هدية إلي كل مبتلي .أبشر 2024.

دار

دار

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أخواتي الحبيبات

كثير منا يقع في بعض الابتلائات
ولكن يقع اسير الهم والغم وينسي ان الابتلاء اختبار من الله وتنقية من الذنوب
وقد يكون بداية لمنحة من الله وفرصة للتقرب من الله جل في علاه وزيادة درجتك ومنزلتك

لهذا هيا بنا ناخذ زهرة من بستان كتاب ابن القيم عدة الصابرين لنستفد منها ونتعلم الصبر مع الابتلاء

فكثير منا ستتغير نظرته الي الدنيا بعد ان يعلم قول الامام ابن القيم ان الصبر نصف الايمان
نعم الصبر نصف الايمان فهل ستضيع فرصتك في الصبر علي كل شئ مما تتعرض له في الحياة
علي الابتلاء وعلي الطاعة وعلي جهاد النفس

فهيا بنا لنري كيف بين ابن القيم ان الصبر نصف الايمان

الصبر نصف الإيمان

الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر
قال غير واحد من السلف (( الصبر نصف الإيمان ))
وقال عبد الله ابن مسعود :((الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ولهذاجمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله:إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ

وقد ذكر لهذا التصنيف اعتبارات

أحدها

: أن الإيمان اسم لمجموع القول والعمل والنية وهي ترجع إلي شطرين وهي ترجع إلي شطرين فعل وترك
فالفعل هو: العمل بطاعة الله وهو حقيقة الشكر
والترك هو : الصبر عن المعصية
والدين كله في هذين الشيئين فعل المأمور وترك المحظور

دار

الاعتبار الثاني

:أن الإيمان مبني علي ركنيين يقين وصبر وهما الركنان المذكوران في قوله تعالي:((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))
فباليقين يعلم حقيقة الامر والنهي والثواب والعقاب . وبالصبر ينفذ ماأمر به ويكف نفسه عما نهي عنه , ولا يحصل له التصديق بالأمر أنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين
ولا يمكنه الدوام علي فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر
فصار الصبر نصف الإيمان والنصف الثاني الشكر بفعل ما أمر به وبترك ما نهي عنه

دار

الاعتبار الثالث
أن الإيمان قول وعمل , والقول قول اللسان والقلب والعمل عمل القلب والجوارح وبيان ذلك أن من عرف الله بقلبه ولم يقر بلسانه لم يكن مؤمنا كما قال عن قوم فرعون((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))
وكما قال عن قوم عاد وصالح ((وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ))
وقال موسي لفرعون((قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْـزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ))
فهؤلاء حصل قول القلب وهو العلم والمعرفة ولم يكونو بذلك مؤمنين
وكذلك من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمنا بل كان من المنافقين وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه لم يكن بمجرد ذلك مؤمنا حتي يأتي بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة فيحب الله ورسوله ويوالي أولياء الله ويعادي أعداءه ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام تشريعه ظاهرا وباطنا

دار

الاعتبار الرابع
أن النفس لها قوتان : قوة الإقدام وقوة الإحجام وهي دائما تتردد بين إحكام هاتين القوتين فتقدم علي ما تحبه وتحجم عما تكرهه
والدين كله إقدام وإحجام
إقدام علي الطاعة وإحجام عن المعصية وكل هذا لا يمكن حصوله إلا بالصبر

الاعتبار الخامس
أن الدين كله رغبة ورهبة فالمؤمن هو الراغب الراهب قال تعالي ((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))
وفي الدعء عند النوم الذي رواه البخاري في الصحيح((اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول . فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت . قال : لا ، وبنبيك الذي أرسلت
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6311
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ))
فلا تجد المؤمن أبدا إلا راغبا وراهبا والرغبة والرهبة لا تقوم الا علي ساق الصبر فرهبته تحمله علي الصبر ورغبته تقوده الي الشكر

دار

الاعتبار السادس
ال جميع ما يباشره العبد في هذه الدار لا يخرج عما ينفعه أو يضره في الدنيا والاخرة أو ينفعه في أحد الدارين ويضره في الأخري واشرف الأقسام أن يفعل ما ينفعه في الاخرة ويترك ما يضره فيها وهو حقيقة الايمان ففعل ما ينفعه هو الشكر وترك ما يضره هو الصبر

دار

الاعتبار السابع
أن العبد لا ينفك عن أمر يفعل ونهي يتركه وقدر يجري عليه وفرضه في الثلاثة الصبر والشكر ففعل المأمور هو الشكر وترك المحظور والصبر علي المقدور هو الصبر
دار

الاعتبار الثامن
ان العبد فيه داعيان داع يدعو إلي الدنيا وشهواتها ولذاتها وداع يدعو إلي الله والدار الأخرة وما أعد فيها لأوليائه من النعيم المقيم فعصيان داعي الشهوة والهوي هو الصبر وغجابة داعي الله والدار الأخرة هو الشكر

دار
الاعتبار التاسع
أن الدين مداره علي أصلين: العزم والثبات وهما الأصلان المذكوران في الحديث((يا شداد بن أوس ! إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة ؛ فأكثر هؤلاء الكلمات : اللهم ! إني أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم ؛ إنك أنت علام الغيوب
الراوي: شداد بن أوس المحدث: الألباني – المصدر: السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم: 3228
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح

وأصل الشكر صحة العزيمة وأصل الصبر قوة الثبات فمتي أيد العبد بعزيمة وثبات فقد أيد بالمعونة والتوفيق

دار

الاعتبار العاشر
أن الدين مبني علي اصلين الحق والصبر وهما المذكوران في قوله تعالي((إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ))
ولما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه وتنفيذه في الناس وكان هذا هو حقيقة الشكر لم يمكنه ذلك إلا بالصبر عليه فكان الصبر نصف الايمان والله سبحانه وتعالي اعلم

من كتاب عدة الصابرين لابن القيم الجوزية

اتمني ان يكون الموضوع نال رضاكم
اختكم في الله
بنت الاسلام

دار

ما شاء الله تبارك الرحمن
موضوع أكثر من رائع
جزاكِ الله خير الجزاء

واسمحي لي بهذه الإضافه

فوائد الصبر

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال : ( يقول الله تعالى : ما لعبدي المؤمن عندي جزاءٌ إذا قبضت صفيه من أهل الدنيا ثم احتسبه إلا الجنة ) رواه البخاري .

وعن أنس رضي الله عنه قال : سمعت النبي – صلى الله عليه وسلم – يقول : ( إن الله قال : إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة ) رواه البخاري وفي رواية للترمذي ( فصبر واحتسب ) .

وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال : ( يقول الله سبحانه : ابن آدم إن صبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى لم أرض لك ثوابا دون الجنة ) رواه ابن ماجة حسنه الألباني .

طبيعة الحياة الدنيا

اقتضت حكمة الله أن تكون حياة البشر على ظهر هذه الأرض مزيجًا من السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، واللذائذ والآلام ، فيستحيل أن ترى فيها لذة غير مشوبة بألم ، أو صحة لا يكدرها سقم ، أو سرور لا ينغصه حزن ، أو راحة لا يخالطها تعب ، أو اجتماع لا يعقبه فراق ، كل هذا ينافي طبيعة الحياة الدنيا ، ودور الإنسان فيها ، والذي بيَّنه ربنا جل وعلا بقوله :{إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا }(الإنسان 2) .

ضرورة الصبر

ولهذا فإن خير ما تواجه به تقلبات الحياة ومصائب الدنيا ، الصبر على الشدائد والمصائب ، الصبر الذي يمتنع معه العبد من فعل ما لا يحسن وما لا يليق ، وحقيقته حبس النفس عن الجزع ، واللسان عن التشكي ، والجوارح عن لطم الخدود ونحوها ، وهو من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد ، وقد ذُكر في القرآن في نحو تسعين موضعاً – كما قال الإمام أحمد – وما ذاك إلا لضرورته وحاجة العبد إليه .

أنواع الصبر

والصبر أنواع ثلاثة صبر على الأوامر والطاعات حتى يؤديها ، وصبر عن المناهي والمخالفات حتى لا يقع فيها ، و صبر على الأقضية والأقدار حتى لا يتسخطها ، وهذه الأحاديث القدسية في النوع الثالث من أنواع الصبر وهو الصبر على أقدار الله المؤلمة .

شكرا لك مرورك واضافتك الرائعة
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
تقبل الله منا ومنك
دار

بارك الله فيك وجزاك الله خير
أسأل الله العلي العظيم أن يجعل
ماطرحتي في ميزان حسناتك

وإسمحي لي بهذ الإضافة

أسباب الابتلاء ، وأنواعه" لفضيلة الشيخ: صالح آل الشيخ-حفظه الله –

(1) يصيبُ اللهُ – جل وعلا – أمةَ الإسلام بما يصيبُها بسببِ ذنوبها تارةً ، وابتلاءً واختبارًا تارةً أخرى .

(2) يُصيب اللهُ – جل وعلا – الأُممَ غيرَ المسلمةِ بما يصيبُها إما عقوبةً لما هي عليه من مخالفةٍ لأمرِ الله – جل وعلا –
وإما لتكون عبرةً لمن اعْتَبَرَ ، وإما لتكونَ ابتلاءً للناس ، هل يَنْجَوْنَ أو لا يَنْجَوْنَ ؟

قال اللهُ – تعالى – :
(فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

وهذا في العقوباتِ التي أُصِيبَتْ بها الأُممُ ، العقوباتِ الاستئصاليةِ العامةِ ، والعقوباتِ التي يكونُ فيها نكايةٌ ، أو يكونُ فيها إصابةٌ لهم .
(3) تُصاب الأمةُ بأن يبتليَها اللهُ بالتفرُّقِ فِرَقًا ، بأن تكونَ أحزابًا وشِيَعًا ؛ لأنها تركتْ أمرَ الله – جل وعلا – .
(4) تُصاب الأمةُ بالابتلاء بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى العلمِ العظيمِ الذي أنزله اللهُ – جل وعلا – .

قال الله – تعالى – فيما قصَّه علينا من خبر الأُمَمِ الذين مَضَوْا قبلَنا : (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ).
وقال – سبحانه – : (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ).

عندَ أهلِ الكتابِ العلمُ النافعُ ، ولكن تَفَرَّقُوا بسببِ بَغْيِ بعضِهم على بعضٍ ، وعدمِ رجوعِهم إلى هذا العلمِ العظيمِ الذي أنزلَه اللهُ – جل وعلا – ، تَفَرَّقُوا في العملِ ، وتركُوا بعضَه .
(5) يُصاب قومٌ بالابتلاءِ بسببِ وجودِ زيغٍ في قلوبهم ، فَيَتَّبِعُونَ المتشابِه . قال اللهُ – جل وعلا – في شأنهم :
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ).

فليس وجودُ المتشابه سببًا في الزيغ ، ولكنَّ الزيغَ موجودٌ أولاً في النفوسِ. فاللهُ – سبحانَهُ – أثبتَ وجودَ الزيغِ في القلوبِ أوَّلاً ، ثم اتباعِ المتشابه ثانيًا ، وقد جاءت (الفاءُ) في قوله – جل وعلا – : (فَيَتَّبِعُونَ) لإفادةِ الترتيبِ والتعقيبِ.

ففي النصوصِ ما يَشْتَبِهُ ، لكن مَنْ في قلبه زيغٌ يذهبُ إلى النصِّ فيستدلُ به على زَيْغِهِ ، وليس له فيه مُسْتَمْسَكٌ في الحقيقةِ ، لكن وَجَدَ الزيغَ فذهبَ يتلمَّسُ له .
وهذا هو الذي ابْتُلِيَ به الناسُ – أي : الخوارجُ – في زمنِ الصحابةِ ، وحصلتْ في زمن التابعينَ فتنٌ كثيرةٌ تَسَـبَّبَ عنها القتالُ والملاحِمُ مما هو معلومٌ .

فوائد الابتلاء

الأمةُ الإسلاميةُ والمسلمون يُبْتَلَوْنَ .

وفائدةُ هذا الابتلاءِ معرفةُ مَنْ يَرْجِعُ فيه من الأمةِ إلى أمرِ اللهِ – جل وعلا – معتصِمًا بالله ، متجرِّدًا ، متابعًا لهدي السلفِ ممّن لا يرجعُ ، وقد أصابته الفتنةُ ، قلّتْ أو كَثُرَتْ .

وإيضأدار

الإبتلاء والصبر وعروة بن الزبير رضي اللّه عنه

(( اردت أن أذكر هذه القصه لكي يعلم أصحاب المصائب أن هناك من ابتلوا بأعظم من مصائبهم ))
قصة إبتلاء و امتحان التابعي الجليل عروة بن الزبير بن العوام ..
ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
روي أن عروة خرج إلى الوليد بن عبدالملك ، حتى إذا كان بوادي القرى ..
فوجد في رجله شيئاً ، فظهرت به قرحة الآكلة ..
ثم ترقى به الوجع ، وقدم على الوليد وهو في محْمل ، فقيل : ألا ندعوا لك طبيباً ؟
قال : إن شئتم ..
فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أن لم ينشروها قتلته ، فقال شأنكم ..
فقالوا : اشرب المُرقد ، فقال : امضوا لشأنكم ..
ماكنت أظن أن خلقاً يشرب مايزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل ،
ولكن هلموا فاقطعوها ..

وقال ابن قتيبة وغيره : لما دعي الجزار ليقطعها قال له : نسقيك خمراً حتى لا تجد لها ألماً ،
فقال : لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية ، قالوا : فنسقيك المرقد ، قال :
ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه ، قال : ودخل قوم أنكرهم ، فقال : ماهؤلاء ؟
قالوا : يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر ، قال : أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي …
فوضع المنشار على ركبته اليسرى فنشروها بالمنشار فما حرك عضواً عن عضو وصبر حتى فرغوا منها ..

ثم حمسوها وهو يهلل ويكبر ، ثم إنه أغلي له الزيت في مغارف الحديد فحسم به ، ثم غشي عليه ..

وهو في ذلك كله كبير السن وإنه لصائم فما تضور وجهه ، فأفاق وهو يمسح العرق عن وجهه ..

(( وروي أنه لما أُمر بشرب شراب أو أكل شيء يذهب عقله قال :
إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإني لا أحس بذلك ولا أشعر به ، قال :
فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي ..
فما تضور ولا اختلج فلما انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله ))

ولما رأى رجله وقدمه في أيديهم أو في الطست دعا بها فتناولها فقلبها في يده ثم قال :

أما والذي حملني عليك أنه ليعلم أني مامشيت بك إلى حرام ، أو قال : إلى معصية .

ثم أمر بها فغسلت وحنطت وكفنت ولفت بقطيفه ثم أرسل بها إلى المقابر .

وكان معه في سفره ذلك ابنه محمد ، ودخل محمد اصطبل دواب الوليد ، فرمحته دابة فخر ميتاً ..

فأتى عروة رجل يعزيه ، فقال : إن كنت تعزيني برجلي فقد احتسبتها . قال : بل أعزيك بمحمد ابنك ، قال : وماله ؟

فأخبره ، فقال : اللهم أخذت عضواً وتركت أعضاء ، وأخذت ابناً وتركت أبناءًا ..

فكان الوليد بن عبدالملك يبحث عن وسيله يخفف بها مصيبة عروة..

في فقد رجله و وابنه في ساعات وإيام معدودات ..

واذ بجماعه من قبيلة بني عبس فيهم رجل ضرير يزورون الخليفه ..

فسأله الوليد عن سبب عماه وكف بصره ..

فقال يا امير المومنين .. قصتي و خبري عجيب ..

لم يكن في بني عبس رجلٌ اوفر مني مالاً و لا اكثر اهلاً وولداً ..

فسرتُ يوماً بمالي و عيالي في بطن وادي ..

ونزلت فيه مع منازل قومي فطرقنا سيل لم نرى مثله قط ..

فذهب السيل بمالي و اهلي وولدي ..

ولم يترك لي غير بعير واحد وطفل صغير حديث الولاده ..

فهرب البعير وتركت الصغير على الارض لكي الحق بالبعير ..

فما جاوزت مسافه الا وانا اسمع صيحة الطفل ..

فإذا براسه في فم الذئب وهو ياكله ..

فرجعت لكي انقذ ابني من الذئب فحمله الذئب وهرب به بعيداً ..

ثم رجعت للبعير لكي انجو بنفسي ..

فلما قربت البعير لكي امسك به .. رمحني على وجهي رمحةً حطمت جبيني وذهبت ببصري ..

فصرت يا أمير المومنين في ليله من غير أهل ولا ولد ولا مال ولا بصر ..!!

قال الوليد لحاجبه ..

خذ هذا الرجل وأهب الى ضيفنا عروة بن الزبير ليقص عليه قصته ..

وليعلم كل صاحب مصيبة ان في الناس من هو أعظم منه بلاءً ..

فسرّ عروة بسماع قصة هذا الرجل وخففت عنه مصيبته ..
فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة فلما قدم المدينة . أتاه ابن المنكدر ،

فقال ، كيف كنت ؟
قال(( لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً )) وقال : اللهم إنه كان لي أطراف أربعة ..
فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد ..
وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد ..
وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت ..
ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله ،
فبلغه أن بعض الناس ، قال :
إنما اصابه هذا بذنب عظيم أحدثه ، فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس :
لعمـرك مـا أهويـت كـفـي لريـبـة

ولا حملتنـي نحـو فاحشـة رجلـي

ولا قادني سمعي ولا بصري لهـا

ولا دلني رأيـي عليهـا ولا عقلـي

ولسـت بـمـاشٍ ماحيـيـت لمنـكـر

من الأمر لا يمشي إلى مثله مثلي

ولا مؤثر نفسي علـى ذي قرابـة

وأوثر ضيفي ما أقام علـى أهلـي

وأعلـم أنـي لـم تصبنـي مصيـبـة

من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي

وكان أحسن من عزاه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فقال له :

والله مابك حاجة إلى المشي ، ولا أربُ في السعي ،,
وقد تقدمك عضو من أعضائك وابن من أبنائك إلى الجنة ،,
والكل تبع لبعض – إنشاء الله تعالى – ..
وقد أبقى الله لنا منك ماكنا إليه فقراء و ما نحن عنه بأغنياء ,,
من علمك ورأيك نفعك الله وإيانا به ، والله ولي ثوابك ، والضمين بحسابك ,،
وعاش بعد قطع رجله ثماني سنوات .. ولم يدع ورده من القرآن والقيام حتى في هذه الليلة..


شكرا لك الاضافة الرائعة بارك الله فيك
اصبر لكل مُصِيبةٍ وتجلًّدِ واعلم بأن الدهر غير مُخَلَّدِ

موضوع في غاية الروعة .. تنسيق وإبداع ..

تنظيم مميز للأفكار .. وأسلوب يأسر القارئ بعذوبته وسلاسته

رزقكِ الله إيمانا صادقا ..

وعلما نافعا ..
ولسانا ذاكرا ..

وقلبا على البلاء صابرا ..

ودي وجنائن وردي

دار

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.