لها حتى أصبح لايطيق فراقها ولا يملُّ صحبتها، ولا يرفض لها طلبًا.
ومرت الأيام، وأنجبت زبيدة من هارون الرشيد ابنها "محمدًا" الأمين وقد أحبته كثيرًا، وكانت شديدة العطف عليه والرفق به لدرجة أنها بعثت ذات يوم جاريتها إلى الكسائى مؤدبه ومعلمه، وكان شديدًا عليه، تقول له : "ترفق بالأمين فهو ثمرة فؤادى وقرة عيني".
دار
وتولى هارون الرشيد الخلافة، فازداد الخير فى البلاد، واتسع ملكه، لدرجة جعلته يقول للغمامة حين تمر فوقه : "اذهبي فأمطري أَنَّى شئت، فإن خراجك سوف يأتى إلىَّ".
ورأت "زبيدة" زوجة خليفة المسلمين أن تساهم فى الخير، وفى إعمار بلاد الإسلام، فحين حجت إلى بيت الله الحرام سنة 186ه ، وأدركت ما يتحمله أهل مكة من المشاق والصعوبات فى الحصول على ماء الشرب، دعت خازن أموالها، وأمرته أن يجمع المهندسين والعمال من أنحاء البلاد، وقالت له : اعمل ولو تكلَّفتْ ضَرْبةُ الفأس دينارًا. وحُفر البئر ليشرب منه أهل مكة والحجاج وعرف بعد ذلك ببئر زبيدة.
دار
ولم تكتفِ زبيدة بذلك، بل بَنَتْ العديد من المساجد والمبانى المفيدة للمسلمين، وأقامتْ الكثير من الآبار والمنازل على طريق بغداد، حتى يستريح المسافرون، وأرادت زبيدة أن تولى ابنها الأمين الخلافة بعد أبيه، لكن هارون الرشيد كان يرى أن المأمون وهو ابنه من زوجة أخرى أحق بالخلافة لذكائه وحلمه، رغم أنه أصغر من الأمين؛ فدخلت زبيدة على الرشيد تعاتبه وتؤاخذه، فقال لها الرشيد : ويحك، إنما هي أمة محمد (، ورعاية من استرعانى طوقًا بعنقى، وقد عرفت ما بين ابنى، وابنك يا زبيدة، ابنك ليس أهلا للخلافة؛ فقد زينه فى عينيك ما يزين الولد فى عين الأبوين، فاتَّقى الله ؛ فوالله إن ابنك لأحب إلىّ، إلا أنها الخلافة لا تصلح إلا لمن كان أهلا لها، ونحن مسئولون عن هذا الخلق ؛ فما أغنانا أنا نلقى الله بوِزْرِهِمْ، وننقلبَ إليه بإثمهم ؛ فدعينى حتى أنظر فى أمرى. وعلى الرغم من ذلك فقد عهد بولاية العهد لابنه "محمد الأمين"، ثم للمأمون من بعده.
دار
وحين دخل المأمون بغداد بعد مقتل الأمين، وكان صراع قد شب بينهما حول منصب الخلافة استقبلتْهُ، وقالت له: أهنيكَ بخلافة قد هنأتُ نفسى بها عنكَ، قبل أن أراكَ، ولئن كنتُ قد فقدتُ ابنًا خليفةً؛ لقد عُوِّضْتُ ابنًا خليفة لم ألِدْه، وما خسر من اعتاض مثلك، ولا ثكلت أم ملأت يدها منك، وأنا أسأل الله أجرًا على ما أخذ، وإمتاعًا بما عوض . فقال المأمون: ما تلد النساء مثل هذه. وماذا أبقت فى هذا الكلام لبلغاء الرجال.
وتُوُفِّيت السيدة زبيدة فى بغداد سنة 216ه بعد حياة حافلة بالخير والبر، فرحمة الله عليها.
دار

دار

حبيبتى جزاكِ الله خيرا
و سلمت يداكِ
وللجنه هداكِ
ومن النار حماكِ
وافر ودى وتقييمى لكِ
🙂
دار
جزاك الله كل الخير
موضوع متميز
كم اسعدني ردكم الطيب

ومروركم الرائع

شرفني واسعدني تواجدكم

بالفعل انسانة رائعة وسخية
بارك الله فيك
وجزاك كل الخير غاليتي

هارون الرشيد الوجه الآخر 2024.

هارون الرشيد.. الوجه الآخر

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على نبيه وعبده، نبينا محمد وعلى آله وصحبه، وسلم تسليما كثيراً.

أما بعد..

فإن المتأمل في تاريخنا الإسلامي يجده زاخرا بالوقائع المنيرة والحوادث المثيرة، والذكريات العطرة التي يستأنس بها المسلم على مر العصور.

هذا وإن الله سبحانه اختص أناسا بالفضل والإحسان والبركة، فكانوا في حياتهم نبراسا للخير ودعاة للهدى، وأعقبهم بعد وفاتهم بالثناء والذكر الحسن.

وإن من هؤلاء النفر، الإمام الفاتح المجاهد الذي دانت له البلدان واندحرت أمامه الشجعان: أميرُ المؤمنين هارون الرشيد رحمه الله، الذي كان يغزو عاما ويحج عاماً، حتى قال فيه القائل:

فمن يطلب لقاءك أو يرده فبالحرمين أو أقصى الثغور

وما حاز الثغور سواك خلق من المستخلَفين على الأمور

فقد خلّف ذكرا حسناً، وتاريخا مجيدا هو بالحق مفخرة لكل مسلم.

كان من أحسن الناس سيرة، في نفسه ورعيته، فكان يتصدق من صلب ماله في كل يوم بألف درهم، وكان سريع العطاء جزيله، يحب الفقهاء والشعراء ويعطيهم، لا يضيع لديه بر ولا معروف، وكان يصلي في كل يوم مائةَ ركعة تطوعا إلى أن فارق الدنيا، إلاّ أن تعرض له علة، وإذا حج أحج معه مائةً من الفقهاء وأبنائهم، وإذا لم يحج أحج ثلاثمائة بالنفقة السابغة والكسوة التامة، حتى قال فيه القائل:

ألم تر أن الشمس كانت سقيمةً فلما ولي هارونُ أشرق نورها

وكان شهما شجاعا حازماً، جوادا ممدّحاً، فيه دين وسنة.

فلما نقضت الروم الصلحَ الذي كان بينهم وبين المسلمين، وملّكوا عليهم النقفور وكان شجاعاً، كتب نقفور إلى الرشيد كتاب، قال فيه: "من نقفور ملك الروم إلى هارونَ ملكِ العرب، أما بعد: فإن الملكة التي كانت قبلى، حملت إليك من أموالها ما كنْت حقيقا بحمل أمثاله إليها، وذلك من ضعف النساء وحمقِهن فإذا قرأت كتابي هذا فاردد إلىّ ما حملتْه إليك من الأموال، وافتدِ نفسك به وإلا فالسيف بيننا وبينك".

فلما قرأ هارون الرشيد كتابه، أخذه الغضبُ الشديدُ حتى لم يتمكنْ أحد أن ينظر إليه، ولا يستطيع مخاطبَتَه، وأشفق عليه جلساؤه خوفا منه ثم استدعى بالقلم، وكتب على ظهر الكتاب:

"بسم الله الرحمن الرحيم، من هارون أمير المؤمنين إلى نقفور كلب الروم قد قرأت كتابك يا ابن الكافرة والجواب ما تراه دون ما تسمعه، والسلام ".

ثم نهض من حينه وسار حتى نزل بباب هرقلة، ففتحها واصطفى ابنة ملكها وغنم من أموالهم شيئا كثيرا وخرب ديارهم.

وقد اتسعت رقعة الخلافة الإسلامية في عصره، حتى بلغت مشارق الأرض ومغاربها، وكانت الأموال تحمل من جميع الأقاليم ـ بعد تكفية الجيوش ـ إلى بيت المال على بعد المسافة، وكان يستلقي على قفاه وينظر إلى السحابة، فيقول: اذهبي إلى حيثُ شئت، خراجُك يأتيني يإذن الله.

وكان يخضع للكبار ويتأدب معهم، ويتواضع لأهل العلم والدين، ويحب مجالسةَ العلماءِ والصالحين..

قال أبو معاوية الضرير:

استدعاني الرشيد إليه ليسمع مني الحديث، فما ذكرت عنده حديثا إلا قال: صلى الله وسلم على سيّدي، وإذا سمع فيه موعظة بكى حتى يبل الثرى، وأكلت عنده يوما ثم قمت لأغسل يديّ، فصب الماء علىّ وأنا لا أراه، ثم قال يا أبا معاوية: أتدري من يصب عليك الماء؟ قلت: لا. قال: يصب عليك أميرُ المؤمنين. قال: أبو معاوية فدعوت له.

فقال: إنما أردت تعظيم العلم.

وكان كثيرَ البكاء من خشية الله تعالى سريعَ الدمعة عند الذكر محباً للمواعظ، قال منصور بن عمار: ما رأيت أغزرَ دمعا عند الذكر من ثلاثة، الفضيلِ بن عياض، وأبي عبد الرحمن الزاهد، وهارون الرشيد.

ودخل عليه الإمام الشافعي رحمه الله، فقال له: عِظني.

فقال: اعلم أن من أطال عنان الأمل في الغِرَّة طوى عنان الحذر في المهلة، ومن لم يعول على طريق النجاة خسر يوم القيامة إذا امتدت يدُ الندامة. فبكى هارون.

وقال الفضيل: قال لي هارون: عِظني.

فقلت: يا حسن الوجه حِساب الخلق كلهم عليك، فجعل يبكي ويشهق، فرددت عليه وهو يبكي.

وبعث هارون الرشيد إلى ابن السماك، فدخل عليه وعنده يحيى بن خالد، فقال يحيى: إن أمير المؤمنين أرسل إليك لما بلغه من صلاح حالك في نفسك وكثرة ذكرك لربك عز وجل ودعائك للعامة، فقال ابنُ السماك أما ما بلغ أميرَ المؤمنين من صلاحنا في أنفسنا فذلك بستر الله علينا، فلو اطلع الناس على ذنب من ذنوبنا لما أقدم قلبٌ لنا على مودة ولا جرى لسانٌ لنا بمدحة، وإني لأخاف أن أكون بالستر مغرورا وبمدح الناس مفتونا وإني لأخاف أن أهلك بهما وبقلة الشكر عليهما.

وطلب الرشيد ماء ليشرب، ثم قال لابن السماك : عِظني.

فقال له: بالله يا أمير المؤمنين لو مُنعت هذه الشربة بكم تشتريها؟ قال بنصف ملكي، قال: لو مُنعت خروجَها بكم كنت تشتريه؟ قال بنصف ملكي الآخر، فقال إن ملكا قيمته شربة ماء لجدير أن لا ينافس فيه، فبكى هارون.

وقال له ابن السماك يوماً: إنك تموت وحدك وتدخل القبر وحدك وتبعث منه وحدك، فاحذر المقامَ بين يدي الله عز وجل والوقوفَ بين الجنة والنار، حين يؤخذ بالكَظَم، وتزل القدم، ويقع الندم، فلا توبةٌ تقبل ولا عثرةٌ تُقال، ولا يقبل فداءٌ بمال.

فجعل الرشيد يبكي حتى علا صوته فقال يحيى بن خالد له: يا ابن السماك لقد شققت على أمير المؤمنين الليلة فقام فخرج من عنده وهو يبكي.

قال الفضيل: استدعاني الرشيد يوما وقد زخرف منزله وأكثر الطعام والشراب واللذات فيها ثم استدعى أبا العتاهية، فقال له: صف لنا ما نحن فيه من العيش والنعيم فقال:

عش ما بدا لك سالمــا في ظل شاهقة القصور

تجري عليك بما اشتهيـت من الرواح إلى البكـور

فإذا النفوس تقعقعت عن ضيق حشرجة الصدور

فهناك تعلم موقنا ما كنت إلا في غرور

قال فبكى الرشيد بكاء كثيرا شديداًـ فقال له الفضل بن يحيى: دعاك أمير المؤمنين لتسرَّه فأحزنته، فقال له الرشيد: دعه فإنه رآنا في عمى فكره أن يزيدنا عمى.

و قال ذات مرة لأبي العتاهية عِظني بأبيات من الشعر وأوجز، فقال:

لا تأمن الموتَ في طرف ولا نفس ولو تمتعت بالحُجَّاب والحرس

واعلم بأن سهام الموت صائبةٌ لكل مدَّرعٍ منها ومترس

ترجو النجاة ولم تسلك مَسالكها إن السفينة لا تجري على اليَبَس

فخر الرشيد ـ رحمه الله تعالى ـ مغشيا عليه.

ولما آذن هارون بالرحيل أمر بحفر قبره في حياته وحُمِل حتى نظر إليه، فجعل يقول:
إلى هاهنا تصير يا ابن آدم ويبكي، وأمر أن يوسع عند صدره وأن يمد من عند رجليه، ثم جعل يقول: ما أغنى عني ماليه، هلك عنى سلطانيه ويبكي.

وقيل إنه لما احتضر قال اللهم انفعنا بالإحسان واغفر لنا الإساءة.. يا من لا يموت ارحم من يموت.

إن فضائل الرشيد ومكارمه كثيرة جداً، وإنما ذكرنا نموذجا من سيرته وطرفا من أخباره لتدل على مآثِره العظيمةِ، التي حفظها التاريخ وشكرها له كل مسلم صادق، فقد كان رجلا صالحا وليس كما ينشره عنه أهل الإفك والبهتان من أنه كان ذا لهو ولعب ومجون.

بل هو الحاج الغازي الإمام الورع العابد التقي، وإنما لفق له هذه التهمَ أهلُ الأهواء والضلال الذين غاظهم بفتوحه، وشدته على المخالفين لسنة النبي صلى الله عليه وسلم.
فكم قمع الله به من فتنة وسد به من ثُلْمَة.. حتى كان الفضيلُ بنُ عياض ـ أحد أئمة السلف ـ يقول: ليس موتُ أحدٍ أعزَّ علينا من موت الرشيد لما أتخوف بعده من الحوادث وإني لأدعو الله أن يزيد في عمرِه من عمري.

قالوا فلما مات الرشيد وظهرت تلك الفتن والحوادث والاختلافات وظهر القول بخلق القرآن عرفنا ما كان تخوفه الفضيل من ذلك.

لا شك أن في مجتمعاتنا أناسا من المُبطلين، وصورةً تتكرر في كل زمن، كلما رأوا إماما من أئمة الدين، نصر الله به السنة، وأعز به الأمة، وأعلى به الكلمة، قاموا إليه بالكذب والتشويه وتلفيق التهم، {ومن يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا فقد احتمل بهتانا وإثما مبينا} والله الموعد..
إلى ديان يوم الدين نمضي وعند الله تجتمع الخصوم

وإنما هذا هو دأبهم في كل زمان..

فإياكم وتتبعِ كلام أهل الأهواء والملبّسين ومن في قلوبهم مرض، فإنهم يريدون أن يمسخوا تاريخَنا العطر، وأن يقطعوا صلتَنا برموزنا التي نفخر بها على مر الأزمان، فلا تمكنوهم من ذلك وتقعوا في شَرَكهم، فإنهم إن بلغوا منكم ذلك ألقوا إليكم بعقائدهم المردية وآرائهم الشاذة فغيروا عقيدتكم وتابعتموهم على باطلهم فتهلِكون مع الهالكين..

فانتبهوا لما تقرأون وتسمعون، ولا تجعلوا آذانكم سماعةً لكل منكر، وقلوبَكم متشربةً لكل شبهة، واعرفوا عمن تأخذون، والى من تسمعون، واحذروا تلك الكتبَ والمحاضراتِ التاريخيةَ التي لم تؤسس على علم وتقوى، بل أسست على شفا جُرُف هار، فانهار بها في أودية الأهواء السحيقة، والضلالات البعيدة، فلا تتناول أسلافكم إلا بالسب، ولا تذكرهم إلا بالقدح والعيب.

نسأل الله التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه.

http://salemalajmi.com/tafreeat/23.html

جزاكى الله خيرا و جعلى بميزان حسانتك

موضع رائع رنا ربنا يجزيكى كل خير
مشكورة اختى موضوعك اكثر من رائع بانتظار متجدداتك0
موضوع مميز ورائع
جزاكي الله خيرا
بانتظار جديدك

مالت عليك أغصان الجنة و هب عليك من نسيمها
جزاك الله خير , ماشاء الله تبارك