تخطى إلى المحتوى
الرئيسية » ّّّّّّّّ""" فاظــــــــــفر بـــــــــذات الديــــــــــــــــــن """"

ّّّّّّّّ""" فاظــــــــــفر بـــــــــذات الديــــــــــــــــــن """" 2024.

دار

دار

{{فاظفر بذات الدين}}

الكثير من الرجال يعرفون الحديث المشهور اختيار الزوجة الذي رواه البخاري ومسلم رحمهما الله عن أبي هريرة والذي فيه يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك) [متفق عليه]،

ففي هذا الحديث العظيم يحدد المصطفى صلى الله عليه وسلم لكل مقبل على الزواج مقومات اختيار شريك الحياة، فذكر المال والجمال والحسب ثم ختم بالدين وحض على ذات الدين حتى قال: (فاظفر بذات الدين تربت يداك)؛ أي (لصقتا بالتراب وهي كناية عن الفقر وهو خبر بمعنى الدعاء ، لكن لا يراد به حقيقته) [فتح الباري، ابن حجر]

(والصحيح في معنى هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر بما يفعله الناس في العادة فإنهم يقصدون هذه الخصال الأربع وآخرها عندهم ذات الدين ، فاظفر أنت أيها المسترشد بذات الدين . لا أنه أمر بذلك) [شرح النووي على مسلم]

وبالرغم من ذلك فالكثير من الناس الآن يضع الدين في آخر الاعتبارات ويقدم الجمال أو المال فيكتفي بالمقومات الأخرى، والبعض لا يضع الدين في الاعتبار من الأصل، بل قد يظن بعض الناس أن الدين هو نوع من القيد وانعدام الحرية، فمن هنا نشأت مجموعة من الأسئلة المحيرة…
لماذا وصى النبي صلى الله عليه وسلم بذات الدين؟!
لماذا لا نكتفي بحسن الأخلاق فقط؟!
هل علامة الدين الحجاب والملابس الشرعية أو اللحية للرجال وفقط…؟!
وهل معنى ذلك أن لا نعتبر بالمال والجمال والمقومات الأخرى؟!
فهذه محاولة منا للإحاطة بهذه الأسئلة المحيرة التي تطوف بخلد الكثير من الناس، لعلنا نجد لها إجابات شافية.
لماذا الاهتمام بالدين؟
الدين مصدر الثقة المبتادلة:
يقول الغزالي رحمه الله في صدر كلامه عن اختيار ذات الدين: (فهذا هو الأصل ـ أي الاختيار بناء على الدين ـ وبه ينبغي أن يقع الاعتناء، فإنها إن كانت ضعيفة الدين في صيانة نفسها أزرت بزوجها، وشوشت بالغيرة قلبه وتنغص بذلك عيشه، فإن سلك سبيل الحمية والغيرة لم يزل في بلاء ومحنة، وإن سلك سبيل التساهل كان متهاونًا بدينه وعرضه ومنسوبًا إلى قلة الحمية والأنفة، وإذا كانت مع الفساد جميلة كان بلاؤها أشد، إذ يشق على الزوج مفارقتها فلا يصبر عنها ولا يصبر عليها) [إحياء علوم الدين، الغزالي].
هذا هو الدافع الأول أن يكون الدين مصدر ثقة الطرفين في الآخر، فالرجل أو المرأة المتدينة حقيقة تتمثل فيهم أخلاق الحياء والوفاء والأمانة، فمن ثم كلما ألقى الشيطان القلق في روع أحدهما أطفأ نيرانه برد الثقة والدين عند الطرف الآخر.
فأما إن توافر الجمال ولم يتوافر الدين قد ينتج لدينا نموذج كما حدث مع هذا الرجل الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو إليه قائلًا: يا رسول الله إن لي امرأة لا ترد يد لامس، قال: (طلقها)، فقال: إني أحبها، قال: (أمسكها) [صححه الألباني]،

فمنعه صلى الله عليه وسلم من تطليقها رغم ضعف إيمانها خشية أن يسير الرجل معها بعد ذلك فهو يحبها وهو لا ترد باغي السوء.
متاع الروح والجسد معًا:
يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (إنما الدنيا متاع وليس من متاع الدنيا شيء أفضل من المرأة الصالحة) [رواه مسلم]، وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) [صححه الألباني]، أتدري عزيزي القارئ لماذا مدح النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الصالحة وحض على الزواج من الرجل الصالح؟

لأن هذه الزوجة الصالحة تقدم لك ما تبتغيه من حاجة عاطفية وحاجة غريزية فبها يكون المتاع الدنيوي، وهي مع ذلك تحسن معاملتك ومعاملة أهلك وأقاربك، تقرب من تقربه، وتبعد من تكرهه وهذا هو متاع النفس، فجمعت لك هذه الزوجة نعيم البدن ونعيم الروح، وهذه اللؤلؤة المصونة التي تخاف الله تحفظ عرضك إن غبت عنها، ولا تذكرك أمام أحد إلا بما يسرك.
ومن كانت هذه صفاتها فإن زوجها ولا شك سيكون في قمة السعادة (وسيرى زوجته منة الله الرائعة التي وهبها الله له لتؤنس حياته بالحب حتى وإن رأى بعض عيوبها فإنه لا يراها ذات أهمية تذكر، بل يرى أن من واجبه أن يغفرها في مقابل الكثير من الخصال الحسنة فيها) [حتى يبقى الحب، محمد محمد بدري، ص(719)]

كذلك الزوج الصالح؛ فإن الزواج كالسفينة والزوج قائدها، فلك أن تتخيلى أيتها القارئة أنك سلمت زمام سفينتك لقائد لا يعرف إلا المهالك والأخطار، فأين تذهبين؟!
والكثير من الزوجات قد اغتررن ببعض الرجال، وتزوجوهم على وهن دينهم أملًا منهم في استقامتهم، فإذ بهذا الزوج يصر على ترك الصلاة والتقصير في حق الله تعالى؛ فتتحول حياتها إلى كآبة وحزن، فهي بين نار حزنها وألمها لما يفعله الزوج ونار تعلقها وحبها له، وكم الشكاوى التي ترسل بها هذه الصالحات تشكو فيها حالها مع زوجها.
عققته قبل أن يعقك:
بهذه الكلمات أجاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه الرجل الذي يشكو إليه عقوق ابنه؛ فأحضر عمر الولد وأنبه على عقوقه لأبيه ونسيانه لحقوقه فقال الولد: (يا أمير المؤمنين أليس للولد حقوق على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمه ويحسن اسمه ويعلمه الكتاب ـ أي القراءة ـ.

قال الولد: يا أمير المؤمنين إن أبي لم يفعل شيئًا من ذلك؛ أما أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني "جُعلًا" (أي خنفسًا)، ولم يعلمني من الكتابة حرفًا واحدًا، فالتفت عمر إلى الرجل وقال له: جئت إلي تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقك… وأسأت إليه قبل أن يسيء إليك…).

ألا تتفقون معي أن هذا العناء الذي أحس به الولد كان منبعه سوء الاختيار، فالزوج أو الزوجة حين اختيار أحدهما للآخر فإنه يختار من يشاركه في تربية أبناءه وبناته، فأين يجد حسن الأخلاق إلا عند صاحبة الدين.
بل وتبرز عزيزي القارئ أهمية الدين في اختيار الزوج للمرأة على وجه الخصوص، لأن المرأة هي المدرسة التي يتطبع بها الأطفال لشدة تأثرهم بها، وذلك من وجهين؛ الأول أن الأطفال يقضون جل أوقاتهم مع الأم فغالبًا ما يكون الأب في العمل.
والوجه الثاني أن التعلق العاطفي للأطفال بأمهاتهم في هذه السن يكون أقوى بكثير من الأب فيكون التأثر أعلى، بالذات في السن الصغيرة التي تتكون فيها طباع الأطفال وشخصياتهم التي لا يمكن أن تتغير مع مرور الأيام.
فمجتمعاتنا اليوم أيها الأحبة الكرام لا تحتاج إلى آباء وأمهات كأمثال بنوك الصرافة، حين يسافر الأب أو تعمل الأم وتترك أولادها بالمنزل ويتحول الأب والأم من محضن تربوي ومدرسة شاملة لكل جوانب الشخصية إلى بنك لصرافة الأموال، فهذا هو ما أدى للفساد الأخلاقي الذي نراه في مجتمعنا اليوم…
(إن الأطفال هم زينة الحياة الدنيا، يولدون كصفحةٍ بيضاء، وعلى الآباء والمربين مسؤولية ملء هذه الصفحة بالعقيدة الصحيحة، والأفكار الإسلامية، التي تؤهلهم ليكونوا شبابا ذوي إنتاجية فعّالة في المجتمع، وسببًا من أسباب رُقيّه وتقدمه ، فهم نواة المجتمع الذي سوف يأتي بعدنا –إن شاء الله- ليكمل مسيرة الاستخلاف في الأرض) [تربية الطفل النفسية في الإسلام، سيما راتب عدنان أبو رموز]
علامات الدين
طرفان ووسط:
هناك طرف من الناس يهتم بالتدين الظاهر؛ كالحجاب والملابس الشرعية للنساء أو الهدي الظاهر بالنسبة للرجال، ويشدد على هذا الجانب ويجعله هو المعيار الأوحد على الدين.
وهناك طرف آخر ينظر إلى المضمون والأخلاقيات والسيرة بين الناس، ولا يولي الهدي الظاهر أدنى اهتمام كمعيار لاختيار الدين.
والحق دائمًا وسط بين طرفين، فالمعيار الصحيح للتدين يكون بالأخلاق والسيرة الحسنة بين الناس؛ لأنها هي أساس العشرة، ويعبر عن هذه الأخلاق وهذا التدين الهدي الظاهر الذي ما هو إلا ترجمة عما تعمر به النفس من التدين والخير فلا ننحاز إلى جانب على حساب آخر.
شبهة والرد عليها
وقد يظن ظان أن الشرع جعل معيار الاختيار الدين فقط، ولم يهتم بالجمال والمال والنسب، ولكن هذا ليس بصحيح فالنبي صلى الله عليه وسلم في الحديث لم ينفِ الجمال والمال بل جعلهما معياران مهمان ولكن قدم عليهما الدين لأهميته القصوى وخطورته على الاستقرار والسعادة الزوجية، وليبين صلى الله عليه وسلم، أن ما دونه أيسر منه، فلا يتهاون فيه مهما كانت الأسباب.
وماذا بعد الكلام؟
1. اجعل أول معايير اختيارك للزوجة هو الدين، ولا تتساهل في هذا المعيار مهما كان الأمر.
2. لا يكن معيار التدين الوحيد لديك عند اختيار الزوجة هو التزامها بالحجاب الشرعي ـ وإن كان من أهم المعايير ـ ولكن اجعل معه أيضا أخلاقها وسمعتها الطيبة بين أهلها وجيرانها.
3. استشر أهل الخبرة والدراية ولا تتسرع في قرار الارتباط لأنه قرار مصيري له ما بعده.

دار
دار
شكرا لاطلاعكم وأهتمامكم
المصادر:
1. فتح الباري، ابن حجر
2. شرح النووي على مسلم
3. إحياء علوم الدين، الغزالي
4. حتى يبقى الحب، محمد محمد بدري
5. تربية الطفل النفسية في الإسلام، سيما راتب عدنان أبو رموز

جزاكِ الله خيرا على طرحكِ القيم
جعله الله في موازين حسناتكِ
سلمت يمنياكِ
جزاكِ الله خير حبيبتي
ووفقك لما يحب ويرضي
موضوع رائع
سلمت اناملك

دار
دار

[IMG]http://mam28.***********/untitled.bmp[/IMG]

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.