توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد 2024.

توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد
توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد
توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد

دار

عَن أبي هُريرةَ عَبدِ الرَّحمنِ بنِ صَخْرٍ رَضِي اللهُ عَنْهُ قالَ:
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يقولُ:
{مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ،
فَإِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ واخْتِلاَفُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ})
رواه البخاريُّ ومسلمٌ.

دار

الشرح للشيخ محمد بن عثيمين روحمه الله

أكثر النّاس لايعرفون اسم أبي هريرة رضي الله عنه،ولهذا وقع الخلاف في اسم راوي الحديث،
وأصحّ الأقوال وأقربها للصواب ما ذكره المؤلف رحمه الله أن اسمه:
عبد الرحمن بن صخر.
وكنّي بأبي هريرة لأنه كان معه هرّة قد ألفها وألفته، فلمصاحبتها إيّاه كُنّي بها.

قوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ
فَاجْتَنِبُوهُ النهي: طلب الكفّ على وجه الاستعلاء، يعني أن يطلب منك من هو فوقك – ولو باعتقاده – أن تكفّ، فهذا نهي.

ولهذا قال أهل أصول الفقه: النهي طلب الكفّ على وجه الاستعلاء ولو حسب دعوى الناهي، يعني وإن لم يكن عالياً على المنهي.

ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم أعلى منّا حقيقة.

مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوْهُ الجملة شرطية، فـ: (ما) اسم شرط، و: (نهيتكم) فعل الشرط،
و: (فاجتنبوه)
جواب الشرط، وقرنت بالفاء لأنها إحدى الجمل المنظومة في قول القائل:

إسمية، طلبية، وبجامدٍ وبما وقد وبلن وبالتنفيس

والجملة التي معنا طلبية لأنها فعل أمر.

فَاجْتَنِبُوهُ أي ابتعدوا عنه، فكونوا في جانب وهو في جانب.

وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوْا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ هذه الجملة أيضاً شرطية، فعل الشرط فيها: (أمرتكم به) وجوابه: (فأتوا منه ما استطعتم)
يعني افعلوا منه ما استطعتم، أي ما قدرتم عليه.

والفرق بين المنهيات والمأمورات: أن المنهيّات قال فيها: فَاجْتَنِبُوهُ ولم يقل ما استطعتم

ووجهه: أن النهي كف وكل إنسان يستطيعه وأما المأمورات فإنها إيجاد قد يستطاع وقد لا يستطاع،

ولهذا قال في الأمر: فأتُوا مِنْهُ مَا استَطَعتُمْ
ويترتب على هذا فوائد نذكرها إن شاء الله تعالى في الفوائد، لكن التعبير النبوي تعبير دقيق.

فَإِنَّمَا (إن) للتوكيد، و(ما) اسم موصول بدليل قوله: (كثرة) على أنها خبر (إن) أي فإن الذي أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم.
ويجوز أن تجعل (إنما) أداة حصر، ويكون المعنى: ما أهلك الذين من قبلكم إلا كثرة مسائلهم.

وقوله: الَّذِيْنَ مِنْ قَبْلِكُمْ يشمل اليهود والنصارى وغيرهم، والمتبادر أنهم اليهود والنصارى
كما قال الله عزّ وجل: (وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ )(المائدة: الآية5)

وذلك أن الأمم السابقة قبل اليهود والنصارى لا تكاد ترد على قلوب الصحابة، فإن نظرنا إلى العموم
قلنا المراد بقوله: مِنْ قَبْلِكُمْ جميع الأمم، وإن نظرنا إلى قرينة الحال قلنا المراد بهم: اليهود والنصاري.

واليهود أشدّ في كثرة المساءلة التي يهلكون بها
ولذلك لما قال لهم نبيهم موسى عليه السلام: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ) (البقرة: الآية67)
جعلوا يسألون: ما هي؟ وما لونها؟ وما عملها ؟ .

وقوله: كَثْرَةُ مَسَائِلِهِمْ جمع مسألة وهي: ما يُسأل عنه.
وَاخْتِلافُهُمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ يعني وأهلكهم اختلافهم، ويجوز فيها أن تكون مجرورة
أي وكثرة اختلافهم على أنبيائهم، وكلا الأمرين صحيح.
ولكن الإعراب الأول يقتضي أن مجرد الاختلاف سبب للهلاك
وأما على الاحتمال الثاني فإنه يقتضي أن سبب الهلاك هو
كثرة الاختلاف.

وقوله: عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ وذلك بالمعارضة والمخالفة
وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم في الإمام:" إِنَّمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤتَمَّ بِهِ فَلاَ تَخْتَلِفُوا عَلَيْهِ" [85]
ولم يقل: فلا تختلفوا عنه،
وهكذا في هذا الحديث قال: اختلافهم على أنبيائهم ولم يقل:عن أنبيائهم، لأن كلمة (على)
تفيد أن هناك معارضة للأنبياء.

دار

من فوائد هذا الحديث:
.1وجوب الكفّ عما نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله: مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ.

.2أن المنهي عنه يشمل القليل والكثير، لأنه لا يتأتّى اجتنابه إلا باجتناب قليله وكثيره، فمثلاً: نهانا عن الرّبا فيشمل قليله وكثيره.

.3أن الكفّ أهون من الفعل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في المنهيات أن تُجتنب كلّها،لأن الكفّ سهل.
فإن قال قائل: يرد على هذا إباحة الميتة والخنزير للمضطر، وإذا كان مضطراً لم يجب الاجتناب؟
فالجواب عن هذا أن نقول: إذا وجدت الضرورة ارتفع التّحريم، فلا تحريم أصلاً، ولهذا كان من قواعد أصول الفقه:
(لا محرم مع الضرورة، ولا واجب مع العجز)
إذاً هذا الإيراد غير وارد.
فلو قال لنا قائل: (فاجتنبوه) عام فيشمل اجتناب أكل الميتة عند الضرورة.
فنقول: لايشمل، لأنه إذا وجدت الضرورة ارتفع التحريم.

هل يجوز فعل المحرّم عند الضرورة أم لا؟
والجواب: أنه يجوز لقول الله تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ) (الأنعام: الآية119)
فمن اضطر إلى أكل الميتة جاز له أن يأكل منها، ومن اضطر إلى أن يأكل لحم الخنزير جاز له أن يأكل لحم الخنزير وهكذا .
ومن اضطر إلى شرب الخمر جاز له شرب الخمر
ولكن الضرورة إلى شرب الخمر تصدق في صورة واحدة وهي: إذا غصّ بلقمة وليس عنده إلا خمر فإنه يشربه لدفع اللقمة،
وأما شرب الخمر للعطش فلا يجوز، قال أهل العلم: لأن الخمر لايزيد العطشان إلا عطشاً فلا تندفع به الضرورة.

وإذا اضطر شخص إلى محرّم فهل له أن يزيد على قدر الضرورة؟
بمعنى: إذا حل له أكل الميتة فهل له أن يشبع، أو نقول له: اقتصر على ماتبقى به الحياة فقط؟

والجواب: ذكر بعض العلماء: أنه يجب أن يقتصر على ما تبقى به الحياة فقط، ولا يشبع.
والصحيح التفصيل في هذا: فإن كان يعلم أو يغلب على ظنه أنه سيحصل على شيء مباح قريباً
فليس له أن يشبع إلا إذا كان معه شيء يحفظ به اللحم إن احتاجه أكله فهنا لا حاجةللشبع، بل يكون بقدر ما تندفع به الضرورة.

* وما هي الضرورة إلى المحرّم؟
الضرورة إلى المحرم هي: أن لا يجد سوى هذا المحرّم، وأن تندفع به الضرورة،وعلى هذا فإذا كان يجد غير المحرّم فلا ضرورة،
وإذا كان لاتندفع به الضرورة فلا يحلّ.

– فأكل الميتة عند الجوع إذا لم يجد غيرها تندفع به الضرورة.

– والدواء بالمحرّم لا يمكن أن يكون ضرورة لسببين:

أولاً: لأنه قد يبرأ المريض بدون دواء، وحينئذ لاضرورة.

ثانياً: قد يتداوى به المريض ولايبرأ، وحينئذٍ لا تندفع الضرورة به، ولهذا قول العوام: إنه يجوز التداوي بالمحرّم للضرورة قول لا صحّة له،
وقد نص العلماء – رحمهم الله – على أنه يحرم التداوي بالمحرّم.

.4-أنه لا يجب من فعل المأمور إلا ما كان مستطاعاً، لقوله: وَمَا أَمرْتُكُمْ بِهِ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ

فإن قال قائل: هل هذه الجملة تفيد التسهيل، أو التشديد، ونظيرها قوله تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: الآية16)

فالجواب: لها وجهان: فقد يكون المعنى: لابد أن تقوموا بالواجب بقدر الاستطاعة وأن لا تتهاونوا مادمتم مستطيعين.

ويحتمل أن المعنى: لاوجوب إلا مع الاستطاعة، وهذا يؤيده قوله تعالى: (لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا)(البقرة: الآية286)

ولهذا لو أمرت إنساناً بأمر وقال: لا أستطيع، وهو يستطيع لم يسقط عنه الأمر.

.5أن الإنسان له استطاعة وقدرة ، لقوله: مَا استَطَعْتُمْ فيكون فيه رد على الجبرية الذين يقولون إن الإنسان لا استطاعة له
لأنه مجبر على عمله، حتى الإنسان إذا حرّك يده عند الكلام، فيقولون تحريك اليد ليس باستطاعته ، بل مجبر
ولا ريب أن هذا قول باطل يترتب عليه مفاسد عظيمة.

.6أن الإنسان إذا لم يقدر على فعل الواجب كله فليفعل ما استطاع.
ولهذا مثال: يجب علىالإنسان أن يصلي الفريضة قائماً، فإذا لم يستطع صلى جالساً.

وهنا سؤال: لو كان يستطيع أن يصلي قائماً لكنه لا يستطيع أن يكمل القيام إلى الركوع
بمعنى: أن يبقى قائماً دقيقة أو دقيقتين ثم يتعب ويجلس
فهل نقول: اجلس وإذا قارب الركوع فقم، أونقول: ابدأ الصلاة قائماً وإذا تعبت اجلس؟

الجواب:هذا فيه تردد عندي،
لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين أخذه اللحم كان يصلي في الليل جالساً فإذا بقي عليه آيات قام وقرأ ثم ركع[86]
.
وهذا يدلّ على أنك تقدم القعود أولاً ثم إذا قاربت الركوع فقم.

لكن يردّ على هذا أن النفل يجوز أن يصلي الإنسان فيه قاعداً، فقعد، فإذا قارب الركوع قام.

والفريضة الأصل أن يصلّي قائماً، فنقول: ابدأها قائماً ثم إذا تعبت فاجلس، وربما تعتقد أنك لا تستطيع القيام كله، ثم تقدر عليه،
فنقول: ابدأ الآن بما تقدر عليه وهو القيام، ثم إن عجزت فاجلس، وهذا أقرب.

لكني أرى عمل الناس الآن في المساجد بالنسبة للشيوخ والمرضى، يصلي جالساً فإذا قارب الركوع قام، ولا أنكر عليهم
لأني ليس عندي جزم
أو نص بأنه يبدأ أولاً بالقيام ثم إذا تعب جلس، لكن مقتضى القواعد أنه يبدأ قائماً فإذا تعب جلس.

.7لاينبغي للإنسان إذا سمع أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول: هل هو واجب أم مستحبّ؟
لقوله: فَأْتُوا مِنْهُ مَا استَطَعْتُمْ ولا تستفصل، فأنت عبد منقاد لأمر الله عزّ وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.

لكن إذا وقع العبد وخالف فله أن يستفصل في أمره،لأنه إذا كان واجباً فإنه يجب عليه التوبة، وإذا كان غير واجب فالتوبة ليست واجبة.

.8أن ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم أو نهى عنه فإنه شريعة، سواء كان ذلك في القرآن أم لم يكن،
فُيعمل بالسنة الزائدة على القرآن أمراً أو نهياً.

هذا من حيث التفصيل،لأن في السنة ما لا يوجد في القرآن على وجه التفصيل، لكن في القرآن ما يدل على وجوب اتباع السنة،
وإن لم يكن لها ذكر في القرآن مثل قول الله تعالى: (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ )(النساء: الآية80)
ومثل قول الله تعالى: ( فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ )(الأعراف: الآية158)

فالقرآن دلّ على أن السنة شريعة يجب العمل بها،سواء ذكرت في القرآن أم لا.

.9أن كثرة المسائل سبب للهلاك ولاسيّما في الأمور التي لايمكن الوصول إليها مثل مسائل الغيب كأسماء الله وصفاته
وأحوال يوم القيامة،لاتكثر السؤال فيها فتهلك،وتكون متنطّعاً متعمّقاً.

وأما مايحتاج الناس إليه من المسائل الفقهية فلا حرج من السؤال عنها مع الحاجة لذلك، وأما إذا لم يكن هناك حاجة.
فإن كان طالب علم فليسأل وليبحث، لأن طالب العلم مستعدٌ لإفتاء من يستفتيه.
أما إذا كان غير طالب علم فلا يكثر السؤال.

.10أن الأمم السابقة هلكوا بكثرة المساءلة، وهلكوا بكثرة الاختلاف على أنبيائهم.

.11التحذير من الاختلاف على الأنبياء، وأن الواجب على المسلم أن يوافق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام
وأن يعتقدهم أئمة وأنهم عبيد من عباد الله، أكرمهم الله تعالى بالرسالة، وأن خاتمهم محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم
أرسله إلى جميع الناس،وشريعته هي دين الإسلام الذي ارتضاه الله تعالى لعباده،وأن الله لايقبل من أحدٍ ديناً سواه
قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْأِسْلامُ)(آل عمران: الآية19) .
والله الموفق.

دار

[84] – أخرجه البخاري – كتاب: الاعتصام بالكتاب والسنة، باب: الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم، (6777)
ومسلم – كتاب: الفضائل، باب: توقيره صلى الله عليه وسلم، (1337)
.
[85] – أخرجه البخاري – كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، (378)،
ومسلم – كتاب: الصلاة، باب: ائتمام والمأموم بالإمام، (411)، (77)
.
[
86] – أخرجه البخاري – كتاب: الصلاة، باب: الصلاة في السطوح والمنبر والخشب، (378)،
ومسلم – كتاب: الصلاة، باب ائتمام المأموم بالإمام، (411)،(77).

دار

توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد
توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد
توضيح حديث النهي عن كثرة السؤال والتشدد

دار

جزاكِ الله خيرا وبارك فيكِ
موضوع مهم ويستحق القراءة
وتنسيق جذاب وملفت
يريح القارئ
في ميزان حسناتك إن شاء الله
شكراً لكِ

النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة‎ 2024.

رب اغفر لي ولوالدي، رب ارحمهما كما ربياني صغيرا

عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَادَ رَجُلًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ قَدْ خَفَتَ فَصَارَ مِثْلَ الْفَرْخِ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:"هَلْ كُنْتَ تَدْعُو بِشَيْءٍ أَوْ تَسْأَلُهُ إِيَّاهُ؟". قَالَ: نَعَمْ كُنْتُ أَقُولُ: اللَّهُمَّ مَا كُنْتَ مُعَاقِبِي بِهِ فِي الْآخِرَةِ فَعَجِّلْهُ لِي فِي الدُّنْيَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "سُبْحَانَ اللَّهِ! لَا تُطِيقُهُ، أَوْ لَا تَسْتَطِيعُهُ، أَفَلَا قُلْتَ: اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ؟قَالَ: فَدَعَا اللَّهَ لَهُ فَشَفَاهُ.

أخرجه ابن أبى شيبة (6/43 ، رقم 29340) ، وأحمد (3/107 ، رقم 12068) ، والبخارى فى الأدب المفرد (ص 253 ، رقم 727 ) ، ومسلم (4/2068 ، رقم 2688) ، والترمذى (5/521 ، رقم 3487) وقال : حسن صحيح غريب . والنسائى فى الكبرى (6/260 ، رقم 10892) ، وأبو يعلى (6/429 ، رقم 3802) ، والبيهقى فى شعب الإيمان (7/237 ، رقم 10147) . وأخرجه أيضًا : عبد بن حميد (ص 411 ، رقم 1399) ، وابن حبان (3/217 ، رقم 936). قال الإمام النووي في "شرح صحيح مسلم": قَوْله: ( خَفَت مِثْل الْفَرْخ ) أَيْ : ضَعُفَ. وَفِي هَذَا الْحَدِيث: النَّهْي عَنِ الدُّعَاء بِتَعْجِيلِ الْعُقُوبَة. وَفِيهِ: فَضْل الدُّعَاء بِاَللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَة وَفِي الْآخِرَة حَسَنَة وَقِنَا عَذَاب النَّار. وَفِيهِ: جَوَاز التَّعَجُّب بِقَوْلِ: سُبْحَان اللَّه، وَفِيهِ: اِسْتِحْبَاب عِيَادَة الْمَرِيض وَالدُّعَاء لَهُ. وَفِيهِ: كَرَاهَة تَمَنِّي الْبَلَاء لِئَلَّا يَتَضَجَّر مِنْهُ وَيَسْخَطهُ، وَأَظْهَرُ الْأَقْوَال فِي تَفْسِير الْحَسَنَة فِي الدُّنْيَا أَنَّهَا الْعِبَادَة وَالْعَافِيَة, وَفِي الْآخِرَة الْجَنَّة وَالْمَغْفِرَة, وَقِيلَ: الْحَسَنَة تَعُمّ الدُّنْيَا وَالْآخِرَة.

دار

اللَّهُمَّ آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ
شكرا لك وجزاك الله الف خير
دار

دار
نوورتي

الإعجاز العلمي في النهي عن الغضب 2024.

بسم الله الرحمن الرحيم

الإعجاز العلمي في النهي عن الغضب
مقدمة

الحمد لله الذي بحمده تتم الصالحات، والصلاة والسلام على من أخبرنا بما كان وما هو آت:
وبعد:
فإن الغضب حالة شائعة بين الناس وهو بينهم لا يكاد يجهله أحد ولكنه مبغوض ومساوئه أكثر من محامده لأنه داء وليس بدواء في أكثر الأحايين وكما قيل: «فإن الغضب عدو العقل، وهو له كالذئب للشاة قلَّ ما يتمكن منه إلا اغتاله, والغضب من الصفات التي ندر أن يسلم منه أحد بل تركه بالكلية صفة نقص لا كمال والغضب ينسي الحرمات، ويدفن الحسنات ، ويخلق للبريء جنايات»(1).

قال ابن تيمية – رحمه الله تعالى-: «ما تجرع عبد جرعة أعظم من جرعة حلم عند الغضب، وجرعة صبر عند المصيبة، وذلك لأن أصل ذلك هو الصبر على المؤلم، وهذا هو الشجاع الشديد الذي يصبر على المؤلم، والمؤلم إن كان مما يمكن دفعه أثار الغضب, وإن كان مما لا يمكن دفعه أثار الحزن، ولهذا يحمر الوجه عند الغضب لثوران الدم عند استشعار القدرة، ويصفر عند الحزن لغور الدم عند استشعار العجز»(2).

«والغضب يترتب عليه تغير الباطن والظاهر، كتغير اللون والرعدة في الأطراف، وخروج الأفعال على غير ترتيب، واستحالة الخلقة، حتى لو رأى الغضبان نفسه في حالة غضبه، لسكن غضبه؛ حياءً من قبح صورته، واستحالة خلقته، هذا في الظاهر، وأما في الباطن فقبحه أشد من الظاهر؛ لأنه يولد حقداً في القلب، وإضمار السوء على اختلاف أنواعه، بل قبح باطنه، متقدم على تغير ظاهره، فإن تغير الظاهر ثمرة تغير الباطن، فيظهر على اللسان الفحش والشتم، ويظهر في الأفعال بالضرب والقتل، وغير ذلك من المفاسد» (3) .

ولم يكتف صلى الله عليه وسلم بالنهي عن هذه الآفة، وبيان آثارها، بل بين الوسائل والعلاجات التي يستعين بها الإنسان على التخفيف من حدة الغضب، وتجنب غوائله.

والغضب كما سيأتي تعريفه حالة من التوتر تنتاب الإنسان، يختلف في قوته من إنسان لآخر، سأتناوله بشيء من التفصيل من جهة ما ورد في شرعنا في أسباب حصوله وكيفية معالجته، وأيضا فإني سأذكر ما توصل إليه العلم الحديث من كيفية معالجته للوصول بالقارئ إلى وجه الإعجاز الناشئ من التطابق الكبير بين ما وصفه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل أربعة عشر قرناً وبين ما توصل إليه أرباب العلم التجريببي، ومن هنا فسيكون البحث مقسماً على النحو التالي:

– تعريف الغضب.
– النصوص الواردة في ذم الغضب.
– أنواعه وأسبابه ودرجاته.
– النصوص الواردة في علاج الغضب من خلال الهدي النبوي.
– آثار الغضب على الجسم من منظور علمي.
– الغضب الصريح والغضب المكبوت.
– علاج الغضب في العصر الحديث.
– وجه ا لإعجاز.

تعريف الغضب:

كلمة ( الغضب ) يدرك معناها الصغير ، والكبير بلا تكلف أو تعب فتوضيح الواضحات – كما يقال – من الفاضحات ، وقد يزيده غموضا وإشكالا، إلا أنني هنا أذكر تعريف الغضب متبعا فيها الطريقة المنهجية التي أسير عليها في أبحاثي، حيث عَرَّف الغضبَ جمعٌ من علماء اللغة وغيرهم ، فاختلفت العبارات ، واتفقت الثمرة، قال المناوي –رحمه الله تعالى –: «والغضب كيفية نفسانية وهو بديهي التصور »(4).

و قال القرطبي -رحمه الله تعالى- " والغضب في اللغة: الشدة ، ورجل غضوب أي شديد الخلق ، والغضوب الحية الخبيثة ؛ لشدتها, والغضبة: الدرقة من جلد البعير يطوى بعضها على بعض سميت بذلك لشدتها" (5).

وقال ابن رجب -رحمه الله تعالى- «والغضب هو غليان دم القلب المؤذي عنه خشية وقوعه أو طلبا للانتقام ممن حصل له منه الأذى بعد وقوعه»(6) , وقيل في معناه: تغيُّر يحصل عند فوران دم القلب ليحصل عنه التشفي في الصدر,
وقيل: الغضب إرادة الإضرار بالمغضوب عليه(7).

دار
دار

النصوص الواردة في ذم الغضب

جاء ذم الغضب صراحة مرة، وضمنا أخرى، وبصيغة الترغيب في ترك الغضب ثالثة، في عدة آيات من القرآن الكريم، وفي سنة نبينا عليه الصلاة والسلام وفيما يلي ذكر بعض من تلك النصوص:
1. في القرآن الكريم:

قال تعالى: { وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ } [الشورى: 37]، وقال تعالى: { الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134].

2. في السنة النبوية المطهرة:
عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(8). قوله ليس الشديد بالصرعة – بضم الصاد وفتح الراء- الذي يصرع الناس كثيراً بقوته والهاء للمبالغة بالصفة، وقال ابن بطَّال في الحديث أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة(9).

وعن معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من كظم غيظاً وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق يوم القيامة حتى يخيره من الحور العين فيزوجه منها ما شاء"(10).

وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم أوصني قال: ( لا تغضب ), فردد مرارا قال: ( لا تغضب)(11), قال الخطابي: معنى قوله (لا تغضب) اجتناب أسباب الغضب وألا تتعرض لما يجلبه ، وأما نفس الغضب فلا يتأتى النهي عنه لأنه أمر طبيعي لا يزول من الجبلة, وقال غيره: ما كان من قبيل الطبع الحيواني فلا يمكن دفعه، وما كان من قبيل ما يكتسبه بالرياضة فهو المراد, وقيل: لا يفعل ما يأمرك به الغضب، ولعل السائل كان غضوباً، وكان النبي صلى الله عليه و سلم يأمر كل أحد بما هو أولى به، فلهذا اقتصر في وصيته له على ترك الغضب، فللغضب مفاسد كبيرة ، ومن عرف هذه المفاسد عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه وسلم ( لا تغضب ) من الحكمة واستجلاب المصلحة في درء المفاسد(12).

أنواعه وأسبابه ودرجاته:

ولئلا تختلط على القارئ المعاني فيعتقد أن كل الغضب مذموم فيصير بالرياضة والمجاهدة بليدا لا يعرف معروفا ولا ينكر منكرا ولا يغضب لما يغضب لمثله العقلاء؛ لا بد إذن من بيان أنواع الغضب قبل بيان وجه الإعجاز فيه، ولذلك قيل أن الغضب محمود ومذموم ومباح ، فالمحمود غير داخل في موضوعنا هذا وأما المذموم والمباح فهو الذي نريد، ولكن للتمييز بينها كان لابد من هذا البيان:

1. الغضب المحمود: وهو الغضب للحق ولله، وذلك إذا انتهكت حرمات الله سبحانه. وعلى هذا تُحمل الأحاديث الواردة في غضبه صلى الله عليه وعلى آله وسلم، كما ورد في الحديث عن عائشة قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد في سبيل الله وما نيل منه شيء قط فينتقم من صاحبه إلا أن ينتهك شيء من محارم الله فينتقم لله عز وجل"(13).

2. الغضب المذموم: وهو الغضب للنفس والغضب للباطل. وعلى هذا تُحمل الأحاديث الواردة في النهي عن الغضب والتحذير منه.
3. الغضب المباح: وهو الغضب في غير معصية الله –تعالى- ولم يتجاوز حدَّه كأن يجهل عليه أحد, وكظمه هنا خير وأبقى ، قال ابن حبان –رحمه الله تعالى-: «والخلق مجبولون على الغضب ، والحلم معا ، فمن غضب وحلم في نفس الغضب فإن ذلك ليس بمذموم ما لم يخرجه غضبه إلى المكروه من القول والفعل على أن مفارقته في الأحوال كلها أحمد»(14).

وقد ينقسم الغضب باعتبار الحالة النفسية الظاهرة والباطنة إلى غضب صريح ومكبوت وهو الذي عبر عنه القرآن بالغضب المكظوم، قال تعالى: { وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ } [آل عمران: 134]، وبهذا الاعتبار يمكن أن نصير الغضب إلى نوعين هما الغضب الظاهر أو الصريح أو المعلن والآخر الغضب المكبوت أو المكظوم، ولا شك أن الله تعالى قد امتدح صاحب النوع الثاني ، قال ابن كثير: «أي لا يعملون غضبهم في الناس بل يكفون عنهم شرهم ويحتسبون ذلك عند الله عز وجل»(15).

أما أسبابه وبواعثه
فهي كثيرة جدا ولا يمكن حصرها، والناس متفاوتون فيها بشكل كبير فمنهم مَن يغضب لأمر تافه لا يُغضب غيره والعكس صحيح ، وإذا أضفنا له ما طرأ على الناس من أمراض نفسية حديثة ومشاكل عائلية واجتماعية، وضغوط خارجية كثيرة هي أكبر من طاقته بكثير ؛ سيتضح لنا بجلاء أسباب الغضب، إلا أنه من الممكن ذكر بعض أسبابه الرئيسية والعامة والتي يمكن من خلالها حصر بقية الأنواع تحتها وهي كالآتي:

1. العُجب: فالعجب بالرأي والمكانة والنسب والمال سبب للعداوة إن لم يُعقل بالدين وذلك برده ودفعه لأن العجب قرين الكِبْر وملازم له، وبالتالي يكون العجب من لوازم مسببات الغضب وباعث عليه.

2. المراء والجدل: فالمراء رائد الغضب وسلطان له لمن لم يحكم قبضته على لسانه حال الجدال، وهو أحد أهم أسباب الغضب إن لم يكن سبباً رئيسياً له.

3. المزاح: إن المـزاح بدؤه حلاوة لكن آخـره عـداوة، فتجد بعض المكثرين من المزاح يتجاوز الحد المشروع منه، إما بكلام لا فائدة منه، أو بفعل مؤذ قد ينتج عنه ضرر بالغ ثم يزعم بعد ذلك أنه كان يمزح؛ لذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم-: "لا يأخذن أحدكم متاع صاحبه جادا ولا لاعبا"(16).

4. بذاءة اللسان وفحشه: بشتم أو سب أو تعيير مما يوغل الصدور, ويثير الغضب ، وفي الحديث عن أبى الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير، أثقل شيء في ميزان المؤمن يوم القيامة حسن الخلق وإن الله ليبغض الفاحش البذيء" (17) .

5. ومن أسباب الغضب أيضا: الغدر وشدة الحرص على فضول المال والجاه قال الغزالي -رحمه الله تعالى- « ومن أشد البواعث عليه عند أكثر الجهال: تسميتهم الغضب شجاعة ورجولية وعزة نفس وكِبر همة»(18).

أما درجاته فيمكن تقسيمها إلى ثلاث حسب حال الغضبان ومقدماته فقد قسَّمه ابن القيم في كتابه طلاق الغضبان إلى ثلاثة أقسام، كالآتي:
1. أن يحصل له مبادئ الغضب، بحيث لا يتغير عقله، ويعلم ما يقول ويقصده.
2. أن يبلغ الغضب منتهاه، حتى أصبح لا يعلم ما يقول ولا ما يريده.
3. أن يتوسط حاله بين هاتين المرتبتين، بحيث لم يَصِرْ كالمجنون، كما أنه ليس في كامل عقله (19).

النصوص الواردة في علاج الغضب من خلال الهدي النبوي

قد سبق ذكر بعض نصوص الوحي في مجال ذم الغضب والآن نذكر بعض النصوص التي فيها بيان العلاج له، إذ أن الشرع الحكيم لم يترك لنا شيء من أمور الدين أو الدنيا إلا وبينها لنا قال تعالى: { مَّا فَرَّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ } [الأنعام: 38] وفي الحديث عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قيل له: "لقد علمكم نبيكم صلى الله عليه وسلم كل شيء حتى الخراءة، قال: أجل لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول وأن لا نستنجي باليمين وأن لا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار أو أن نستنجي برجيع (الرجيع نجس) أو عظم" (20), أضف إلى ذلك أن الله لم ينزل من داء إلا وأنزل معه دواء فكان لا بد من ذكر علاج الغضب والذي من خلاله يتبين لنا عندها وجه الإعجاز في موضوعنا هذا، وإليك النصوص مع التعليقات عليها:

1. عن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: " لو يقول أحدكم إذا غضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ذهب عنه غضبه" (21).

2. عن أبي ذر – رضي الله عنه – قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لنا: "إذا غضب أحدكم، وهو قائم، فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع"(22).

3. عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال: " علموا، ويسروا ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم، فليسكت"(23).

مما تقدم من النصوص يمكن أن نقسم أنواع العلاج النبوي إلى عدة أقسام كما يلي:
1. الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، وهي أسهل وسيلة وأسرعها في علاج الغضب وكظمه، ومن خلال استقراء الحالات التي شاهدتها أنا شخصيا أكاد أجزم بأن التعوذ من الشيطان الرجيم له سر عجيب وواضح للعيان، قال تعالى: { وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } [فصلت: 36] وعن ابن مسعود – رضي الله عنه – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم -: "لو يقول أحدكم إذا غضب: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم؛ ذهب عنه غضبه"(24).

2. السكوت وعدم الانتصار للنفس ، وهي وسيلة عظيمة لكنها تحتاج إلى شيء من المجاهدة الجسمانية ومراقبة الإنسان نفسه في حال الغضب ليستطيع تطبيقها، عن ابن عباس – رضي الله عنهما – عن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنه قال:" علموا، ويسروا ولا تعسروا، وإذا غضب أحدكم، فليسكت"(25)، قال ابن رجب -رحمه الله تعالى-:« وهذا أيضاً دواء عظيم للغضب ؛ لأن الغضبان يصدر منه في حال غضبه من القول ما يندم عليه في حال زوال غضبه كثيراً من السباب وغيره مما يعظم ضرره, فإذا سكت زال هذا الشر كله عنده، فهنيئا لمن امتثل هذه الوصية وعمل بها ولا شك أنها وصية جامعة مانعة لجميع المسلمين .

فإن قوله: "لا تغضب " يتضمن أمرين عظيمين:
أحدهما: الأمر بفعل الأسباب, والتمرن على حسن الخلق, والحلم والصبر, وتوطين النفس على ما يصيب الإنسان من الأذى القولي والفعلي, فإذا وفق لها العبد, وورد عليه وارد الغضب, احتمله بحسن خلقه, وتلقاه بحلمه وصبره.
الثاني: الأمر بعد الغضب أن لا ينفذ غضبه: بتطبيق أحد الوسائل أو جميعها، لأن الغضب غالبا لا يتمكن الإنسان من دفعه ورده, ولكنه يتمكن من عدم تنفيذه . فعليه إذا غضب أن يمنع نفسه من الأقوال والأفعال المحرمة التي يقتضيها الغضب(26).

قال الشيخ عبد الرحمن السعدي –رحمه الله تعالى- «هذا الرجل ظن أنها وصية بأمر جزئي, وهو يريد أن يوصيه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- بكلام كلي, ولهذا ردد, فلما أعاد عليه النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-, عرف أن هذا كلام جامع, وهو كذلك ؟»(27).

3. القيام للوضوء: وهذه الطريقة مجربة أيضا ونافعة جدا تعلمناها من نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فيها أثر بالغ في زوال الغضب واستئصاله، عن عطية قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: "إن الغضب من الشيطان، وإن الشيطان خلق من النار، وإنما تطفأ النار بالماء، فإذا غضب أحدكم فليتوضأ"(28)، والاغتسال بالماء البارد أو غسل الوجه واليدين به ، أحدث توصية طبية لها أثرها البالغ في تهدئة الجهاز العصبي . فالغضب يتولد من الحرارة العامة والتعرق والإحساس بالضيق ، ويأتي الماء البارد ليخفف من هذه الأعراض . والوضوء الذي وصفه النبي صلى الله عليه وسلم يضفي فوق ذلك شعوراً بالعبودية لله عند قيام الغاضب بهذا الفعل التعبدي ، يزيد من إحساسه بالأمن والرضى.

4. تغيير الحالة التي هو عليها: فإن كان قائماً فليجلس، وإلا فليضطجع؛ لما ورد في حديث أبي ذر – رضي الله عنه – قال: إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال لنا: "إذا غضب أحدكم، وهو قائم، فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع"(29)، وفي هذا إشارة إلى الأمر بالسجود وتمكين أعز الأعضاء من أذل المواضع لتستشعر به النفس الذل وتزيل به العزة والزهو الذي هو سبب الغضب .

5. الإكثار من ذكر الله تعالى قال تعالى: { الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ } [الرعد:28] فمن اطمأن قلبه بذكر الله تعالى كان أبعد ما يكون عن الغضب، قال عكرمة -رحمه الله تعالى -في قوله تعالى: { وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ } [الكهف:24] أي: إذا غضبت.

6. أن تعلم أن القوة في كظم الغيظ ورده ، وهذه قد تدخل في الثانية لأنها تحتاج إلى مجاهدة وصبر، عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: "ليس الشديد بالصُّرَعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب"(30)، قال ابن تيمية –رحمه الله تعالى –: «ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد »(31).

نجمل مما تقدم أن علاج الغضب يكون بواحدة من تلك الطرق المتقدمة أو بجميعها ولا مانع في ذلك ، كما نستطيع أن نقول أن بعضها عبارة عن طرق عملية بدنية كالوضوء وتغيير وضعية الجسم، وبعضها قولية كالتعوذ من الشيطان الرجيم والذكر ، وبعضها معنوية كالسكوت ومجاهدة النفس وتربيتها على ما ينفعها في معالجة الغضب وهي الوسيلة الأكثر أهمية في نظري ليستقيم بعدها حال الإنسان ويستريح من هذا الداء العضال.

آثار الغضب على الجسم من منظور علمي

أكد العلماء أن العديد من الاضطرابات النفسية تؤثر على الجسد، فالأمراض النفسية والضغوط الاجتماعية المزمنة تؤثر على مناعة الجسد ومقاومته للأمراض, وأن الضغوط النفسية قد تسهم في نشوء أمراض عضوية كالسكر والسرطان وأمراض القلب والجلطات، وغيرها من أمراض الغدد الصماء والاضطرابات الهرمونية والشيخوخة والهرم.

حيث يقوم الجهاز العصبي بالتحكم في بعض وظائف الأعضاء في الجسم كضربات القلب وضغط الدم وعمليات الهضم وجهاز المناعة والغدد الصم وتتصل معها اتصالا مباشرا وعندما يحدث أي خلل في عمل الجهاز العصبي بسبب الانفعالات النفسية سيؤدي إلى خلل في الأجهزة الأخرى مسببا الأمراض العضوية(32).

كما يؤدي تأثير الاضطراب النفسي على جهاز المناعة حيث تفرز الغدد الصماء هرمونات تزيد عن حاجة الجسم الطبيعي إليها أثناء الاضطراب النفسي مثل (الأدرينالين) و(النورابنيفرين) من نخاع غدة الأدرينال (جار الكلوية), ويقوم الإجهاد النفسي بصرف المدخرات التي كانت مخصصة لعمليات البناء في الجسم واستخدامها للدفاع عنه عند الحاجة مما يؤدي إلى ضعف في مناعة الجسم.

كما يزيد الضغط النفسي من نفوذية الشعيرات الدموية في المخ الذي يسمح بمرور الكثير من المواد الكيماوية إلى داخله مسبباً أعراضاً لا تحدث إلا بنفاذها مثل الصداع والغثيان والدوخة.

والإجهاد المتكرر يسبب ارتفاع ضغط الدم، ومع الزمن يؤدي إلى زيادة سمك الشرايين التي تحمل الدم إلى النصف الأمامي من المخ, الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث الجلطة أو سكتة دماغيه.

كما يؤدي تكرار حدوث الانفعالات النفسية غير السارّة إلى تعطيل وظائف جهاز الهضم مثل سوء الهضم وخلل في إفراز العصارة المعدية التي تعمل على تسهيل عملية الهضم, بل تؤدي أحيانا إلى تلف أنسجة الجسم كما هو الحال في القرحة الهضمية مثل قرحة المعدة وقرحة الإثني عشر والتهاب القولون(33).

إن الغضب المتكرر الذي يتعدى الحد المقبول يؤدي إلى الإضرار بشرايين القلب واحتمال الإصابة بأزمات قلبية قاتلة وخلل في جهاز المناعة الذي سببه العلاقة بين الانفعال الحاد والغدد الحيوية في الجسم التي تتقلص وتفرز عصارتها تحت تأثير أزمات نفسية خطيرة لتتعرض المواد الفعالة المنطلقة من إحدى هذه الغدد للضعف الشديد مما يؤدي إلى احتمال تحول الخلايا السليمة إلى خلايا سرطانية في غياب النشاط الطبيعي لجهاز المناعة(34).

إن الشعور بالغضب هو إثارة عاطفية تبتدئ بحماس قوي إما بتعبير حركي أو لفظي أو بميل عدواني يصعب في بعض الأحيان ضبطه والسيطرة عليه، ويعد الجسم هو موضع التبدلات الفسيولوجية والعصبية الملاحظة، فنرى في حال توسيع الشرايين احتقاناً بالوجه، أما في حال الانقباض فنرى شحوب في الوجه واصفراراً فيه، كما نرى سرعة في التنفس أو عرقاً يتصبب وهو التعبير الأخير للسلبية(35).

إن كان لديك اضطراب في نظم القلب فلا تغضب ، فهرمون الأدرينالين يمارس تأثيره على القلب فيسرع القلب في دقاته ، وقد يضطرب نظم القلب ويحيد عن طريقه السوي ، ولهذا فإن الانفعال والغضب يسببان اضطراباً في ضربات القلب وكثيراً ما نشاهد من يشكو من الخفقان في القلب حينما يغضب أو ينفعل.

وإن كنت تشكو من ارتفاع في ضغط الدم فلا تغضب لأن الغضب يرفع مستوى هذين الهرمونين في الدم ممل يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم ، والأطباء ينصحون المرضى المصابين بارتفاع ضغط الدم أن يتجنبوا الانفعالات والغضب .

وإن كنت مصاباً بمرض في شرايين القلب فلا تغضب لأنه يزيد من تقلُّص القلب وحركته، وقد يهيئ ذلك لحدوث أزمة في القلب، وإن كنت مصاباً بالسكَّري فلا تغضب: فإن الأدرينالين يزيد من سُكّر الدم، وقد ثبت علمياً أن هذه الهرمونات تنخفض بالاستلقاء(36).

إن الانفعالات الشديدة والضغوط التي يتعرض لها الإنسان كالخوف والغضب يحرض الغدة النخامية على إفراز هرمونها المحرض لإفراز كل من الأدرينالين والنور أدرينالين من قبل الغدة الكظرية، كما تقوم الأعصاب الودية على إفراز النور أدرينالين(37).

كما إن ارتفاع هرمون النور أدرينالين في الدم يؤدي إلى تسارع دقات القلب، وهذا ما يشعر به الإنسان حين الانفعال والذي يجهد القلب وينذر باختلاطات سيئة، فهو يعمل على رفع الضغط الدموي بتقبيضه للشرايين والأوردة الصغيرة ، كما أن الارتفاع المفاجئ للضغط قد يسبب لصاحبه نزفاً دماغياً صاعقاً يؤدي إلى إصابة الغضبان بالفالج ، وقد يصاب بالجلطة القلبية أو الموت المفاجئ ،وقد يؤثر على أوعية العين الدموية فيسبب له العمى المفاجئ، وكلنا يسمع بتلك الحوادث المؤلمة التي تنتج عن لحظات غضب(38).

هذا وإن ارتفاع النور أدرينالين في الدم يحرر الغليكوجين من مخازنه في الكبد ويطلق سكر العنب مما يرفع السكر الدموي ، إذ من المعلوم أن معظم حادثات الداء السكري تبدأ بعد انفعال شديد أو غضب . أما ارتفاع الأدرينالين فيزيد من عمليات الاستقلاب الأساسي ويعمل على صرف كثير من الطاقة المدخرة مما يؤدي إلى شعور المنفعل أو الغاضب بارتفاع حرارته وسخونة جلده.

كما ترتفع شحوم الدم مما يؤهب لحدوث التصلب الشرياني ومن ثم إلى حدوث الجلطة القلبية أو الدماغية، كما يؤدي زيادة الهرمون إلى تثبيط حركة الأمعاء ومن ثم إلى حدوث الإمساك الشديد ، وهذا سبب إصابة ذوي المزاج العصبي بالإمساك المزمن.

ويزداد أثناء ثورات الغضب إفراز الكورتيزون من قشرة الكظر مما يؤدي إلى زيادة الدهون في الدم على حساب البروتين ، ويحل الكورتيزون النسيج اللمفاوي مؤدياً إلى نقص المناعة وإمكانية حدوث التهابات جرثومية متعددة ، وهذا ما يعلل ظهور التهاب اللوزات الحاد عقب الانفعال الشديد ، كما يزيد الكورتيزول من حموضة المعدة وكمية الببسين فيها مما يهيئ للإصابة بقرحة المعدة أو حدوث هجمة حادة عند المصابين بها بعد حدوث غضب عارم.

وقد أثبتت البحوث الطبية الحديثة وجود علاقة وثيقة بين الانفعالات النفسية ومنها الغضب وبين الإصابة بالسرطان, وأكدت الدراسات أن الأشخاص الذين يعانون من انفعالات نفسية مريرة بصورة مستمرة يموتون بالسرطان باحتمال نسبي أكبر، فالانفعالات النفسية تولد اضطراباً هرمونياً خطيراً في الغدد الصماوية يؤدي إلى تأرجح في التوازن الهرموني بصورة دائمة ، هذا التأرجح يساعد على ظهور البؤرة السرطانية في أحد أجهزة البدن(39).

ويرى بعضهم أن التأثيرات التي تحصل في البدن نتيجة الغضب الشديد والذي يسبب فيضاً هرمونياً يؤدي إلى ما يشبه التماس الكهربائي داخل المنزل بسبب اضطرابات الدارة الكهربائية ، وما ينتج عن ذلك من تعطل في كافة أجزاء الدارة الكهربائية(40).

فقد كشف الطب الحديث أن هناك العديد من التغيرات التي يحدثها الغضب في جسم الإنسان ، فالغدة الكظرية التي تقع فوق الكليتين ، تفرز نوعين من الهرمونات هما هرمون الأدرينالين ، وهرمون النور أدرينالين ، فهرمون الأدرينالين يكون إفرازه استجابة لأي نوع من أنواع الانفعال أو الضغط النفسي ، كالخوف أو الغضب ، وقد يفرز أيضاً لنقص السكر ، وعادة ما يُفْرَز الهرمونان معاً .

إن إفراز هذا الهرمون يؤثر على ضربات القلب ، فتضطرب، وتتسارع ، وتتقلص معه عضلة القلب، ويزداد استهلاكها للأكسجين، والغضب والانفعال يؤدي إلى رفع مستوى هذين الهرمونين في الدم، وبالتالي زيادة ضربات القلب، وقد يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم، ولذلك ينصح الأطباء مرضاهم المصابين بارتفاع ضغط الدم أو ضيق الشرايين، أن يتجنبوا الانفعالات والغضب وأن يبتعدوا عن مسبباته، وكذلك مرضى السكر لأن الأدرينالين يزيد من سكر الدم .

كما ثبت علميا أن الغضب كصورة من صور الانفعال النفسي يؤثر على قلب الشخص الذي يغضب؛ كتأثير العدو أو الجري على القلب، وانفعال الغضب يزيد من عدد مرات انقباضاته في الدقيقة الواحدة فيضاعف بذلك كمية الدماء التي يدفعها القلب أو التي تخرج منه إلى الأوعية الدموية مع كل واحدة من هذه الانقباضات أو النبضات وهذا بالتالي يجهد القلب لأنه يقسره على زيادة عمله عن معدلات العمل الذي يفترض أن يؤديه بصفة عادية أو ظروف معينة إلا أن العدو أو الجري في إجهاده للقلب لا يستمر طويلا لأن المرء يمكن أن يتوقف عن الجري إن هو أراد ذلك أما في الغضب فلا يستطيع الإنسان أن يسيطر على غضبه لاسيما وإن كان قد اعتاد على عدم التحكم في مشاعره(41).

وقد ثبت علمياً – كما جاء في كتاب هاريسون الطبي – أن كمية هرمون النور أدرينالين في الدم تزداد بنسبة ضعفين إلى ثلاثة أضعاف عند الوقوف وقفة هادئة لمدة خمس دقائق ، وأما الأدرينالين فإنه يرتفع ارتفاعاً بسيطاً بالوقوف ، وأما الضغوط النفسية والانفعالات فهي التي تسبب زيادة مستوى الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فإذا كان الوقوف وقفة هادئة ولمدة خمس دقائق ، يضاعف كمية النور أدرينالين ، وإذا كان الغضب والانفعال يزيد مستوى الأدرينالين في الدم بكميات كبيرة ، فكيف إذا اجتمع الاثنان معاً الغضب والوقوف(42).

وقد لوحظ أن الإنسان الذي اعتاد على الغضب يصاب بارتفاع ضغط الدم ويزيد عن معدله الطبيعي حيث إن قلبه يضطر إلى أن يدفع كمية من الدماء الزائدة عن المعتاد المطلوب كما أن شرايينه الدقيقة تتصلب جدرانها وتفقد مرونتها وقدرتها على الاتساع لكي تستطيع أن تمرر أو تسمح بمرور أو سريان تلك الكمية من الدماء الزائدة التي يضخها هذا القلب المنفعل ولهذا يرتفع الضغط عند الغضب هذا بخلاف الآثار النفسية والاجتماعية التي تنجم عن الغضب في العلاقات بين الناس والتي تقوّض من الترابط بين الناس(43).

الصبر عند الامر بالمعروف والنهي عن المنكر 2024.

دار

دار
دار

من أهم الاعمال التناصح والتوجيه إلى الخير والتواصي بالحق والصبر عليه، والتحذير مما يخالفه ويغضب الله عز وجل اي القيام بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر عند رؤية أي عمل يخالف ماأمر الله به
فأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوع مهم لأن في تحقيقه مصلحة المسلمين ونجاتها، وفي إهماله الخطر العظيم والفساد الكبير، واختفاء الفضائل، وظهور الرذائل.

دار

وقد أوضح الله تعالى في كتابه منزلة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر في الإسلام، حتى إنه سبحانه في بعض الآيات قدمه على الإيمان، الذي هو أصل الدين وأساس الإسلام، كما في قوله تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ [آل عمران:110].

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض كفاية، و قدمه الله سبانه وتعالى على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، قال تعالى: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71].

دار

وعلى كل من يقوم بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر ان يتحلى بالصبر ويحتسب الاجر

ومن وفقه الله للصبر والاحتساب من العلماء والدعاة، والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر، والإخلاص لله، نجح ووفق وهدى ونفع الله به كما قال سبحانه وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ [الطلاق:2-3].

وقال تبارك وتعالى: وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [الطلاق:4].

وقال عز وجل: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ [محمد:7].

وقال تعالى: وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خَسِرَ إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر].

فالرابحون الناجون في الدنيا والآخرة هم أهل الإيمان والعمل الصالح، والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

ومعلوم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتواصي بالحق والتواصي بالصبر من جملة التقوى، ولكن الله سبحانه خصها بالذكر لمزيد من الإيضاح والترغيب.

والمقصود أن من أمر بالمعروف ونهى عن المنكر ودعا إلى الله وصبر على ذلك فهو من أهل هذه الصفات العظيمة، الفائزين بالربح الكامل والسعادة الأبدية، إذا مات على ذلك.

ومما يؤكد الالتزام بهذه الصفات العظيمة قوله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [المائدة:2].

واترككم مع كلام الشيخ العلامه ابن باز رحمه الله

http://safeshare.tv/w/IrSRyauvGY

وصل الله وسلم وبارك على سيدنا محمد

من قراءاتي وتجميعي

دار
نسأل الله الصبر في كل أمور حياتنا
بارك الله بكِ
عزيزتي
موضوع رائع وكلنا بحاجه له

دار


زادك اللـــه علمــا ونــــورا
وضــاعف لــك الأجـــورا
وملــئ قلبـك فرحــا وسـرورا

دار

أختي في الله

أسال من جلت قدرته

وعلا شأنه
وعمت رحمته
وعم فضله
وتوافرت نعمه
أن لا يرد لكِ دعوة
ولا يحرمكِ فضله
وان يغدق عليكِ رزقه
ولا يحرمكِ من كرمه
وينزل في كل أمر لكِ بركته
ولا يستثنيكِ من رحمته
اللهم آمين