السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواتي الحبيبات
كثير منا يقع في بعض الابتلائات
ولكن يقع اسير الهم والغم وينسي ان الابتلاء اختبار من الله وتنقية من الذنوب
وقد يكون بداية لمنحة من الله وفرصة للتقرب من الله جل في علاه وزيادة درجتك ومنزلتك
لهذا هيا بنا ناخذ زهرة من بستان كتاب ابن القيم عدة الصابرين لنستفد منها ونتعلم الصبر مع الابتلاء
فكثير منا ستتغير نظرته الي الدنيا بعد ان يعلم قول الامام ابن القيم ان الصبر نصف الايمان
نعم الصبر نصف الايمان فهل ستضيع فرصتك في الصبر علي كل شئ مما تتعرض له في الحياة
علي الابتلاء وعلي الطاعة وعلي جهاد النفس
فهيا بنا لنري كيف بين ابن القيم ان الصبر نصف الايمان
الصبر نصف الإيمان
الإيمان نصفان: نصف صبر ونصف شكر
قال غير واحد من السلف (( الصبر نصف الإيمان ))
وقال عبد الله ابن مسعود :((الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر ولهذاجمع الله سبحانه بين الصبر والشكر في قوله:إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ
وقد ذكر لهذا التصنيف اعتبارات
أحدها
: أن الإيمان اسم لمجموع القول والعمل والنية وهي ترجع إلي شطرين وهي ترجع إلي شطرين فعل وترك
فالفعل هو: العمل بطاعة الله وهو حقيقة الشكر
والترك هو : الصبر عن المعصية
والدين كله في هذين الشيئين فعل المأمور وترك المحظور
الاعتبار الثاني
:أن الإيمان مبني علي ركنيين يقين وصبر وهما الركنان المذكوران في قوله تعالي:((وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ ))
فباليقين يعلم حقيقة الامر والنهي والثواب والعقاب . وبالصبر ينفذ ماأمر به ويكف نفسه عما نهي عنه , ولا يحصل له التصديق بالأمر أنه من عند الله وبالثواب والعقاب إلا باليقين
ولا يمكنه الدوام علي فعل المأمور وكف النفس عن المحظور إلا بالصبر
فصار الصبر نصف الإيمان والنصف الثاني الشكر بفعل ما أمر به وبترك ما نهي عنه
الاعتبار الثالث
أن الإيمان قول وعمل , والقول قول اللسان والقلب والعمل عمل القلب والجوارح وبيان ذلك أن من عرف الله بقلبه ولم يقر بلسانه لم يكن مؤمنا كما قال عن قوم فرعون((وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ ))
وكما قال عن قوم عاد وصالح ((وَعَادًا وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَسَاكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكَانُوا مُسْتَبْصِرِينَ ))
وقال موسي لفرعون((قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْـزَلَ هَؤُلاءِ إِلا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا ))
فهؤلاء حصل قول القلب وهو العلم والمعرفة ولم يكونو بذلك مؤمنين
وكذلك من قال بلسانه ما ليس في قلبه لم يكن بذلك مؤمنا بل كان من المنافقين وكذلك من عرف بقلبه وأقر بلسانه لم يكن بمجرد ذلك مؤمنا حتي يأتي بعمل القلب من الحب والبغض والموالاة والمعاداة فيحب الله ورسوله ويوالي أولياء الله ويعادي أعداءه ويستسلم بقلبه لله وحده وينقاد لمتابعة رسوله وطاعته والتزام تشريعه ظاهرا وباطنا
الاعتبار الرابع
أن النفس لها قوتان : قوة الإقدام وقوة الإحجام وهي دائما تتردد بين إحكام هاتين القوتين فتقدم علي ما تحبه وتحجم عما تكرهه
والدين كله إقدام وإحجام
إقدام علي الطاعة وإحجام عن المعصية وكل هذا لا يمكن حصوله إلا بالصبر
الاعتبار الخامس
أن الدين كله رغبة ورهبة فالمؤمن هو الراغب الراهب قال تعالي ((إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ ))
وفي الدعء عند النوم الذي رواه البخاري في الصحيح((اللهم أسلمت وجهي إليك ، وفوضت أمري إليك ، وألجأت ظهري إليك ، رهبة ورغبة إليك ، لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك ، آمنت بكتابك الذي أنزلت ، وبنبيك الذي أرسلت ، فإن مت مت على الفطرة فاجعلهن آخر ما تقول . فقلت أستذكرهن : وبرسولك الذي أرسلت . قال : لا ، وبنبيك الذي أرسلت
الراوي: البراء بن عازب المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 6311
خلاصة حكم المحدث: [صحيح] ))
فلا تجد المؤمن أبدا إلا راغبا وراهبا والرغبة والرهبة لا تقوم الا علي ساق الصبر فرهبته تحمله علي الصبر ورغبته تقوده الي الشكر
الاعتبار السادس
ال جميع ما يباشره العبد في هذه الدار لا يخرج عما ينفعه أو يضره في الدنيا والاخرة أو ينفعه في أحد الدارين ويضره في الأخري واشرف الأقسام أن يفعل ما ينفعه في الاخرة ويترك ما يضره فيها وهو حقيقة الايمان ففعل ما ينفعه هو الشكر وترك ما يضره هو الصبر
الاعتبار السابع
أن العبد لا ينفك عن أمر يفعل ونهي يتركه وقدر يجري عليه وفرضه في الثلاثة الصبر والشكر ففعل المأمور هو الشكر وترك المحظور والصبر علي المقدور هو الصبر
الاعتبار الثامن
ان العبد فيه داعيان داع يدعو إلي الدنيا وشهواتها ولذاتها وداع يدعو إلي الله والدار الأخرة وما أعد فيها لأوليائه من النعيم المقيم فعصيان داعي الشهوة والهوي هو الصبر وغجابة داعي الله والدار الأخرة هو الشكر
الاعتبار التاسع
أن الدين مداره علي أصلين: العزم والثبات وهما الأصلان المذكوران في الحديث((يا شداد بن أوس ! إذا رأيت الناس قد اكتنزوا الذهب والفضة ؛ فأكثر هؤلاء الكلمات : اللهم ! إني أسألك الثبات في الأمر ، والعزيمة على الرشد ، وأسألك موجبات رحمتك ، وعزائم مغفرتك ، وأسألك شكر نعمتك ، وحسن عبادتك ، وأسألك قلبا سليما ، ولسانا صادقا ، وأسألك من خير ما تعلم ، وأعوذ بك من شر ما تعلم ، وأستغفرك لما تعلم ؛ إنك أنت علام الغيوب
الراوي: شداد بن أوس المحدث: الألباني – المصدر: السلسلة الصحيحة – الصفحة أو الرقم: 3228
خلاصة حكم المحدث: إسناده صحيح
وأصل الشكر صحة العزيمة وأصل الصبر قوة الثبات فمتي أيد العبد بعزيمة وثبات فقد أيد بالمعونة والتوفيق
الاعتبار العاشر
أن الدين مبني علي اصلين الحق والصبر وهما المذكوران في قوله تعالي((إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ))
ولما كان المطلوب من العبد هو العمل بالحق في نفسه وتنفيذه في الناس وكان هذا هو حقيقة الشكر لم يمكنه ذلك إلا بالصبر عليه فكان الصبر نصف الايمان والله سبحانه وتعالي اعلم
من كتاب عدة الصابرين لابن القيم الجوزية
اتمني ان يكون الموضوع نال رضاكم
اختكم في الله
بنت الاسلام
جزاك الله خير الجزاء
وجعله في ميزان حسناتك
تقبل الله منا ومنك
وإما لتكون عبرةً لمن اعْتَبَرَ ، وإما لتكونَ ابتلاءً للناس ، هل يَنْجَوْنَ أو لا يَنْجَوْنَ ؟
(فَكُلاً أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).
وقال – سبحانه – : (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ).
(فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ).
وهذا هو الذي ابْتُلِيَ به الناسُ – أي : الخوارجُ – في زمنِ الصحابةِ ، وحصلتْ في زمن التابعينَ فتنٌ كثيرةٌ تَسَـبَّبَ عنها القتالُ والملاحِمُ مما هو معلومٌ .
ابن حواري رسول الله صلى الله عليه وسلم ..
فوجد في رجله شيئاً ، فظهرت به قرحة الآكلة ..
ثم ترقى به الوجع ، وقدم على الوليد وهو في محْمل ، فقيل : ألا ندعوا لك طبيباً ؟
قال : إن شئتم ..
فبعث إليه الوليد بالأطباء فأجمع رأيهم على أن لم ينشروها قتلته ، فقال شأنكم ..
فقالوا : اشرب المُرقد ، فقال : امضوا لشأنكم ..
ماكنت أظن أن خلقاً يشرب مايزيل عقله حتى لا يعرف ربه عز وجل ،
ولكن هلموا فاقطعوها ..
فقال : لا أستعين بحرام الله على ما أرجو من عافية ، قالوا : فنسقيك المرقد ، قال :
ما أحب أن اسلب عضواً من أعضائي وأنا لا أجد ألم ذلك فأحتسبه ، قال : ودخل قوم أنكرهم ، فقال : ماهؤلاء ؟
قالوا : يمسكونك فإن الألم ربما عَزَبَ معه الصبر ، قال : أرجو أن أكفيكم ذلك من نفسي …
إن كنتم لا بد فاعلين فافعلوا ذلك وأنا في الصلاة فإني لا أحس بذلك ولا أشعر به ، قال :
فنشروا رجله من فوق الآكله من المكان الحيَّ احتياطاً أنه لا يبقى منها شيء وهو قائم يصلي ..
فما تضور ولا اختلج فلما انصرف من الصلاة عزّاه الوليد في رجله ))
فما سمع منه شيء في ذلك حتى قدم المدينة فلما قدم المدينة . أتاه ابن المنكدر ،
قال(( لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً )) وقال : اللهم إنه كان لي أطراف أربعة ..
فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد ..
وكان لي بنون أربعة فأخذت واحداً وأبقيت لي ثلاثة فلك الحمد ..
وأيم الله لئن أخذت لقد أبقيت ولئن ابتليت لطالما عافيت ..
ولما دخل المدينة أتاه الناس يسلمون عليه ويعزونه في ابنه ورجله ،
فبلغه أن بعض الناس ، قال :
إنما اصابه هذا بذنب عظيم أحدثه ، فأنشد عروة في ذلك متمثلاً أبياتاً لمعن بن أوس :
وقد تقدمك عضو من أعضائك وابن من أبنائك إلى الجنة ،,
والكل تبع لبعض – إنشاء الله تعالى – ..
وقد أبقى الله لنا منك ماكنا إليه فقراء و ما نحن عنه بأغنياء ,,
من علمك ورأيك نفعك الله وإيانا به ، والله ولي ثوابك ، والضمين بحسابك ,،
وعاش بعد قطع رجله ثماني سنوات .. ولم يدع ورده من القرآن والقيام حتى في هذه الليلة..