بسم الله الرحمن الرحيم
أخـــواتى الغاليـــات
السلام عليكنَّ ورحمة الله وبركاته
ففى هذا الموضوع جمعت إلى من يحملون الدعوة ما استحسنته عينى ممّا وقفت عليه وما فتح الله عزّ وجلّ علىّ فى فهمه وهو الفتّاح العليم فها هى ومضات مضيئة وأنوار كاشفة من أقلام ذهبيّة مخلصة ما نبضت إلّا لله
أناس لم يكن هدفهم مزيد من الشهرة ولا كثرة أتباع ولا عرض زائل من أعراض الدنيا .., بل هداية الناس فحسب وأولئك هم الدعاة
سائلين الله عزّ وجلّ أن يهديهم ويهدى بهم
أخواتي في الله إنّكم تستطيعون أن تكونوا من الدعاة إلى الله
بل لماذا لا تكونُوا داعياتِ إلى الله ؟؟
ولو قصَّرتم ، ولو أذنبتم ، ولو فرَّطتم في بعض الصالحات ، وعملتم بعض المعاصي ، فلعلَّ حسنة الدعوة إليه سبحانه تكون هي التي تُثَقِّل ميزانكم ، وتدفعُ عنكم مغبَّة عصيانكم .
وكان لنا من هذا الغلام مربّيا كبيرا فى قصة أصحاب الأخدود فهو الذى بذل نفسه من أجل الدعوة إلى الله عزّ وجلّ ، من أجل هداية قومه ، ومن أجل تحقيق كلمة
لا إله إلّا الله
وكلّنا نعلم أنّ ثمرة بذل نفسه هى قول
" آمنّا بربّ الغلام "
فلنتعلّم منه ومن المربّيين مثله أنّه ينبغى على الدّاعية أن يكون أكبر همّها هداية الناس
فلتعين نفسها ولتجدّد نشاطها بقول حبيب القلوب سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :
" …. فوالله لأن يهدى الله بكَ رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم " رواه البخارى
المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 3701
وقوله صلّى الله عليه وسلّم :
" من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا…. " رواه مسلم
المصدر: المسند الصحيح – الصفحة أو الرقم: 2674
عن أبى الدرداء رضى الله تعالى عنه قال :
" ما تصدّق مؤمن بصدقة أحبّ إلى الله تعالى من موعظة يعظ بها قومه فيتفرّقون وقد نفعهم الله عزّ وجلّ بها "
وقال سفيان الثورى :
لا أعلم فى العبادة شيئا أفضل من أن يعلم النّاس العلم
والدعوة من أكرم الفرائض التى افترضها الله عز وجل على هذه الأمة المباركة
ومن الأدلّة القرآنية على ذلك :
قول الله عز وجل :" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ" سورة النحل : 125
ومنها قول الله عز وجل : "فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ "سورة الشورى : 15
ومنها قول الله عز وجل :"وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِين " سورة القصص : 87
ومنها قول الله عز وجل : " قُلْ هَـذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ" سورة يوسف :108
وقول الله عز وجل : " وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ" الذاريات :55
ومن الأدلّة النبويّــــة :
حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما:
أن النبىُّ صلّى الله عليه وسلّم قال :
"بلّغوا عنّى ولو آية وحدّثوا عن بنى إسرائيل ولا حرج ومن كذب علىَّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النّار"إسناده صحيح
المصدر: مسند أحمد – الصفحة أو الرقم: 11/113
وفى خطبته يوم النحرقال صلّى الله عليه وسلّم :
" …. ليبلغ الشاهد الغائب فإن الشاهد عسى أن يبلغ من هو أوعَى له منه" رواه البخارى
المصدر: الجامع الصحيح – الصفحة أو الرقم: 67
فإنَّ الدعوة إلى الله تعالى لَمِنْ خير الأعمال ، وأجلّ العبادات ، وأشرف الخصال ، يصرف الله إليها من خلقه من أراد بهم خيراً ، وأحب الخير لهم
أوليس كل رُسُل الله صلّى الله عليهم وسلّم من الدعاة إلى الله
أوليست أشرفُ قولةٍ ، وأحسنُ كلمةٍ كلمةٌ يقولها الداعي إلى الله يبتغي بها وجه الله
" وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ "فصلت: ٣٣
أو ليس
الدعاةُ أهلُ البشاشةِ والرحمةِ والرفقِ بالخلقِ وتعليمِ الناسِ الخير ،، بلى والله فمن كان منهم كذلك :
فهذا على سبيل الهدى ، وعلى الطريق المستقيم
الدعــــاة إلى الله
قال تعالى : "وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " آل عمران :104
وهم خير أمّــــــة
قال تعالى : "كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللّهِ….. " آل عمران :110
وهم الصّالحـــــين
قال تعالى : " يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُوْلَـئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ "آل عمران :114
إلى الداعيــــــــة الصامتــــــــة
ياغالية .. يا أصل العز والشرف والحياء .. ياصانعة الأجيال .. ومربيَّة الرجال
يا أيَّتهــا الــدرة المصونــة .. واللــؤلــؤة المكنونــة
لمــــاذا أنتِ صامتــــــــة ؟!
حسبُكِ حبيبتي في الله .. فالأمر هيِّن ..
لا تخافي.. لا تنزعجي ..
فقط ما عليكِ سوى إحتساب النيَّة لله عزَّ وجلّ ، وأن تتوكَّلي عليه سبحانه
أعلم بأنَّكِ تعثَّرتي في خطاكِ .. وأنَّ كثيراً مِمَّا كنتِ تتمنِّيه عند دَعْوَتِك لأخت لكِ لم تجديه ..
بل لم تجدي إلّا العناد والضلال ..وكأنَّ ما قمتِ به تحوَّل إلى سراب
وليس الأمر على ذلكَ فقط
بل أعلم أيضاً أنَّكِ تتعرَّضين إلى أسلوب الإستهزاء من قِبَلِ المدعو
ولكنَّي أعلم انَّكِ صبرتي ..
وأعلم أنَّكِ عانيتي كثيييييرا وكأنَّكِ في جهاد .. والَّذي نفسي بيده إنَّكِ لفي جهاد عظيم
فمبارك عليكِ الأجر الكبير
وأعلم أنَّكِ ياغالية مررت بأوقات شعرتِ فيها بالإحباط واليأس
من كلمات كالسكِّين الحامي .. وَمِنْ مَنْ ؟!
من أقرب النَّاس إليكِ
وأخيراً حبيبتي أعلم أنَّ كلّها أسباب جعلتكِ صامتة
لكــــــن ياحبيبـــــــة
ابشـــــــــــــــــــــــــــــــــــري
بدل من أن تسبِّ الظلام .. حاولي إصلاح المصباح
ولكن .. بصبر وحكمة
" ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ "
وتذكَّري قول الله تعالى " إنَّ الله مَعَ الصَّابرين "
ولنبحر معاً حبيبتي في الله بين هذه النَّصائح الطيِّبة
لكي نعرف سويَّاً كيف نشعل شمعة الدعوة إلى الله عزَّ وجلّ
خواطر طيِّبة ونصائح مهمَّة إلى كلّ داعية صامتة
سائلة المولى عزَّ وجلّ أن ينفع به وأن يجعلنى وإيّاكنّ داعيات إليه سبحانه
أترككنَّ مع القراءة
1ـ قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم :
"إنَّما الأعمال بالنيَّات ، وإنَّما لكلِّ امرئ ما نوى"حديث صحيح
المصدر: غاية المرام – الصفحة أو الرقم: 401
فلا بدّ من احتساب النيّة عند الله عزّ وجلّ ، وأن تكون الدعوة إلى الله لا لحظّ نفس
2ـ لتعلمى أيّتها الدّاعية إلى الله أنّه ليس بصواب أن تضعى نفسكِ فوق التربية وتستعلى على حديث يزجرك عن السوء ولو سمعتيه مائة مرة ، فإّن فى النفوس كلّ النفوس قابليّة لطيش فى أوقات الغفلة
3ـ عليكِ أن تشكّلى فى نفسكِ النّموذج الحىّ للمشروع الذى تريدى تنفيذه فلتحقّقى فى نفسكِ أوّلا ما تريدى أن تحقّقيه فى الآخرين لأنّ الدعوة تؤثّر فى الناس بمضمونها وحاملها معا ، فلتعاهدى نفسكِ بالرعاية والإمتياز بالشفافية ، وتتحرّى الصدق فى المواقف ، وإخلاص فى النيّة ، وأن تلاحقى نفسكِ فى كلّ ذلك
قال تعالى : " وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا ، وَإِذاً لَّآتَيْنَاهُم مِّن لَّدُنَّـا أَجْراً عَظِيمًا " النساء: 66 ـ 67
وقال تعالى :" إنّ الله لا يغيّر ما بقوم حتّى يغيّروا ما بأنفسهم "
4ـ لا تهملى القراءة والبحث والإطّلاع حتّى لا تثبتى على مستوى علمى معيّن
فاسعى إلى تعلّم العلم الشرعى وإدراك الواقع ، فالأمّة تحتاج إلى دُعاةٍ تتجمع عليهم القلوب وتتآلف حولهم النفوس دعاةٍ ينطلقون من فهم صحيح ثابت لكتاب الله جلّ وعلا وسنة رسوله صلّى الله عليه وسلّم
5ـ إيّاكِ إيّاكِ من ضعف التعلّق أو ضعف الصلة بالله تعالى
6ـ الهدوء وضبط النفس والإيمان بمهمّة الدعوة والتحمّس لها ، ولتتّخذى التأنّى سلاحا قويّا فى حياتِك الدعويّة
7 ـ طيبة القلب وسلامة الصدر ، وصدق العاطفة ، والتواضع والإحترام للفرد المدعو ..صغيرا كان أو كبيرا
ولكن لا تنسى أختى وغاليتى الدّاعية إلى الله
قوله تعالى : " إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ " القصص :56
وقوله تعالى أيضا : " فَمَن يُرِدِ اللّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ وَمَن يُرِدْ أَن يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاء" الأنعام :125
فهذه الهداية لا يقدر عليها أحد إلّا الله عزّ وجلّ
ولكن لتسعى كلّ داعية إلى طاعة الله وطاعة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فى الدعوة والتبليغ متوكّلة على الله عزّ وجلّ وسائله الهداية لجميع المسلمين
وتذكّروا دائما قول الله تعالى:
"ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ ، وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُم بِهِ وَلَئِن صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِّلصَّابِرينَ ، وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ ، إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ"النحل: ١٢٥ ـ 126 ـ 127 ـ ١٢8
ما لم يشكّل حملة الدعوة القدوة الأسوة ، وما لم يستمدّوا نورهم من مشكاة النبوّة ، وأخلاقهم من أخلاق النبوّة ، ويصبحوا كالصّحابة نجوما يهتدى بهم فى ظلمات هذه الأيّام فإنّ دعوتهم تبقى ناقصة .
وليعلم أنّه إذا كانت الأفكار هى الماء الذى يروى ويحيى فإنّ حاملها هو الإناء الذى يحوى ، فليحافظ عليه نظيفا حتى يبقى ما فى داخله نقيّا صافيا
لئن مات جيل فجيل يجىء …… وإن مات صف فصف يبارى
فعلينا جميعا إخواتى رعاية قضيّة الدعوة وإعطاؤها حقّها حتّى يظل للدعوة حيويّتها وتوهّجها ويبقى عمودها الفقرى سليما قويّا
فالدعاة الصادقين المخلصين هم الذين لا يعيشون لأنفسهم وذواتهم بل يعيشون لدعوتهم ودينهم مؤثرين التعب والنصب على ما يراه الآخرون راحة وسكونا .
أسأل الله عزّ وجلّ أن يعيننا على ذلك وأن يجزل المثوبة والأجر لكلّ من نفعنى الله به فيما كتبته بين هذه السطور والتى أخشى أن أكون أطلت عليكم بها
غفر الله لى ما كان فيها من زلل أو نقص ، ونفعنا وإيّاكم بما تخطّه أقلامنا
أسأل الله تعالى أن يجعلنى وإيّاكنّ من الفائزات بشرف الدعوة إليه سبحانه
على هذا الموضوع المميز ..
بتميز صاحبته
[IMG]http://fsfs.***********/2.gif[/IMG]