أوضاع الأمة – الأسباب والعلاج – الشيخ على عبد الرحمن الحذيفى 2024.

أوضاع الأمة – الأسباب والعلاج – الشيخ على عبد الرحمن الحذيفى

دار


فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ حق التقوى، واستمسكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، فتقوى الله صلاحُ دنياكم وأخراكم.

واعملوا ـ عباد الله ـ أن لله سننًا في الكون لا تتغير ولا تتبدل، تجري على البشر كلهم، وتمضي على المخلوقات جميعًا، قال الله تعالى: (فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلاً) [فاطر: 43].
وإن من سنة الله وحكمه أن من زرع خيرًا حصد خيرًا، ومن زرع شرًا حصد شرًا، قال الله تعالى: (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ وَمَن يَعْـمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) [الزلزلة: 7، 8].


ومن سنن الله وحكمه أن من أخذ بأسباب النجاح لنيل الدنيا ومتاعها نال ما قسمه الله له، وما قدره الله له من الدنيا، ومن عمل بأسباب النجاح للجنة، وسلك طريقها بلَّغَه الله الجنة وجعله من أهلها، فمن عمل بأسباب النجاح لنيل الدنيا والآخرة، فعمل بطاعة الله، وابتعد عن معصية الله فاز بخيري الدنيا والآخرة، قال الله تعالى: (مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَـاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاء لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَـاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَىا لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبّكَ مَحْظُورًا انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىا بَعْضٍ وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَـاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلاً) [الإسراء: 17 ـ 21]، (مَنْ عَمِلَ صَـالِحاً مّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَواةً طَيّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل: 97].


ومن سنن الله تعالى أن يبتلي البشر ويختبرهم بالخير والشر، والحسنات والسيئات، قال الله تعالى:(وَنَبْلُوكُم بِالشَّرّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) [الأنبياء: 35]، وقال تعالى: (وَبَلَوْنَـاهُمْ بِالْحَسَنَـاتِ وَالسَّيّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الأعراف: 168].


فأما المؤمن المسلم فإذا أصابه خير ونعمة فيعلم أنها فضل ومنة من الله عليه، فيشكره ويحمده عليه؛ لأنه لا يستحق أحد على الله شيئًا، إن أعطى الرب فبفضله، وإن منع فبعدله، وإن أصاب المسلم شرٌ ومكروه صبر واحتسب وعلم أن ذلك بسبب ذنب فعله، أو أن الله يريد أن يرفع درجته في الآخرة، ويثيبه على هذه المصيبة التي قدرها الله تعالى عليه، قال الله عز وجل: (مَّا أَصَـابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَـابَكَ مِن سَيّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ) [النساء: 79]، وقال تعالى: (وَمَا أَصَـابَكُمْ مّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُواْ عَن كَثِيرٍ) [الشورى: 30]. فيحاسب المسلم نفسه، ويراجع أعماله، ويحدث لكل ذنب توبة لربه.


وأما الكافر فإذا جاءته نعمة أشر وبطر، وطغى وتجبر، وإذا جاءته مصيبة وشر جزع وتغير، وبقي في كفره يتردد ولم يصبر، جنته دنياه، ومعبوده هواه، فهو كالبعير يعقله أهله، ثم يطلقونه، فلا يدري: لم عقلوه؟ ولم أطلقوه؟


أيها المسلمون:


لقد تكاثرت المصائب على المسلمين، وتوالت النكبات والكوارث على العالم الإسلامي في هذا العصر، وتعددت التفسيرات لذلك، فمن الناس من يفسر ذلك بتخطيط أعداء الإسلام، ومنهم من يفسره بالضعف الاقتصادي، ومنهم من يفسره بالتأخر الصناعي والتقني، إلى آخر تلك التفاسير، وكل هذه عَرَض للمرض، وليست هي المرض، السببُ فيما وصل إليه المسلمون من المآسي والأحوال المؤلمة والكوارث النازلة هو التفريط في جانب دينهم من الأفراد والمجتمعات إلا من رحم الله، كما قال تعالى: (أَوَ لَمَّا أَصَـابَتْكُمْ مُّصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مّثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّىا هَـاذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِندِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَىا كُلّ شَىء قَدِيرٌ) [آل عمران: 165]، وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىا يُغَيّرُواْ مَا بِأَنفُسِهِمْ)[ الرعد: 11].


ولقد مر بأمة الإسلام فترات أشدّ بلاء من بلاء هذا العصر، وتجهّم لها عدو الإسلام، فصهرتها الشدائد والكربات، فرجعت إلى دينها رجعة صدق وإخلاص وعلم وإيمان، في تلك الفترات العصيبة من تاريخ الإسلام، فوجدت الأمن والكرامة، واجتماع الكلمة والخير من خلال دينها وشريعتها السمحة، في كل فترة عصيبة، فضمَّدت جراحها، وأصلحت أحوالها.


وفي هذا العصر اشتد الخطب والكرب على الإسلام وأهله، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، ولا يعفي المسلمين من المسؤولية أن يُلقوا باللوم على غير المسلمين، فإذا لم يحل المسلمون مشاكلهم بما يتفق مع كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبما يتفق مع مصالحهم وبما يتفق مع مصالح أجيالهم، فلا يُمكن أن يحل هذه المشاكل غير المسلمين.


فالحل بيد الله، ثم بيد ولاة أمور المسلمين وعلمائهم، بتعاضدهم وائتلافهم وتعاونهم على كل خير فيه سعادة للبشرية، بتبصير الأمة بكل نافع مفيد، وحثها عليه، وتحذيرها من كل شر في دينها ودنياها، فالواجب عليهم عظيم، والأمل فيهم بعد الله كبير.


فإذا نزلت الشدائد والكربات، وحلت الفتن فأول مخرج من ذلك التوبة النصوح، قال الله تعالى: (وَتُوبُواْ إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].


التوبة الصادقة من كل ذنب من كل فرد، والذي يقول: وما تغني توبتي من الذنوب؟!

وما فائدة توبتي في إصلاح أمة الإسلام؟!
يقال له: سبب كل خير في الدنيا والآخرة طاعة الله عز وجل، وسبب كل شر وعقوبة في الدنيا والآخرة معصية الله، وتوبة كل فرد من جميع الذنوب تُكثر الخير وتقلل الشر، وما أهلك الله الأمم الخالية إلا بكثرة عصاتها، وقلة الطائعين فيها، وقد تكون معصية فرد واحد سببًا في هلاك أمة، فقد أهلك الله ثمود بقتل واحد منهم الناقة، وفتك الطاعون ببني إسرائيل بين ظهراني موسى وهارون عليهما السلام لما وقع بعض بني إسرائيل في الزنا، قال الله تعالى عن الأمم الهالكة: (فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنبِهِ فَمِنْهُم مَّن أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِباً وَمِنْهُمْ مَّنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ الأرْضَ وَمِنْهُمْ مَّنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـاكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) العنكبوت: 40].

وفي حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه)) وحلق بين الإبهام والسبابة، قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟! قال: ((نعم، إذا كثر الخبث)) يعني الفواحش وشرب الخمر.

الراوي: زينب بنت جحش أم المؤمنين المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 7059
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فلا يُقلَّل من شأن التوبة، فهي المخرج في الشدائد، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة واعتصموا ـ معشر المسلمين ـ بكتاب ربكم وسنة نبيكم، فهما نور لكم في الظلمات، وهداية من الضلالات.

أيها المسلمون:


إن الواجب على أمة الإسلام ـ والفتن تمد أعناقها ـ أن يكونوا صفًا وحدًا، مجتمعَ الكلمة، أمام رياح التغيير التي تهب على العالم، والتي تتمنى تغيير عقيدة أهل الإسلام، والنيل من شريعته، وقيمهم الدينية وأخلاقهم، وثوابتهم ومناهجهم، فدينكم الإسلامي يوجب الاجتماع والائتلاف، ويحرم عليكم الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ) [آل عمران: 103]، وقال تعالى: (وَلاَ تَنَـازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّـابِرِينَ) [الأنفال: 46].


وإذا أمر الإسلام باجتماع كلمة المسلمين فلا يريد بذلك أن يظلم غير المسلمين أو يعتدي عليهم أو ينتقص حقوق غير المسلمين، التي خولتهم إياها شريعة الإسلام، ولو فهم غير المسلمين سماحة الإسلام ورحمته وكماله وعدله وجماله فهمًا صحيحًا لسارع الكثير منهم إلى اعتناقه، ولما حمَّلوه السلبيات التي تخالف الإسلام مما يفعله بعض المسلمين، قال الله تعالى: (قُلْ تَعَالَوْاْ أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلاَّ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلَـادَكُمْ مّنْ إمْلَـاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَواحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِى حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقّ ذالِكُمْ وَصَّـاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) [الأنعام: 151].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، ونفعنا بهدي سيد المرسلين وقوله القويم، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية:


الحمد لله الرحيم الرحمن، ذي الفضل والإحسان، أحمد ربي وأشكره على نعمه التي لا تحصى، وأشهد أن لا إله إلا الله له الأسماء الحسنى، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبده ورسوله المجتبى، اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه الأتقياء.


أما بعد: فاتقوا الله تعالى وراقبوه مراقبة من يعلم أن الله يطلع على السر والنجوى، وتقربوا إلى ربكم بالأعمال الصالحات، وهجر السيئات، وقدموا صالح أعمالكم عند ربكم قبل لقائه، واغتنموا العمر قبل فنائه، قال الله تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102] وقال تعالى: (ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].


فأعدوا للسؤال جوابًا ينجي من كربات يوم القيامة، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لن تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه؟ وعن شبابه فيم أبلاه؟ وعن ماله من أين اكتسبه؟ وفيم أنفقه؟ وعن علمه ماذا عمل به؟)).



الراوي: معاذ بن جبل المحدث: الألباني – المصدر: صحيح الترغيب – الصفحة أو الرقم: 3593
خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره

عباد الله، إن الله أمركم بأمر جليل في محكم التنزيل فقال عز وجل: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَـائِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ ياأَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيماً) الأحزاب: 56، وقد قال صلى الله عليه وسلم: ((من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه بها عشرًا)).

فصلوا وسلموا على سيد الأولين والآخرين وإمام المرسلين، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد…


دار


اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه اجمعين
جزاك الله خير
واصلح الله حالنا وحال المسلمين في كل مكان
ولا حرمك الله الاجر

دار
جزاك المولى خير الجزاء
يعطيك العافية وبارك الله فيك
ع اختيارك للموضوع الرائع والمهم ..جعله الله في ميزان حسناتك
دآئمآً مميزه بآختياراتك .. تسلم دياتك يالغاليه
دمتي بحفظهـ

دار

دار

جزاك الله الجنه حبيبتى

دار

إعلام نساء الأمة بما أعده الله لهن من النعيم في الجنة 2024.

دار

دار

إعلام نساء الأمة

بما أعد الله لهنّ من النعيم

في الجنة

دار

نساء الجنة مطهرات

خلق الله سبحانه وتعالى الحور العين، وهنّ الحسان بأحسن صورة،
وجاء من أوصافهنّ أنهنّ مطهرات .. قال تعالى :( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ)،
أي مطهرات من الغائط والرفث والحيض والنفاس والنجاسة والبصاق ، وما شابه ذلك .
وقال عبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم :
مطهرة لا يحضن ولا يحدثن ولا يتنخمن .

دار

الجنة ليس فيها عجوز


وأخبر الله تعالى بأن المرأة العجوز في الدنيا يعيدها الله سبحانه وتعالى
شابة في الجنة جميلة بكراً.
فهذا من فضل الله تعالى على عباده بأن جعل زوجات المؤمنين
في الجنة أبكاراً شابات جميلات متحببات لأزواجهنّ .

قال تعالى :" إِنَّا أَنشَأْنَاهُنَّ إِنشَاء * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لِّأَصْحَابِ الْيَمِينِ "
سورة الواقعة ..
قال القرطبي رحمه الله : أي خلقناهن خلقا جديداً ، وهو الإعادة ،
أي أعدناهن إلى حال الشباب وكمال الجمال ..

دار

نساء الجنة كالياقوت والمرجان

ومن الأوصاف التي خلقهنّ الله عليها ،كأنهنّ الياقوت والمرجان ،

كما وصفهنّ الله سبحانه وتعالى بقوله : " فِيهِنَّ قَاصِرَاتُ الطَّرْفِ لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ *

فَبِأَيِّ آلاَءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ * كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ "

قال الحسن وعامة المفسرين: هنّ في صفاء الياقوت وبياض المرجان
شبههن في صفاء اللون وبياضه بالياقوت والمرجان،
ويدل عليه ما قاله عبدالله أن المرأة من النساء
أهل الجنة لتلبس عليها سبعين حلة من حرير فيرى بياض ساقيها من ورائهن ذلك
بأن الله يقول كأنهن الياقوت والمرجان، ألا وإن الياقوت حجر لو جعلت
فيه سلكا ثم استصفيته نظرت إلى السلك من وراء الحجر

دار

المرأة من أهل الجنة لو اطلعت

إلى الأرض أضاءت كل شئ

ومن شدة جمال نساء الجنة وحسنهنّ الذي خلقهنّ الله تعالى عليه ووصفهنّ به ،
أنّها إذا اطلعت الواحدة منهن إلى الأرض أضاءت ما بين السماء والأرض
ويكون ضوءُها كضوء الشمس .

فعن أنس بن مالك، أن رسول الله قال:

"لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها ،

ولقاب قوس أحدكم ، أو موضع قدم من الجنة خير من الدنيا وما فيها ،

ولو أن امرأة اطلعت إلى الأرض من نساء أهل الجنة لأضاءت ما بينهما ،

ولملأت ما بينهما ريحا ، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها" .

الغدوة : الذهاب، والروحة: المجيء.القاب: القَدْر.

فقال أبو معمر:قاب القوس،من مقصبة إلى رأسه،ولكل قوسٍ قابان.

الراوي: أنس بن مالك المحدث:الترمذي – المصدر:سنن الترمذي – الصفحة أو الرقم: 1651
خلاصة حكم المحدث: صحيح

هذا غيض من فيض ما أعده الله للنساء من النعيم في الجنة

من كتاب للشيخ

ماجد إســــلام البنكاني

دار

دار

مامات من نشر الفضيلة والتقى ……. وأقام صرحا أسه لا يكسرُ
مامات من غمر الأنام بعلمه …… الكتب تشهد والصحائف تخبر

دار

مـوضــوع رائـــــــع غاليتي
جزاكِ الله خير الجزاء
جَزَاكَ الْلَّهُ خَيْرٌ غَلَاتِي
أَسْأَلُ الْلَّهَ أَنْ يُبَارِكَ فِيْكَ وَيَجْعَلْ مَاخَطَّتْهُ أَنَامِلُكِ شَافِعٍ لَكِ
تْسْلمْينْ وُلَآ خَلْآ وُلَآ عَدَمِ،،

اللهم اكتبنا من نساء الجنة ..
شكرا لك يا اختي الغالية على هذا الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا

دار

اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة طموحي داعية

دار

دار

مامات من نشر الفضيلة والتقى ……. وأقام صرحا أسه لا يكسرُ
مامات من غمر الأنام بعلمه …… الكتب تشهد والصحائف تخبر


دار

مـوضــوع رائـــــــع غاليتي
جزاكِ الله خير الجزاء
جَزَاكَ الْلَّهُ خَيْرٌ غَلَاتِي
أَسْأَلُ الْلَّهَ أَنْ يُبَارِكَ فِيْكَ وَيَجْعَلْ مَاخَطَّتْهُ أَنَامِلُكِ شَافِعٍ لَكِ
تْسْلمْينْ وُلَآ خَلْآ وُلَآ عَدَمِ،،


شعاع خافت .. أتى لِـ يضيء قاربي

وليواصل الإبحار مع أحرفي

أفخر بتواجدكِ في ثنايا صفحاتي

شكري وامتناني

دار

قد يهمك أيضاً:

اقتباس : المشاركة التي أضيفت بواسطة كلمة صدق

دار

اللهم اكتبنا من نساء الجنة ..
شكرا لك يا اختي الغالية على هذا الموضوع الرائع
جزاك الله خيرا

دار

اللهم آمين ..

ولكِ الشكر انتي أيضا غاليتي لروعة وجودكِ في صفحتي

قد يهمك أيضاً:

جزاكِ الله خيرا على موضوعكِ الجميل
اللهم اجعلنا من اهل الجنة
دوما متميزة باختياراتك
سلمت يمنياكِ
جزاكِ الله الفردوس الاعلى

.برنامج أمراض الأمة . للشيخ محمد حسان بجوده عالية فيديو 2024.

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

نبذه عن برنامج أمراض الأمة

دار

هو معايشة لواقع الأمة الأسلامية الأليم التى تمر بها الأن ويقوم فضيلة الشيخ محمد حسان بتشخيص الداء بدقة وأمانة وأيضا توضيح الدواء من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم فهما شرقت الأمة وغربت لابد وحتما أن تعود إلى هذا الدواء فمن أعظم البلاء أن نتجاهل عن الداء وأن نتغافل عنه وألا نبحث عن الدواء وهو بين أيدينا فما أشقى من تغافل عن داءه وأعرض عن دواءه ولم يسعى فى شفاءه فظل فى ضنكه وشقاءه وكل ذلك بأسلوب ميسر وجميل جدا كما عودنا فضيلة الشيخ محمد حسان فى كل دروسه ومحاضرات

برنامج أمراض الأمة

لفضيلة الشيخ محمد حسان حفظه الله

دار

دار

دار

دار

مقدمة لبرنامج أمراض الأمة
بين فضيلة الشيخ محمد حسان و الأستاذ عاطف عبد الرشيد
29 شعبان 1445 هـ
12 / 9 / 2024 م
المقدمة بجودة عالية

******************

الحلقة الأولى
1 رمضان 1445 هـ
13 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
كرامة الأمة
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الثانية
2 رمضان 1445 هـ
14 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
الشرك
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الثالثة
3 رمضان 1445 هـ
15 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
السحر
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************
الحلقة الرابعة
4 رمضان 1445 هـ
16 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
أهمال النفس وعدم تزكيتها
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************
الحلقة الخامسة
5 رمضان 1445 هـ
17 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
الربا
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************
الحلقة السادسة
6 رمضان 1445 هـ
18 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
الغفلة
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت

******************
الحلقة السابعة
7 رمضان 1445 هـ
19 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة
التقصير فى الدعوة
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الثامنة
8 رمضان 1445 هـ
20 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
ضعف الهمة
ملحوظة هامة
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

ملحوظة هامة
تم أعادة حلقتين سابقتين فى يوم 9 و 10 رمضان

******************

الحلقة التاسعة
11 رمضان 1445 هـ
23 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
الهزيمة النفسية
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة العاشرة
12 رمضان 1445 هـ
24 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
إضاعة الوقت
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الحادية عشر
13 رمضان 1445 هـ
25 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
إنحراف الشباب
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الثانية عشر
14 رمضان 1445 هـ
26 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
ضعف اليقين

جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الثالثة عشر
15 رمضان 1445 هـ
27 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
ضعف الثقة
جودة عالية ممتازة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة الرابعة عشر
16 رمضان 1445 هـ
28 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
العجلة وعدم التأنى
الحلقة بجودة عالية
رابط صوتى

******************

الحلقة الخامسة عشر
17 رمضان 1445 هـ
29 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
ضعف الأيمان
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت

******************
الحلقة السادسة عشر
18 رمضان 1445 هـ
30 / 9 / 2024 م
موضوع الحلقة :
التعرض للفتن
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة السابعة عشر
19 رمضان 1445 هـ
1 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
أهمال العلم
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت mp3
رابط صوت wma

******************

الحلقة الثامنة عشر
20 رمضان 1445 هـ
2 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
هجر القرأن
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة التاسعة عشر
21 رمضان 1445 هـ
3 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
تجاهل السنن الربانية

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
جودة متوسطة
رابط صوت

******************

الحلقة العشرين
22 رمضان 1445 هـ

4 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :

الوهن
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
جودة متوسطة
رابط صوت Mp3
رابط صوت Wma

******************
الحلقة الواحد والعشرين
23 رمضان 1445 هـ
5 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
الأستهانة بالكلمة

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
جودة متوسطة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

******************

الحلقة الثانية والعشرين
24 رمضان 1445 هـ
6 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
القذف

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

******************

الحلقة الثالثة والعشرين
25 رمضان 1445 هـ
7 / 10 / 2024 م

موضوع الحلقة :
النفاق
جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

******************

الحلقة الرابعة والعشرين
26 رمضان 1445 هـ
8 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
النفاق 2

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة متميزة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

******************

الحلقة الخامسة والعشرين
27 رمضان 1445 هـ
9 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
النفاق 3

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3 جودة عالية
رابط صوت mp3 جودة متوسطة

******************
الحلقة السادسة والعشرين
28 رمضان 1445 هـ
10 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
القتل

الحلقة بجودة عالية
الحلقة بجودة متوسطة
رابط صوتى

******************
الحلقة السابعة والعشرين
29 رمضان 1445 هـ
11 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
تسويف ( تأجيل ) التوبة

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

******************

الحلقة الثامنة والعشرين والأخيرة
30 رمضان 1445 هـ
12 / 10 / 2024 م
موضوع الحلقة :
فقد الأمل

جودة عالية ممتازة
جودة أعلى من متوسطة
رابط صوت wma
رابط صوت mp3

دار

تم بحمد الله

دار
دار

واقع الأمة وكيد العلمانيين والكفار – الشيخ سعد بن عبدالله البريك 2024.

واقع الأمة وكيد العلمانيين والكفار – الشيخ سعد بن عبدالله البريك

دار

الحمد لله وبعد:

لا تزال تقلبات الجزر والمد تعصف بالأمم, وما برحت الأيام تجري بين الناس دولاً, ولا يزال الزمن في أهله قُلب والحياة أدوار وأطوار، فالقوي لا يستمر أبد الدهر قوياً، والضعيف لا يبقى مدى الحياة ضعيفاً، وما هذه المداولة والأدوار وما تلك التقلبات والأطوار إلا ليجري الله حكمته من الابتلاء والتمحيص والتمييز (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ) [آل عمران: 140].

وأمة الإسلام اليوم تعيش انحطاطاً وتخلفاً لم تعرفه من قبل، فالذل والصغار والخذلان يتنشقه المسلمون صباح مساء فضلاً عن الاحتلال العسكري وإراقة الدماء وتناثر الأشلاء وانتهاك الأعراض واستباحة المقدسات؛ مع عجز وشلل وقلة حيلة عند أمة تجاوزت المليار.
ناهيك عن اكتوائها بنار التبعية للأخطبوط الغربي الذي يستمتع بخيراتها وثرواتها من الذهب والنفط ومصادر الطاقة.
لقد تعرضت هذه الأمة منذ بزوغ فجرها للعديد من الأزمات والتحديات سواء من داخلها أو من خارجها, بدءاً بحروب الردة مروراً بالحروب الصليبية ثم الغزو المغولي ثم الاستعمار الأوربي لدول العالم الإسلامي, ولكن التاريخ شهد زوال الجميع وبقاء الإسلام, ويعيد التاريخ نفسه في أيامنا هذه, ونرى واقع الأمة الإسلامية الأليم والحق أنه واقع لا تاريخي لا يمكن أن يسجل في تاريخ أمتنا الإسلامية الذي عجَّ بالأمجاد والانتصارات. لقد عاش المسلمون أربعة عشر قرنًا، وقوى الكفر لم تغفل عنهم، فقد ولد الإسلام في قلب التحدي, والمخططات جاهزة معدة لتدميره والقضاء على أهله. وقد أنذرنا القرآن الكريم من ذلك وحذّرنا في أكثر من موضع من أن نغفل عن مواجهة التحديات، وأن نتقاعس عن حماية ثغورنا ومقدراتـنا, وفي أكثر من موقف خلال تاريخ الأمة كان العدو قادرًا على اقتحام ثغورها, وتدمير قواها, وتفريق وحدتها, ولكنها باعتصامها بدينها ردَّ الله عنها وكفاها شر أعدائها (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ) [محمد: 7]
إن إعراض المسلمين عن دينهم وضعف فقههم في أمور دنياهم أدى إلى تخلفهم. فعن طريق راحة الكسول وبسبب قلة العلم وانتشار الجهل, وباسم الزهد قعدوا وتكاسلوا حتى أصبحوا من القافلة في ذيلها, وبدعوى التوكل عطلوا العقل، وبدعوى الاستسلام للقدر هجروا العمل. عزلوا أنفسهم عن فقه الحياة المستقى من قوله تعالى (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا ) [البقرة: 200]، فبرزت دعوات إلى التواكل وترك العمل, وهذا تحريف وجهالة وبعد عن الفهم الصحيح للإسلام ؛ فالزهد لا يكون في المفقود، ولكنه في الموجود، أي أن تُوجِد حضارة وثروة وإمكانيات ثم لا تتعلق بها، بل تسخّرها في مصالح الأمة بعيداً عن الأثرة والأنانية. فليس الزهد أنك لا تملك شيئاً ولكن الزهد أن لا يملكك شيء.

لقد أصر الأعداء على تمزيق هذه الأمة ووضعوا خططاً لتفريقها وتداعوا لنهب حقوقها وقتل روح الدين والعزة فيها، تسلطوا على الشعوب والديار منذ ما يزيد على قرنين من الزمن ومزقوا الأرض قطعا، وصيروا الأهل شيعا, وفرضوا مناهج من التربية والتعليم مَسَخت العقل والفكر، فسادت ثقافة أفسدت السلوك والخلق، فلا ديناً حفظت ولا دنيا أقامت. في كثير من البقاع يعاني المسلمون أصناف الشقاء الغذاء غير موجود، والعمل غير ميسور، نفوسهم محطمة وآمالهم تائهة, بعد أن فقدوا الآباء والأمهات والأبناء والأزواج والقريب والعشير في مذابح جماعية وحمامات دم لا تعرف الرحمة ولا الشفقة, تمد إليهم كسرة الخبز وقطعة الكساء وجرعات الدواء، ملطخة بدم الأب والقريب, ومغلفة بغلاف المسخ من حقوق الإنسان.

إن الغرب في تقسيمه العالم الإسلامي ضمن اتفاقية سايكس بيكو نجح في إضعافه وجعله دولاً ودويلات متشرذمة ضعيفة, فبدأ باصطيادها واحدة تلو الأخرى فبدأ بفلسطين وثنى بأفغانستان ثم العراق, وها هو يتفرد بباكستان ويحاول تجريدها من أسلحتها النووية وصواريخها الاستراتيجية. ويضغط بكل قوة لمنع من تبقى من هذه الدول من امتلاك السلاح الضروري الذي تدافع به عن نفسها, بينما يقيم الجسور الجوية لدعم إسرائيل بأحدث التقنيات والمعدات اللازمة والكفيلة لتفوقها على جميع الدول الإسلامية. أما واقع الأمة مع نفسها, فلقد أصابها في كثير من ديارها خللٌ كبيرٌ في دينها واستمساكها بشرع ربها, وحكمت في كثيرٍ من البلاد القوانين الوضعية وأقصيت الشريعة الإسلامية واعتاضوا عن أخوة الإسلام بقوميات ضيقة، وتقوقعوا في قطع من الأرض محدودة فتصدع البنيان المرصوص، وانتشرت أدواء الجاهلية، افتتن مفكروهم وأصحاب الرأي فيهم بنماذج من الشرق والغرب في الفكر والسلوك، ولاحت لهم خيارات براقة كما تلوح للغريق القشة من اشتراكية، وتقدميةٍ وديموقراطية زعموا أنها طريق التقدم وسبيل الوحدة واستعادة المغتصبات، ولكنها فشلت الفشل الذريع، ولم يجني منها أهل الإسلام إلا الذل والهوان والفرقة والشتات وألوان الانحطاط والفساد والخذلان والهزائم. فضلاً عن ضعف التنمية وخلل الاقتصاد وتراجع الإنتاج، بل لقد أحكموا في أعناقهم ربقة التقليد والتشبه للعدو الكافر في آدابه وفنونه وغير المفيد من مناهجه وعلومه، فتبعوا سننهم حتى دخلوا جحر الضب الخرب, تقليدٌ واستخذاء، أفسدوا رجولة الرجال كما أفسدوا أنوثة النساء كل على حد سواء، وما درى هؤلاء المغفلون من أبناء قومنا أن هذا التقليد اللاهث ما هو إلا مشاكلةٌ تؤدي إلى اندماج الضعيف في القوي وضياع الحق وأهله، بل لقد أهلكتهم التبعية حتى أذهبوا أنفسهم وألغوا عقولهم، ووصل الحال في بعض البلاد أن اعتبر الانتساب إلى الإسلام والاستقامة عليه تهمة أو جريمة يؤاخذ عليها القانون. لقد بات العالم الإسلامي بتفرقه وانقسامه إلى عدد كبير من الوحدات السياسية لا يجمع بينها أية رابطة من أي نوع. اقتصادياتها مفكّكة, بينها فروق كبيرة في مستويات النمو والدخل, وأعداد السكان, وأحجام الأسواق, تنخرط في السوق العالمية وتواجه التحديات التي تطرحها تطورات النظام العالمي الجديد, بغير تنظيم اقتصادي يوحِّد جهودها, ويعبئ إمكاناتها, ويدعم قوتها التفاوضية إزاء التجمعات والتكتلات الاقتصادية الجديدة التي باتت تُشَكِّل أبرز ملامح النظام العالمي الجديد.

ومما زاد في واقع الأمة الأليم هجرة الأدمغة والعقول.
فغير خاف أن قدرة هذه الأمة على إنجاب العباقرة لا حدود لها, ولكن إبداع هؤلاء العباقرة يصب في نهر الحضارة الغربية.

ففي أمريكا وحدها نجد أن50% على الأقل من المخترعين والمبدعين في شتى مجالات العلوم والمعرفة هم من أصول إسلامية, لم يجدوا أمامهم سبيلاً سوى الهجرة إلى حيث هُيَّأت لهم أجواء حرية العمل وتيسير الحياة؛ فوجدوا ما يحتاجونه من أدوات وإمكانيات لتفريغ عبقريتهم التي أثمرت تلك الإنجازات الباهرة والمخترعات العظيمة التي قامت عليها الحضارة الغربية.
ولا يدري أحد إلى متى سيستمر هذا الاستنزاف لعقول أبنائنا التي تشكل كنوزاً من الذكاء والعبقرية, لا تقل أهمية عن ثروات النفط والذهب والثروة المعدنية.
تقول الإحصائيات أن صادرات العالم الإسلامي تشكل في الأغلب والأعم السلع الخام غيــر المصنعــة أو نصف المصنعة وتباع بأسعار زهيدة, وتبقى مستودعًا وتابعًا للدول الصناعية وفي نفس الوقت عالمًا مستهلكاً, وبذلك تزيد الفجوة بين العالمين بين العالم الإسلامي المستهلك والعالم الصناعي المنتج ومالك التقنية والثروة.

ولا تقتصر معاناة الأمة من أعدائها في الخارج بل إن أعداء الداخل أشد فتكاً بها وأشرس عداوة, إنهم قوم يظهرون الإسلام ويبطنون الكفر والإلحاد (وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ) [البقرة: 14].
ليس للدين قيمة في حياتهم, فلا يحلون حلالاً ولا يحرمون حراماً، همهم وغايتهم خلخلة ثوابت المجتمع الإسلامي ووحدته وتكاتفه والقضاء على الطهر والعفاف, ووأد شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستبدال كل ذلك بالقطيعة والتفرق والإباحية ونشر الرذيلة في المجتمع الإسلامي، وتسخير ما في أيديهم من وسائل إعلامية لتحقيق مخططاتهم.
يجعلون الدين وتعاليمه سخرية يتلاعب بها كتابهم، بل ولربما أظهروا سنن المصطفى -عليه الصلاة والسلام- كاللحية وغيرها بصورة طرائف بأشكال كاريكاتيرية, لتنفير الناس عن الإسلام وعن هدي النبي -صلى الله عليه وسلم-.
إنما تظهر معادن الناس ويتميز الصادق من الكاذب والمخلص من المنافق في الفترات العصيبة والأزمات.
فأهل العلم والعقل والحجى يلتفون حول ولاة أمرهم إذا حزبت الأمور, يشدون أزرهم ويناصحوهم ويبينوا لهم مكامن الخلل ومواطن الزلل بصدق وولاء ومحبة وطاعة امتثالاً لأمر الله وأمر رسوله -صلى الله عليه وسلم-.
أما أهل العلمنة والتغريب فإنهم في الأزمات يجعلون منابرهم الإعلامية منصات لإطلاق صواريخ تضرب في كل اتجاه, وتستهدف الاستقرار والوحدة والثوابت والطهر والعفاف وكل مظاهر الخير في المجتمع, مستغلين الظروف لشن حرب شرسة على الدين والقيم والهوية.

لقد وصلت الجرأة بهم إلى أن ينادي بعضهم بوجوب استبدال أحكام الحلال والحرام, مع أن الحلال والحرام هما من أهم الأمور التي جعلها الله سبباً للحفاظ على حياة الناس.

فالحياة الإنسانية منذ أن وجد الإنسان على هذه الأرض, تدور على قاعدة الحلال والحرام, ولولا هذه القاعدة لهلك الإنسان وانمحى العمران.
وبعض هؤلاء يذهب إلى القول بأن ما يمنع الشعوب الإسلامية من التجديد والتحديث والتطوير والاختراع هو المناهج الدراسية, متجاهلاً أن الدين لا يمانع من التجديد بل إنه يدعو إليه, ويحض عليه من خلال الاجتهاد وإعمال العقل, وتلاقح الآراء والأفكار مع الغير، بل إن الإسلام نفسه عندما جاء ؛ جاء بجديد، وإذا كان الله تعالى قد أكمل الدين كما جاء في قوله تعالى ( الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ ) [المائدة: 3], فإنه لم يقل أنه قد أكمل لنا العلم أو المعرفة, بل إن القرآن الكريم مليء بالآيات التي تدعو إلى التفكر والنظر والتأمل والبحث والاستكشاف, ولم يقل أحد من علماء المسلمين أن باب الاجتهاد قد أغلق, أو أن الحجر على العقل يعد ضرورة شرعية، كما لم ترد آية واحدة في القرآن تذم العقل أو المتعقلين.

إن فصل الدين عن الدولة يشكل حجر الزاوية في الفكر العلماني, وبضاعة العلمانيين في موقفهم من الدين مزجاة وقليلة ورديئة ولو أنهم أنصفوا مع أنفسهم ونظروا بعقلانية رشيدة إلى الإسلام الذي ولدوا في حجره, ونشأوا في كنفه, لتحولوا من الهجوم عليه إلى الدفاع عنه, فالإسلام لم يوجِد أي عداء بين العقل والوحي, أو بين الوحي والعلم، ولقد نزل قوله تعالى (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) [العلق: 1], قبل قوله تعالى (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ) [البقرة: 43],
فالعلم هو قاعدة الدين والدنيا جميعاً, والوحي إنما جاء لإرشاد العقل وتسديده. والمسلمون أخذوا العلوم على أنها يكمل بعضها بعضاً, فقد حفظوا القرآن وجودوه ودرسوه ونشروه في كل مكان, وأنشأوا الكتاتيب في المساجد وفي البيوت, ثم بنوا المكتبات وصنفوا وترجموا الكتب الكثيرة, وإلى جانب ذلك كانوا يبنون المراصد الفلكية والمستشفيات واخترعوا الآلات العلمية الكثيرة, ولم يعادوا تراث الأمم السابقة, أو الأمم المعاصرة لهم, ولم يعملوا بعقلية الصدام بين الحضارات, بل تواصلوا معهم علمياً وفكرياً وثقافياً, فقد ترجم العرب كتباً عن اليونانية الهندية والصينية وعن لغات أخرى كثيرة, ولم يفرضوا ثقافتهم أو علومهم على الآخرين, بل تركوا الباب مفتوحا لمن أراد أن يتعلم أو ينقل من هذه العلوم دون ضن أو إكراه.

ومن الحرب النفسية التي يشنها العلمانيون ضد الإسلام والمسلمين, ما قاله أحدهم من أننا لسنا أنداداً للغرب, حتى نطالب الغرب بأن يعاملنا من موقع الندية, إن ثقافتنا للأسف تغالط إذ تضعنا في هذا الموقف, والحقيقة أننا لسنا بهذا الوزن الذي يضعنا في مواجهة الغرب لأن الثقافة الإسلامية هزمت في المعركة منذ وقت طويل.

إنه من الواضح أن العلمانيين يتكلمون عن شيء غير الإسلام, ولكن عداوتهم للإسلام ورغبتهم في عزله عن حياة الناس جعلتهم يقصدونه بسهامهم المسمومة بوعي وبدون وعي, ولكنهم لن يصلوا إلى تحقيق أهدافهم (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ ) [فاطر: 43], فالإسلام أكبر منهم ومن أشياعهم في الماضي والحاضر والمستقبل (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) [التوبة: 32، 33].

إن هذا التيار العلماني يبرر لسياسة الاستعلاء لدى الغرب التي تجعله يتجاهل الهويات والخصوصيات ويسعى إلى فرض ثقافته على العالم, ومن الخطأ أن نقيس تقدم الأمم بتفوقها التكنولوجي أو المالي أو حتى الثقافي فحسب؛ ونتجاهل سائر شعوب العالم وما أدته وتؤديه هذه الشعوب من رسالة حضارية إنسانية, ولا سيما المسلمون الذين كان هم الفضل الأكبر في وضع قواعد الحضارة المعاصرة ولا يزالون يدعمونها بفاعلية وبطرق ووسائل مختلفة.

إن العلمانيين في نعيقهم إنما يريدون أن يشغلوا الأمة عن أمجادها الماضية, وعن محاولاتها للخروج من هذه الأزمة ليدخلوها في متاهة عبثية, أو في جدلية مستفزة ومستنزفة من نوع جديد يتسق مع وسائل الحصار الجديدة التي تدفع الأمة نحوها دفعاً, وهم بذلك يحسبون إنهم يحسنون صنعا (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا) [الكهف: 103، 104].

إن ما أصاب المسلمين من ذل وهوان بعد عز ومجد, إنما سببه ابتعادهم عن هذا الدين بعد أن قلبوا له ظهر المجن, واستبدلوه بنفايات الغرب وحثالة أفكار المشركين التي لم تزدهم إلا ضعفاً.
لقد نجح الغزو الفكري الغربي بالتأثير على الكثرة الكاثرة من المسلمين، وساقهم إلى الانسلاخ عن دينهم إلا من رحم الله منهم.
وآثار هذا الغزو الفكري القبيح أوضح من أن تذكر, وحسبك من ذلك أنك تجد أكثر شبابنا وأبناء جلدتنا الذين يتكلمون بألسنتنا, قد أقبلوا بوجوههم شطر حظيرة الغرب, واشرأبت أعناقهم إليها, وتاقت نفوسهم إلى الانكباب عليها ولعق قاذوراتها والتعرض لعدواها واستجلاب أمراضها, ساعدهم في ذلك هوى متبع, وجهل بالإسلام، وثمن بخس زهيد في طلب متاع الدنيا الفانية باعوا به عزتهم وكرامتهم وأمتهم. وإن مما ينذر بالخطر أن طلائع هذا الغزو وصلت إلى مناهج التعليم في كثير من بلاد الإسلام, وبدأ هذا الأخطبوط في مد أذرعه المسمومة إلى هذا المعقل الحصين, فأفسد وأتلف وغير وبدل, فحري بأمة الإسلام أن تحفظ هذا المعقل من السقوط وأن تبرز للمسلمين حقيقة الإسلام وخصائصه. وكم هو غنيٌ بالحقائق والخصائص, ومع كل هذا المكر وهذا الكيد، فإن الله -عز وجل- حافظ دينه ومعلٍ كلمته, ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون. فأمل المؤمن بربة متصلٌ ليس مبنياً على سراب، وليس أماني عجزة ولا تسالي يائسين، ولكنه حرص على ما ينفع واستعانة بالله، وبراءة من العجز والكسل وبعدٌ عن اللوم والتلاوم, فإن الفأل الجميل والأمل العريق جزٌ من عقيدة المؤمن.

لقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا سمع أسماء مثل: نجيح وراشد، يُسَرُّ ويعظم أمله في ربه لينجح في مقصده، ويرشد في أمره، وكان يعجبه الفأل، ويكره الطيرة والتشاؤم، وهذا التفاؤل الذي يؤمن به المؤمن ويدعو إليه المخلص ليس تفاؤل التغافل، ولكنه تفاؤل مع إدراك واقع الأمة في ضعفها الحقيقي في نفسها وقوتها واقتصادها والتصارع الداخلي فيما بينها، وهو في ذات الوقت تفاؤل لا يعمى عن مكر الأعداء وسعي بني قومهم ضد هذه الأمة والتهوين من أمرها؛ ليملؤوا صدورهم على أمة الإسلام غيظاً وحقداً، إن تفاؤل المؤمن منطلق من عقيدته بأن الإسلام لا ينام وليس له أن ينام فهو دين الله الخالد، وهو دين الله المحفوظ، وإذا قصر فيه أقوام استبدل الله غيرهم (وَإِن تَتَوَلَّوْاْ يَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ ثُمَّ لاَ يَكُونُواْ أَمْثَـالَكُم).

إن الأمة وقد مرت بمراحل الضعف والهوان وذاقت من الذل ألوان وتجرعت من القهر كيزان أو جربت حلولاً ومخارج باءت بالفشل، وزادت من الهزائم والضياع، إن الأمة وقد مرت بكل ذلك, قد بدأت تعود لوعيها، وتوقن أن الحل في إسلامها، بل توقن عين اليقين وحق اليقين وعلم اليقين بأنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فهذه المساجد التي كانت خاليةً في بعض البلاد إلا من شيخٍ هرم أو رجلٍ همل أو يائس قعيد، تعاظم روادها، وصلاة الجماعة تكاثر مقيموها، عمرت بيوت الله بالشباب والكهول والشيوخ في حرصٍ على السنة وفقه في العبادة وخشوع في الأداء واستمساك في أداء الحشمة والعفاف والحجاب, ومن البشائر صيحات النداءات المتعالية لتطبيق شرع الله على عباد الله في شؤونهم كافة، والتخلص من تحكيم الدساتير البشرية، وقبل ذلك وبعده فإن المسلمين رغم واقعهم الأليم، ورغم ضعفهم الظاهر فإنهم رقمٌ محسوب في السياسة الدولية.

إن الحرب العسكرية والإعلامية على الإسلام ورجاله ودياره دليل كبير على تعاظم قوته وشعور الأعداء بخطره.
إن كل قذيفة توجه وكل يدٍ تغتصب وكل جرحٍ ينزف مطارق وموقظات توقظ الأمة من غفلتها، وتوجهها نحو الصحيح من مسارها ومسيرتها.
لا زالت الجماهير المسلمة التي تعرضت لكل أنواع المسخ وغسل المخ، تعود إلى رياض دينها وتستعصي أن ترضى بالدنية من دينها، ما أثمر العنف الدولي إلا عنفاً أشد منه، ولم تزد شراسة الأعداء وعصية الغلاظ إلا استمساكاً بالدين وقناعة بالحق. لقد كتب الله عز وجل لهذه الأمة البقاء إلى أن تقوم الساعة، فهي أفضل الأمم على الإطلاق ( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ).

لها القيادة والسيادة في الدنيا, وهذا تكليف وتشريف لم تنله أمة من قبل, فهو تشريف من الله حيث اختار هذه الأمة من دون الأمم الأخرى لتقود العالم أجمع.
فأي شرف بعد هذا؟
وأي عز بعد ذاك؟.
وهو كذلك تكليف؛ لأنها مسؤولية عظيمة ومهمة جسيمة تحتاج إلى بذل وعطاء, وتضحية بسخاء لكي تؤدي هذه الأمة ما أسند إليها من تلك المهمة. فيا لعلو المكانة, ويا لثقل الأمانة.

ولمعرفة دور الأمة الريادي ليرفع كل واحد منا رأسه وليخرق حجب التاريخ ثم لينظر ويتأمل فيما فعله الآباء والأجداد في سابق العصور وما قدموا لهذه الدنيا على مر الدهور.
لقد أخرجوا الناس من ظلمات الكفر والشرك إلى نور التوحيد, ونشروا العدل بين الناس وأشاعوا العلم وفاقوا أهل الدنيا في علومهم حتى تعلمت كل الحضارات منهم وأصبحت تنهل من علومهم. هكذا تقدمت تلك الأمة في كل مجالات الحياة بعد أن ضحى المسلمون في سبيل دينهم بكل شيء.
وهل هناك تضحية أعظم من روح يجود بها صاحبها راضياً مطمئناً بل فرحاً مسروراً.

مـن ذا الـذي رفع السـيوف ليرفع *** اسمك فوق هامات النجوم فخارا
كنا جبـالاً في الجبال وربمـا *** سـرنا على مـوج البحـار بحـارا
لم نخـش طاغوتـا يحاربنـا ولو ***نصب المنايـا حولنـا أسـوارا
ورؤوسنا يا رب فـوق أكفنـا *** نرجــو ثوابـك مغنمـاً وجـوارا
ندعو جهارا لا إله سوى الـذي *** خلـق الوجـود وقـدر الأقــدارا
كنا نرى الأصنام من ذهــب فنهدمهــا ***ونهـدم فوقهـا الكفـارا
لو كان غير المسلمين لحازها ذهبـا ***وصـاغ الحلـي والدينـارا
وكأن ظل السيف ظل حديقـة خضـراء *** تنبت حولهـا الأزهـارا

إن هذه الأمة أكرم الأمم قاطبة عند الله -عز وجل-, كما جاء في حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده مرفوعاً : "إنكم تُتِمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله".
وهذه الخيرية ما جاءت إلا عن طريق الدين والشرع, لأن دين هذه الأمة وشريعتها أكمل الشرائع, فاكتسبت هذه الأمة هذه الخيرية. فلهذا لا غرابة من محاولة أعداء الدين من الخارج وأذنابهم العلمانيين من الداخل, أن يحاولوا أن يضعفوا تمسك الناس بالشريعة.
كما جاءت خيرية هذه الأمة من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وكلما قوى هذا الجانب في الأمة, زاد ذلك من خيريتها على باقي الأمم.
ولهذا يعلم المنافقون والعلمانيون بأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إذا انتشر وتمكَّن فإنه لا مُقام لهم في الأرض, ولهذا يسعون جادين في التضييق على هيئاته وأصحابه بكل سبل التضييق.
فخيرية هذه الأمة بدينها وشرعها, وإلا لو تساوينا معهم في المعصية، لكانت الغلبة لهم علينا بالقوة.

إن هذه الأمة أمة الغيث كما وصفها وشبهها الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالمطر الذي ينتفع به الناس فقال: "ومثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خيرٌ أم آخره" رواه الترمذي وغيره وهو صحيح.

فهذه الأمة أمة الغيث لا يدري أوله خير أم آخره, لأن الغيث كله خير وفي كله خير, في أوله وفي وسطه وفي آخره, فكل نوبة من نوبات المطر لها فائدة في النماء لا يمكن إنكارها.
فكذلك هذه الأمة, كل فرد من أفرادها بمقدوره أن ينفع وأن يقدم الكثير لأمته ولدينه ولو لم يكن بمقدوره إلا أن يتمسك بدينه ويربي من تحت يده على ذلك لكان في هذا خيراً كثيراً.

أيها المسلمون: إن أعداءكم لا يخشون على أنفسهم إلا من دينكم ولا يخيفهم إلا إسلامكم، وإن الإسلام خير لهم لو كانوا يعلمون, ولكنهم يأبون إلا أن يبعدوا الإسلام من المواجهة، لأنه الحل الحاسم، والعلاج الشافي لأمراض الأمة كلها، عقيدة تنطلق منها مناهج التربية والتعليم لتنشئة أبناء المسلمين تنشئة تعيد فيهم بناء الثقة بدينهم وبأنفسهم فتمتلئ قلوبهم إيماناً تضيء جوانحهم هدىً ونوراً هذه معالم في طريق الإصلاح وهو طريق ليس باليسير ولكنه جليّ واضح وهو الطريق الوحيد ولا طريق غيره عرف ذلك العدو قبل الصديق.
إن المستعرض لتاريخ الخلفاء الراشدين وسيرة لسلف الصالح ليجد فيها من المواقف التي تبين مقدار اتباعهم لدينهم وتمسكهم بسنة نبيهم صلى الله عليه وسلم لا يحيدون عنها, مما جعلهم في عز وتمكين ففتحوا بلاد العالم ونشروا العلم والدين وأقاموا شعائره في مشارق الأرض ومغاربها (الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 41], ولن تعود الأمة الإسلامية إلى ذلك المجد والعز والتمكين إلا بالسير على نفس الخطى وعلى نفس المنهج الذي سار عليه الصحابة -رضي الله عنهم-.

إن هذه الأمة لا تزال بخير ما دامت خلف علمائها, فحاجتها إليهم فوق كل حاجة، فهم مصابيح الدجى وعلامات الهدى, فلولاهم كانت ظلاما بأهلها، وهم فيها بدور وأنجم، فالعلماء في الناس كالشمس للدنيا والعافية في الناس, فما لهم من خلف ولا عنهم من عوض، فالناس لا يعرفون كيف يعبد الله إلا ببقاء العلماء، فإذا مات العلماء تحير الناس واندرس العلم وظهر الجهل والنفاق. ففي صحيح البخاري من حديث عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء [أي بوفاتهم]، حتى إذا لم يبق عالما اتخذ الناس رؤوساء جهالا فسُئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا".

الأرض تحيا إذا ما عاش عالمها *** متى َيمُتْ عالم منها يَمُتْ طرف
كالأرض تحيا إذا ما الغيث حل بها *** وإن أبى عاد في أكنافها التلف

إن الدنيا بغير اهل العلم همود وجمود، وإذا أقفرت الديار من الرجال فهي إلى الوراء تتقهقر، ومن الوجود تتلاشى, وإذا نامت الأمة شق إيقاظها وعسر بعثها إلا بعد أجيال وأجيال.
فإلى العلماء الرجوع عند التباس الأمر وخفائه، فما حكموا به فهو المقبول المسموع فكتاب الله عدتهم والسنة حجتهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم قدوتهم.
فحق العلماء على الأمة أن تجود لهم بثقتها، وأن تكون مطواعة لأمرهم ذائدة عنهم, مضحية بالنفس والمال إذا دعوها إلى التضحية، وأن تكون ملبية لندائهم، إذا ما دعوها لما فيه صلاحها ورشدها. وانظروا أيها المسلمون حال الأمة اليوم لما خرجت عن هدي علمائها، وجعلت قدواتها فنان أو راقصة أو مغن, وصارت مراكز النفوذ والقوة فيها لأذناب القردة والخنازير، انظروا كيف تردّت فانتشرت فيها المنكرات، وأنكر فيها المعروف، واتهم الدين وأهله، وحُورب فيها الإسلام باسم الإسلام، وضيّعت حدود الله وأحكامه، ونخر اليهود والنصارى والمنافقون في جسم الأمة نخراً، ثم أغاروا عليها بخيول الإعلام الهدام، وسلاح العولمة الفتاك, فإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

إن الواجب على أمة الإسلام -والفتن تمد أعناقها- أن يكونوا صفًا وحدًا، مجتمعَ الكلمة، أمام رياح التغيير التي تهب على العالم، والتي تتمنى تغيير عقيدة أهل الإسلام، والنيل من شريعته، وقيمهم الدينية وأخلاقهم، وثوابتهم ومناهجهم، فدينكم الإسلامي يوجب الاجتماع والائتلاف، ويحرم عليكم الفرقة والاختلاف، قال الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ) [آل عمران: 103], وقال تعالى: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46].

الله الله في التوبة الصادقة من كل ذنب, فإن سبب كل خير في الدنيا والآخرة هو طاعة الله عز وجل، وسبب كل شر وعقوبة في الدنيا والآخرة معصية الله، والتوبة من الذنوب تُكثر الخير وتقلل الشر، وما أهلك الله الأمم الخالية إلا بكثرة عصاتها، وقلة الطائعين فيها، وقد تكون معصية فرد واحد سببًا في هلاك أمة، فقد أهلك الله ثمود بقتل واحد منهم الناقة، وفتك الطاعون ببني إسرائيل بين ظهراني موسى وهارون -عليهما السلام- لما وقع بعض بني إسرائيل في الزنا، قال الله تعالى عن الأمم الهالكة (فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) [العنكبوت: 40].

وفي حديث زينب بنت جحش -رضي الله عنها- قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "ويل للعرب من شر قد اقترب، فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه". وحلق بين الإبهام والسبابة، قالت: يا رسول الله، أنهلك وفينا الصالحون؟!
قال: " نعم، إذا كثر الخبث ".

رواه البخاري ومسلم.
فلا ينبغي التهوين من شأن التوبة، فهي المخرج في الشدائد، فما نزل بلاء إلا بذنب، وما رفع إلا بتوبة.
واعتصموا ـ
معشر المسلمين بكتاب ربكم وسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم,
فهما نور لكم في الظلمات، وهداية من الضلالات. واعلموا أن رياح التعيير لا تهبُّ عليلةً دون كدرٍ أو قتر، كما أنها لا يمكن أن تهبَّ إلا من داخل صفِّ المسلمين أنفسهم، ومستقبل المسلمين لا يمكن أن يصنعَه من لا يخاف الله ولا يؤمن بشِرعته، بل لا بد أن يصنعَه المسلمون أنفسُهم انطلاقاً من شِرعتهم الغرّاء، وخارجاً عن إطار القوميَّات والإقليميات والعبِّيَّات الجاهلية، وأن المسلمين متى ما أرَوا اللهَ من أنفسهم صدقاً في التصحيح وعَلِم الله فيهم خيراً في حسن المقصد وصدق اللجوء إليه مهما كان الواقع الأليم الذي يعيشونه ويعانون فيه الأمرَّين، فإن ذلك ليس بمانِعهم أن يقلبَ الله كربَهم فرجًا، وترحَهم فرحًا.

والحمد لله رب العالمين

وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ ﴿171﴾ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ ﴿172﴾ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴿173﴾ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ﴿174﴾ وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴿175﴾ أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ ﴿176﴾ فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ ﴿177﴾ وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ ﴿178﴾ وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ ﴿179﴾ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ﴿180﴾ وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ ﴿181﴾ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴿182﴾

موضوع في غاية الأهمية
بصراحة موضوع يستحق القراءة
فلله دركِ على طرحكِ بارك الله فيكِ

اللهم أنصر ع
أمة محمد صلَّ الله عليه وسلم على أعدائها ، وردها إلى الإسلام رداً جميلاً
اللهم آمين .

شكر جزيلا للطرح القيم
ننتظر المزيد من ابداع مواضيعك الرائعه
تحيتي وتقديري لك
وددي قبل ردي …..!!
دار

أختي في الله
أجزل الله لك العطاء أنزلك منازل الصديقين والشهداء
في جنة رب رحيم قادر على ما يشاء ..
اللهم آمين

جوزيت من الخير اكثرهـ
ومن العطـاء منبعـه
لاحرمنـا البآريء وإيـاك ـأوسـع جنانـه
دمت بسعاده مدى الحياة

إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

"إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها دينها"

الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني – المصدر: صحيح أبي داود – الصفحة أو الرقم: 4291
خلاصة حكم المحدث: صحيح

الجواب :
الحمد لله
هذا الحديث من الأحاديث الصحيحة المشهورة ، يرويه الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال :
( إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )
رواه أبو داود (رقم/4291) وصححه السخاوي في "المقاصد الحسنة" (149)، والألباني في "السلسلة الصحيحة" (رقم/599)
والواجب على المسلم أن يؤمن بأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الصحيحة ، ويسلم بها، ولا يتردد بما جاء فيها ، فذلك من مقتضيات الإيمان بالرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) النساء/59.
قال مجاهد وغير واحد من السلف :
" ( فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ) أي : إلى كتاب الله وسنة رسوله ، وهذا أمر من الله عز وجل ، بأن كل شيء تنازع الناس فيه من أصول الدين وفروعه أن يرد التنازع في ذلك إلى الكتاب والسنة ، كما قال تعالى : ( وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ) الشورى/10، فما حكم به كتاب الله وسنة رسوله وشهدا له بالصحة فهو الحق ، وماذا بعد الحق إلا الضلال " انتهى من " تفسير القرآن العظيم " (2/345)
وقد فسر أهل العلم هذا الحديث التفسير الصحيح ، فقالوا : إن كلمة ( مَن ) ههنا اسم موصول تفيد الإطلاق ، فيحتمل أن يكون المجدد فردا ، ويحتمل أن يكون طائفة من الناس ، وبناء عليه فلا يلزم تتبع أسماء أفراد من العلماء في كل قرن والمفاضلة بينهم لتمييز المجدِّد فيهم ، فقد يكون كلهم ساهم في تجديد هذا الدين وبعثه في الأمة .
يقول الحافظ الذهبي رحمه الله :
" الذي أعتقده من الحديث أن لفظ ( مَن يُجَدِّدُ ) للجمع لا للمفرد " انتهى من " تاريخ الإسلام " (23/180)
ويقول ابن كثير رحمه الله :
" قال طائفة من العلماء : الصحيح أن الحديث يشمل كل فرد من آحاد العلماء من هذه الأعصار ممن يقوم بفرض الكفاية في أداء العلم عمن أدرك من السلف إلى من يدركه من الخلف ، كما جاء في الحديث من طرق مرسلةٍ وغير مرسلة ( يحمل هذا العلم من كل خلف عُدوله ، ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين ) وهذا موجود ولله الحمد والمنة إلى زماننا هذا ونحن في القرن الثامن " انتهى من "البداية والنهاية" (6/256)
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
" لا يلزم أن يكون في رأس كل مائة سنة واحد فقط ، بل يكون الأمر فيه كما ذكر في الطائفة ( يعني قد تكون جماعة ) وهو متجه ، فإنَّ اجتماع الصفات المحتاج إلى تجديدها لا ينحصر في نوع من أنواع الخير ، ولا يلزم أن جميع خصال الخير كلها في شخص واحد ، إلا أن يُدَّعى ذلك في عمر بن عبد العزيز ، فإنه كان القائم بالأمر على رأس المائة الأولى باتصافه بجميع صفات الخير وتقدمه فيها ، ومن ثم أَطلَقَ أحمد أنهم كانوا يحملون الحديث عليه ، وأما من جاء بعده فالشافعي – وإن كان متصفا بالصفات الجميلة – إلا أنه لم يكن القائم بأمر الجهاد والحكم بالعدل ، فعلى هذا كل من كان متصفا بشيء من ذلك عند رأس المائة هو المراد ، سواء تعدد أم لا " انتهى من "فتح الباري" (13/295)
وكذلك لا يلزم لانطباق وصف التجديد على شخص معين أن ينتصر الإسلام في زمانه ، وأن تكون الدائرة للدولة الإسلامية ، فقد يكون المجدد في مجال العلم وليس في مجال القيادة والسياسة ، بل قد يكون التجديد في جوانب دعوية أو تربوية ونحو ذلك ، فهذا هو مفهوم إطلاق قوله صلى الله عليه وسلم : ( يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا )
وبهذا الفهم لا يبقى – في ظننا – إشكال لدى السائل في فهم الحديث .
قالت اللجنة الدائمة :
" معنى قوله صلى الله عليه وسلم : ( يجدد لها دينها ) أنه كلما انحرف الكثير من الناس عن جادة الدين الذي أكمله الله لعباده وأتم عليهم نعمته ورضيه لهم دينًا – بعث إليهم علماء أو عالمًا بصيرًا بالإسلام ، وداعيةً رشيدًا ، يبصر الناس بكتاب الله وسنة رسوله الثابتة ، ويجنبهم البدع ، ويحذرهم محدثات الأمور ، ويردهم عن انحرافهم إلى الصراط المستقيم كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، فسمى ذلك : تجديدًا بالنسبة للأمة ، لا بالنسبة للدين الذي شرعه الله وأكمله ، فإن التغير والضعف والانحراف إنما يطرأ مرة بعد مرة على الأمة ، أما الإسلام نفسه فمحفوظ بحفظ كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم المبينة له ، قال تعالى : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) " انتهى .
عبد العزيز بن باز ، عبد الرزاق عفيفي ، عبد الله بن غديان ، عبد الله بن قعود
" فتاوى اللجنة الدائمة " (2/247-248)
ويقول العلامة حمود التويجري رحمه الله :
" وأما قصر الحديث على أشخاص معدودين في كل مائة سنة واحد منهم ؛ فهو بعيد جدا ، والحديث لا يدل على ذلك ؛ لأن لفظة ( مَن ) يراد بها الواحد ، ويراد بها الجماعة .
وعلى هذا فحمل الحديث على الجماعة القائمين بنشر العلم وتجديد الدين أولى من حمله على واحد بعد واحد منهم .

ويؤيده ما رواه ابن وضاح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه: أنه قال: الحمد لله الذي امتن على العباد بأن جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم ؛ يدعون من ضل إلى الهدى ، ويصبرون منهم على الأذى ، ويحيون بكتاب الله أهل العمى….إلى آخر خطبته رضي الله عنه .
فهذا يدل على أن التجديد يكون في جماعة من أهل العلم ، ولا ينحصر في واحد بعد واحد منهم " انتهى باختصار.
" إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة " (1/336)
والله أعلم .

الإسلام سؤال وجواب

اللهم أظهر لنا من يرشد البشريه الى ضالة الحق

اللهم آمين

لايسعني في هذا المقام الا ان اكن لك كل اعجابي على طرحك الرائع والمميز جدا

00واشكرك على ابداعك

دائما متألقة مع خالص الشكر والتقدير ..
دمتي بود ومحبة

دار

اسعدني مرورك
بارك الله فيك

جزاكِ الله خيرا غاليتي

حفظ الله علمائنا وبارك لنا فيهم ونفعنا بعلمهم

جزاك الله خير الجزاء
ونفع بما طرحتي
يعافيك الرحمن على الطرح القيم
إن شاء الله بميزان حسناتكِ
الله يجزيك عني وعن سائر المسلمين جنات النعيم
كل الشكر لكِ

اللهم اميييييين

جزيتم كل خير على مروركم الذي انار موضوعي