صور حزينة ومخاطر جسيمة – الشيخ على بن عمر بادحدح 2024.

صور حزينة ومخاطر جسيمة – الشيخ على بن عمر بادحدح
صور حزينة ومخاطر جسيمة – الشيخ على بن عمر بادحدح

دار

صور حزينة ومخاطر جسيمة – الشيخ على بن عمر بادحدح

أما بعد: أيها الإخوة المؤمنون، صورٌ حزينة وأحداثٌ أليمة ربما حيّرت العقول وربما بثّت في النفوس وهنًا ويأسًا مشوبًا بالحزن والألم.

وما من شكٍ أن كل ذي قلبٍ مؤمن وكل ذي نفسٍ حية وكل ذي عقلٍ بصير يؤلمه ما جرى من هذه الأحداث وما انتهت إليه من صورةٍ أدخلت إلى النفوس صورة الذل بالقهر والتسلّط وصورة الضعف بالخيانة والاستسلام وصورة الانخداع بالأوهام والشعارات.

ولكن الأمر المهم الذي كنا ولا زلنا وسنظل نُعنى به أصولنا الثابتة التي لا تتغيّر، قرآننا الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، هدي رسولنا المعصوم من كل خطأ، سيرة أمّتنا التي تضمنت من سنن الله – عز وجل – عزها ونصرها وقوّتها إذا ارتبطت بدينها، وذلها وضعفها وشتاتها إذا أعرضت عن نهج ربها.
السنن القرآنية الإلهية الماضية ينبغي أن لا يُفقدنا هول ما يجري ولا عظمة ما قد يُداخل النفوس من حزنٍ تلك الحقائق ولنعلم وقد أسلفت هذا الحديث من قبل لأن الأمور قد تؤدي إلى مؤداه التي انتهت إليه.

لا بد أن نعلم أن مواجهتنا مع الكفر وأهله وأن استهداف أعداء الإسلام للإسلام وأهله ليس في جولة واحدة وليس في دولة واحدة وليس في ميدانٍ واحد.

ولا يُعد ما جرى في بغداد أو قبل ذلك في أفغانستان أو قبل ذلك من أمورٍ وأحداث وما جرى ويجري ولا زال يجري في أرض فلسطين الحبيبة من تسلّط للأعداء وتمكّنٍ لهم لا يعني ذلك أن الأمر قد انتهى وأن نرى ما نرى من تلك الصور الحزينة التي داخلت كثيرًا من النفوس.

وأنا أعلم أن كلاً منّا لا شك أنه قد مرّت به الأيام الماضية وهو كسيف البال وهو عظيم الحزن وهو شديد الاستغراب وهو متحيّر اللب وهو يضرب أخماسًا بأسداس، لكننا بحمد الله ما زلنا نُصلي في المحاريب، ما زلنا نسجد بين يدي الله، ما زلنا نتلو القرآن، ما زلنا نعرف أن خير البشرية هو محمد، ما زلنا كذلك وينبغي أن نظل على ذلك، فإنه ليس نصر الأعداء -وهم يعرفون- بزوال نظام أو بانتهاء طاغية أو بالتآمر معه والاتفاق على الخيانة ولا بتسلّطهم على الثروات التي يريدونها ويريدون من خلالها التحكم في بلاد الإسلام وشعوبه، ولكن هدفهم الأعظم كما أخبر الحق -سبحانه وتعالى-: (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً) [النساء: 89] وكما أخبرنا الحق -جل وعلا-: (إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ) [الممتحنة: 2]
(وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة: 120].

العَق أحذيتَهم وافِق سياستَهم أعطِهم ملّذاتهم مكِّنهم من الثرواتِ لا يعني ذلك أنهم قد بلَغوا منتهى أملهم ولا غاية مقصدهم حتى وهم الآن في عتوِّهم وبغيهم وطغيانهم حتى يدخلوا إلى أفكار العقول فيغيروها وإلى مشاعر النفوس فيبدلوها وإلى ما يُقرأ في المحاريب والمساجد لتُقرأ من بعده أو معه أو في أثنائه التوراة والإنجيل، لا أقول ذلك مبالغة، بل إنه حقٌ واقع نطقت به الألسنة وأُعدت له الخطط ونُشرت على أعين الناس.

ولعلّي قبل ذلك ونحن في هذه الأجواء أُشير إلى ومضات من هذه الصور الحزينة، ولا بد أن نخرج منها بدروسٍ ثمينة، لا بد أن تُرشد العقول وأن تنتبه وتلتفت الأنظار لجميع أمة الإسلام من أصغر صغير إلى أكبر كبير ومن الفرد العادي إلى الحاكم الذي يسوس الأمور ويُدبّر الأحوال في أمته أو دولته.

هذه الصور التي رأيناها رأينا معها عجبًا كيف وقعت هذه الواقعة، ولا شك أن بعض النفوس بعواطفها الجامحة ما زالت لا تُصدق ما جرى، وأن بعض العقول التي أصابتها لوثة العَظَمَة الفارغة دون أن تُدرك حقيقة المخالفة الصريحة للقرآن وللسنة ولمنهج الإسلام ما زالت تقول أقوالاً عجيبة وغريبة، ولا تكاد تُبصر الأمر الذي يُوشك أن يُرى بالعين المجردة، إنه الطغيان والظلم الذي مكّن له الأعداء والأولياء، وكان على رؤوس الضعفاء والبؤساء، من الذي مكّن لهذا النظام ابتداءً؟!
من الذي أعانه بالأسلحة؟!

من الذي أمّده بالقوة؟!
من الذي غض الطرف عن جرائمه؟!
ليس في يوم ولا يومين ولا عامٍ ولا عامين ولا عقد ولا عقدين، بل لأكثر من ذلك، أليسوا هم المحررون اليوم؟!
ومن يُطالع يقرأ هذا ويراه رأي العين في صورٍ واضحة تُمثّل علاقات قديمة وفي عقود مبرمة قد أظهرتها اليوم الأخبار والأحوال.

ثم أين، أين الدول العربية والإسلامية التي لا زالت وهي إلى اليوم في قولها هذا محقة؟!
إنه قد كان ظلم وبغي وعدوان وقد وقعت إزاحته لكن من الذي أزاحه؟!

وأين العرب والمسلمون؟!

ولماذا خرست ألسنتهم وعميت أبصارهم وصُمت آذانهم وشُلت أيديهم وتعطلّت مسيرتهم؟!
بل كانوا مُسهمين في مثل هذا الظلم بصورة أو بأخرى، إما مشاركة له أو سكوتًا عنه أو تغطية عليه أو أي صورة من الصور الأخرى.
أليس حزينًا ما رأيناه مما فعله بعض أهل العراق؟!

وربما يكون لهم عذرٌ في كثير مما جرى لهم وجرى منهم، لكنه مشهدٌ مؤلم أن يهتف المسلم العربي بحياة الكافر الأمريكي، وأن يتمنى عزه ورخاؤه وأن يطلب نجدته ومروءته وأن يٌقبله وأن وأن وأن إلى آخر ما رأينا من الصور.

وغير ذلك أيضًا كيف ذهبت تلك الجعجعة وتلك الأصوات التي صمّت آذان الناس حتى ظنوا أن وراء الجعجعة طحنًا؟!
فإذا بهم يسمعون جعجعة ولا يرون طحنًا، وأين اختفى القادة والزعماء والأبطال والشرفاء؟!
أتُراهم قد ماتوا مثل الضعفاء تحت الأنقاض؟!
أتُراهم قد ذهبت أموالهم وأُهدرت ثرواتهم وضاع مستقبلهم مثل الملايين المُضيَعة؟!

أحسب وليس عندي ولا عندكم علم يقين أن مثل هذا لم يحدث، وأن غيره بعد سكون دام اثنتي عشرة ساعة في ليلة واحدة ثم أصبح الصباح وكأنه يومٌ من غير أيام الدنيا، كيف تمّ ذلك ووقع؟!
إن كل ذي لب لا يكاد يفهم هذا إلا أن يدخله في دائرةٍ من دوائر الاتفاقات والخيانات من كلّ الأطراف التي لا تُريد إلا مصلحتها على حساب كل شيء بعد ذلك.

ولعلّي هنا أنقل صفحة مكتوبة منذ قرون طويلة أنقلها بنصها لعلّنا نرى بعض صور التشابه، تلك الصفحات من البداية والنهاية لابن كثير في الوقائع التي وقعت في سقوط بغداد سنة 656 هـ يقول ابن كثير: "استهلت هذه السنة وجنود التتار قد نازلت بغداد وجاءت إليهم أمداد صاحب الموصل يُساعدونهم على البغاددة وكل ذلك خوفًا على نفسه من التتار ومصانعة لهم قبّحهم الله، وقد سُترت بغداد ونُصبت فيها المجانيق والعرّادات وغيرها من آلات الممانعة التي لا ترد من قدر الله شيئًا كما ورد في الأثر: لن يُنجي حذرٌ من قدر وكما قال الله تعالى: (إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ) [نوح: 4]
وكما قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ وَالٍ) [الرعد: 11].

قال: وكانوا مائتي ألف مقاتلٍ وصلوا بغداد في الثاني عشر من شهر الله المحرم، ووصل التتار بغداد بجنوده الكثيرة الكافرة الفاجرة الظالمة الغاشمة ممن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر، فأقاموا ببغداد من ناحيتها الغربية والشرقية وجيوش بغداد في غاية القلة ونهاية الذلة".

ولا أريد أن أُعلَّق على هذه الصورة والصفحة فهي غنية عن ذلك التعليق، ونود أن ننتبه وأن نلتفت إلى كثيرٍ مما ينبغي أن نتنبه له، إن هذه الصور الحزينة ينبغي أن لا تمر فقط لتكون شيئًا من ألم يُمكن أن يُخفف بعد قليل من الوقت ولا شيءٍ من حزنٍ يُمكن أن يُسرّى عنه بشيءٍ من اللهو، إنها لا بد أن تغوص وأن تتعمق في أصول الفكر والنفس على قاعدة المنهج الواضح البيّن في كتاب الله وسنة رسوله.

ألسنا نسمع اليوم بشكلٍ مفصّل وواضحٍ عن ظلم نظام بغداد وما صنعه وأن الأسباب التي أدّت إلى ذلك هي كيت وكيت وكيت؟!

ويعجب المرء، أليست هذه الأسباب موجودة هنا أو هناك بصورة قد تقل أو تكثر؟!
أفلا ينطق لسانٌ ليقول: بيدي لا بيد عمرو؟!

ليكن تغييرنا بأيدينا وليكن إصلاحنا من ذواتنا ولتكن مراجعتنا قبل أن تأتينا الدواهي مرة أخرى، ونحن نعرف ونوقن أنها حربٌ لم تنته، وأنها مرحلة في بدايتها، وأن وراءها من الأحداث والخطط والأعمال ما وراءها مما يستهدف كل واحد منّا في عقر بيته وفي فراشه الذي ينام عليه.

إنها ليست قضية هيّنة ولا حادثة عابرة ولا أسابيع ثلاثة ولا قليل من هدمٍ أو قتلٍ أو تدمير، وإن كان المرء يعجب في فرح أولئك الذين فرحوا وبجوارهم دماء إخوانهم وأقربائهم وبجوارهم وعلى مرأى أعينهم دمار بلادهم، ولكنها المشاعر المتناقضة والأحوال المُحيّرة التي أحاطت بأولئك.

ولعلّي هنا أيضًا أستحضر ما أسلفت القول فيه مرارًا وتكرارًا الذين كانوا يقرؤون أحاديث وأخبار الفتن والذين كانوا يُخدّرون الناس بذلك الذي سيبطش بجيوش الروم وسيُنهيها ويقع كذا ويحصل كذا ويرسمون صورة من خيالٍ مريض وفهمٍ سقيم ونفسٍ منهزمة ويُضيفون إليها من رؤى الأحلام وأخلاط وأضغاث الأقاويل ما يُضيفون ليكشفوا عن صورة من صور ضعفنا؛ لأننا تركنا ما بين أيدينا من كتاب ربنا وسنة نبينا وأردنا أن نبحث ونُلفّق مع بعض الروايات الصحيحة كثيرًا من الروايات الضعيفة بل والموضوعة، بل ويُضاف إلى ذلك أخبارٌ من التوراة ومن الإنجيل والعهد القديم والجديد؛ لنقول: إن هذا هو الذي سيحدث رجمًا بالغيب وتوهينًا للنفوس ولعلّها ليست المرة الأولى بل قد سبقتها مرات، فهل ستعي الأمة وتعود من بعد لترسم صورًا أخرى وتُحدد تواريخ أخرى وتُعيد مرة أخرى غياب العقل وغياب القلب وغياب المنهج وغياب العمل الصحيح نحو ما ينبغي أن نواجهه في اتجاه أعدائنا بدلاً من البحث والتشقيق حتى جاؤوا بأمورٍ ليس هذا مقام ذكرها؟!

ولعلّي أُذكّر أيضًا بالقضية الكبرى التي تُثار الآن وهي قضية الشعوب وآرائها وحرياتها وقدرتها على فعل ما ينفعها وقدرتها على المشاركة في مصيرها وكل الناس يتحدثون عن غيابٍ دام نحو ثلاثة عقود في العراق وأدّى إلى مثل هذه المأساة أو كان سببًا فيها، فأين هذا أيضًا من أمرٍ أساسي في ديننا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أمر الإصلاح للحاكم والمحكوم أمر: (متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا)؟!

أمر الإسلام والإيمان الذي يوجد عزة لا تقبل ذلة وقوة لا تقبل ضعفًا وغير ذلك مما أسلفناه وذكرناه.
ولا أود أن أستطرد في هذا فإن فيه بعض الأحزان والجراح، لكنها يقظة إن لم تكن كاملة تامة فيوشك أن يقول كل أحدٍ وكل مجتمعٍ وكل بلدٍ: أُكلت يوم أُكل الثور الأبيض.

وما ذلك عنّا ولا عن غيرنا ببعيد ولعلّي أُذكّر الآن بالحقائق التي قيلت قبل هذه الأحداث وبعدها وأثناءها.
ما هي الأهداف؟
هل هي هذه الأسلحة التي لم يرها أحد؟

وهل هي هذه الأنظمة التي لم يقبض عليها أحد ولم يُقدمها للمحاكمة أحد ولم يُثبت أحد قتلها وإنهاءه؟

وهل كل الذي جرى لأجل هذا؟
يقول كاتب أمريكي قبل هذه الحرب بنحو شهرين مما هو منشورٌ في صحفنا العربية يقول: "تُعلن قيادتنا أن هذه الحرب لأجل تدمير أسلحة الدمار الشامل.
ويقول: ولكننا نقول: إنه ليس كل ذلك ما نسعى إلى تحقيقه، إذ إننا نريد نفط العراق بكل ما يتأتى إلينا منه من فوائد كبيرة، كما أننا نعمل على إحداث تغييرات سياسية واقتصادية واجتماعية في دول عربية كثيرة.
ثم يقول ويكشف عن التهديد الأكبر ليس هذا النظام وليس جعجعته الكاذبة وليس أسلحته التي لا وجود لها إنما يقول: إن ما يُهدد المجتمعات الغربية الحرة فعلاً ليس الرئيس العراقي الذي يُمكن تجنبه وردعه فهو يُحب الحياة أكثر من كرهه لنا.
إذًا ما هو الخطر؟
يقول: إن الخطر الحقيقي الذي يُواجهنا والذي لا يُمكننا تجنبه وردعه هم أولئك الشباب العرب الذين يكرهوننا أكثر مما يُحبون الحياة ويُشكّلون فعلاً صواريخ بشرية تُعتبر جزءًا من أسلحة الدمار الشامل والقادرون على تدمير مجتمعاتنا الغربية المفتوحة.
ثم يقول: كيف يُمكن تنشئة هؤلاء الشباب؟

وما هي الآلية التي تنتهجها هذه الدول لتنشئتهم؟
ثم يُضيف: الحرب ضد العراق بمثابة رسالة قوية إلى هذه المنطقة مفادها أننا لن نترككم وحدكم بأي حالٍ من الأحوال لتلعبوا بالكبريت؛ لأنكم حين قمتم بذلك في المرة الأخيرة احترقنا".

أظننا نفقه اللغة العربية ونعرف أن هذا الكلام واضحٌ وفاضح ولا يحتاج إلى إثباتٍ وأدلة، ومن أراد فلأخبره بما نُشر بالأمس وليس قبل الحرب واستمعوا إلى هذا الخبر الذي يقول: إن الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية قد طلبت قبل شهرين عروضًا لتجديد نظام التعليم العراقي بمبلغ وقدره خمسة وستون مليون دولار، يشمل تأهيل الأساتذة وإصدار كتب مدرسية جديدة ويضع الأساس لممارسات ومواقف ديموقراطية سواءً لدى الأطفال أو لدى الأساتذة آخذًا بعين الاعتبار التوازن الإثني وتوزيع اللوازم المدرسية ويقولون مثل ما حصل في أفغانستان حيث قُدّمت العروض وفازت شركة بها بمبلغ ستة عشر مليون ونصف، وقد قامت بإعداد ذلك وتُوزع في هذا العام عشرة ملايين كتاب مدرسي بتصميم منهجي أمريكي لنُعلَّم ذلك.

وفي هذه الفترة أيضًا نُشر ما قد سبق أن ذكرناه من قبل اللجنة اليهودية الأمريكية قامت بدراسة شاملة للمناهج في المملكة العربية السعودية، وقدمت قبل نحو أسبوعين أو ثلاثة تقريرًا مفصّلاً في مائة صفحة، مما جاء فيه: إن هذه المناهج تُدرّس أن القرآن كتاب الله وأنه هو المحفوظ وأن التوراة والإنجيل فيهما تحريف وتغيير، وتُدرّس أن القرآن يقول: إن اليهود والنصارى كفار، وتُدرّس أيضًا أن المسلمة لا يجوز لها أن تتزوج من كافر أو كتابي والمسلم يجوز له أن يتزوج من كتابية، وتُدرّس كذلك أن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة وأن الجهاد له غايتان إما النصر على الأعداء أو الاستشهاد في سبيل الله وتُدرّس وتُدرّس.

واقرؤوا هذا التقرير منشورًا في بعض الصحف والمجلات لنعرف أن القضية لم تعد أقوالاً، لقد دُرست وبُحثت وهي في العراق وأفغانستان قد قُدمت عروضًا، وهي في أفغانستان قد طبقت تطبيقًا هذه هي القضية الخطيرة.
ولعلنا أيضًا نقف وقفة أخرى مهمة، كنت ولا زلت أكرر القول فيها وأريد ولا زلت أريد أن نفقهها وأن تكون أساسًا ثابتًا: الصراع الأكبر مع اليهود عليهم لعائن الله والذين يحركون هذه الحرب ومن قبلها ما جرى في الحرب ومن غير ذلك من المواقف هم اليهود، وعندما نطق بذلك سياسي منتخب في المجلس الشعبي الأمريكي لمدة نحو ربع قرن سبع مرات متتالية ونطق بهذه الحقيقة:

إن الذين يأزون نحو الحرب هم اليهود في أمريكا كان مصيره أن يستقيل من منصبه وأن يقدم اعتذارًا، ثم جرد من جميع المشاركات في جميع اللجان ثم وثم..وبالأمس هذا بعض ما جاء في صحافة اليهود مرتبط بهذه الأحداث.

يقولون: إن نجاح هذه الحرب في فرض نظام جديد في العراق يتمتع بالاستقرار سيعنى توجيه ضربة قوية للقوى الرادكالاية الإسلامية بالمنطقة.

ولن ترسل هذه القوة مرة أخرى قواتها العسكرية إلى دول أخرى، ولكن في حال انتهت هذه الحملة بنجاح فإن الضغوط التي تمارسها على الدول تؤتي ثمارها وستفعل فعلها، وهي معركة حقيقية أيضًا ضد التنظيمات الإرهابية في إسرائيل، وهذا ما هو الجوهر المهم في هذا، وإن هذا الإنشاء للنظام الجديد جعلوا هذا النظام متفقا مع إسرائيل وعاقدًا للسلام معها ومتحالفًا معها ضد غيرها، ومعروف هذا الغيظ الذي سيكون بين فكي كماشة العراق والدولة اليهودية الغاصبة.

ونحن عندما نقول هذا ـ أيها الإخوة الأحبة ـ لا نقوله لنفتَّ في العضد ولا لنحدث اليأس، ولكن لنوجد اليقظة ولنشحذ الهمة ولنوقد نار الحماسة ولنأسِّس انطلاقة العزم والحزم والجزم والحيطة والحذر والمقاومة الحقيقية والوقاية الشاملة والإصلاح الجذري الذي ينبغي أن نسعى إليه في أعماق نفوسنا وفي بيوتنا وفي واقع مجتمعاتنا وفي أنظمة تعاملنا وفي سائر أحوال أمتنا ودولنا.

نسأل الله -عز وجل- أن يردنا إلى دينه رد جميلاً.
وإننا ونحن نذكر هذه الأحداث ينبغي لنا أن نعي الدروس والعبر فالحرب على الإسلام لم تكن بنت اليوم أو بنت الأسابيع الثلاثة الماضية ولا بنت ما بعد أحداث سبتمبر الشهيرة كما يقولون، إنها حرب كانت منذ أزل طويل، وهي اليوم في أشد أوقاتها، ولكن ما بعد هذه الحرب العسكرية هو الأخطر والأشد.

ولذلك لا ينبغي أن نقول: وضعت الحرب أوزارها لا عسكريّا ولا غير عسكري، بل ينبغي أن نشحذ هممنا وعزائمنا وأن نعرف خللنا وقصورنا، وكنت قد تحدثت من قبل ووعدت أن يكون حديثًا اليوم عن الخطوات العملية التي ينبغي أن نأخذ بها بعد أن أسسنا القول في الخطوات الفكرية والخطوات النفسية غير أن تجدد الأحداث أوجب أن يكون لنا حديث لعله يجمع بين ما نشعر به من حزن وما ينبغي أن نشحذ به النفس من عزم.
وكذلك قلت مرارًا: ليس مقامنا في مثل هذه المنابر أن نصرخ ولا أن نعيد ما يكرره الإعلام مما يلعب بالعواطف أو يبلبل العقول أو يسير بالناس وفق ما تقتضيه الصنعة الإعلامية والسبق الصحفي، وليس من مهمتنا كذلك أن نؤثر تأثيرًا عاطفيًا مؤقتًا فتذرف دموعنا، وليذرف كل واحد منا دمعه بينه وبين نفسه وليذرف على حاله وعلى حال أمة الإسلام، وما أشك أن كثيرا من الدموع قد جرت وهي ترى ذلك في صور ما عرضته الشاشات من هذه الأحداث، لكن هل البكاء هو حلنا؟!

وهل مثل هذا المقام نأتي فيه لنبكي؟!

فليبك كل منا حقيقة لا صورة، وإنما يكون مقامنا هذا مقاما طويل الأمد.

وقد ذكرت من قبل أن مواجهة الأعداء ليست في ميدان واحد، وذكرت أن كلا منا على ثغرة، أنت على ثغرة في تربية أبنائك، وأستحضر هنا سبعين عامًا من الشيوعية المهلكة الكافرة الملحدة كيف انقشعت ووجدنا بعض المسلمين كانوا يعلّمون أولادهم القرآن تحت الأرض في منتصف الليل على أضواء الشموع.

فهل نستطيع أن نواجه لنكون متشبثين حتى آخر رمق من حياتنا لا بتراب ولا ببناء ولا بحضارة وحتى وإن زعموها حضارة مغرقة في التاريخ، وإنما لنحافظ على دين الله والإسلام العظيم وعلى هدي رسول الله على تاريخ أمة أرادها الله -عز وجل- لتكون خير أمة أخرجت للناس.

أن نعرف بأننا مستهدفون لأننا أمة محمد، لأن بين أيدينا كتابا محفوظا وعندهم كتب محرفة يعرفون تحريفها، وعندنا نبي معصوم وعندهم أنبياء أدخلوا على سيرهم وألحقوا بهم بل وفعلوا بهم ما لا يليق أن يفعل بسقط الناس وأراذلهم، ولدينا شريعة صالحة لكل زمان ومكان وعندهم قوانين وضعية تلعب بها الأهواء وتغيرها الآراء، وعندنا تماسك أسَري وترابط أخلاقي وعندهم مجتمع قد تصدع بنيانه، وقد ولج في كثير من الآثار السلبية، لكن ذلك لم يكفهم لكنهم رأوا أن بقية باقية وسنة ماضية: لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك.

رأوا كيف كان الأبناء وكيف كان الشرفاء والأبطال والمجاهدون في فلسطين بعد أكثر من خمسين عامًا من التهويد ومن البطش ومن التهديد والتعذيب والتشريد رأوهم وهم يعودون خارجين من المساجد بأيد متوضئة وبألسنة مكبرة وبجباه ساجدة وبنفوس عزيزة.

يقف أحدهم أمام دبابة لا يأبه بها ولا يكترث لها، ورأوا من بعد ذلك مثلكم وكثيرين غيركم وهم يفيئون إلى رحاب الله وهم يستمعون إلى كلام الله وهم يستحضرون تأريخ أمتهم وهم يعودون إلى مصادر قوتهم وعزتهم، وهم في أفول نجمهم، أعدادهم تتناقص، مواليدهم أقل من موتاهم، وقد ألف أحدهم كتابًا حديثًا منذ نحو عام سماه موت الغرب، وأشار فيه إلى أن سبع عشرة دولة غربية أعداد الجنائز فيها أكثر من أعداد اليهود.

ثم ذكر بعد ذلك صورا من الموت في الأخلاق والأنظمة والعرقية والعنصرية، كيف يرضون ذلك وبأيديهم قوة عسكرية واقتصادية وسياسية، وذك مؤشر ببداية مواجهة عظيمة ينبغي أن يوطن الناس أنفسهم لها، وأعظم توطين أن نربط القلوب بخالقها وأن نعلق النفوس ببارئها وأن نرشد العقول بمنهج الله.

وكذلك وهو أمر لا بد منه أن يعظم تآزرنا وأن تقوى روابطنا وأن تترسخ أخوتنا عل مستوى الأفراد والمجتمعات وعلى مستوى الدول فإنّ الدول العربية والإسلامية التي ما زالت نائمة غير مدركة في حقيقة الأمر وفي حقيقة الفعل لهذه الوقائع معنية اليوم بأن تمد أيديها إلى بعضها وأن تتناسى خلافاتها وأن تلتقي على أساس الوحدة الإسلامية والمنهج الرباني، فإن هي فعلت ربما أنقذت أنفسها وأممها وشعوبها من هذه الأخطار المحدقة، وإن هي غفلت عن ذلك فيوشك أن يكون ما لا تحمد عقباه.

دار

دار

نشكر لكِ أختي الغاليه
هذا الطرح الرائع والمميز
جعله الله في ميزان حسناتكِ
وتقبله منكِ

دار

جزاكِ الله خيرا وبارك الله فيكِ

سلمت يمناكِ على النقل الهادف

جعله الله في موازين حسناتكِ

لاحرمتِ المثوبة

جزاكِ الله خيرا وبارك الله فيكِ
يسلموووو

أختي الكريمة
بارك الله فيكِ
أثابكِ الله وجعل جل أعمالكِ في موازين
حسناتكِ
جعل الله في قلبك نورًا
ووجوهكِ نورًا وألبسكِ ثياب الصالحين
ونحنمعكِ أجمعين وجمعنا حول حوض رسوله الكريم
لنرتوي الماء العذب الزلال من يدي خيرالمرسلين
عليه أفضل الصلاة والسلام
وصلِ اللهُ على سيِّدِنا مُحمَّد وَعلى آلِهِ وصَحْبه وَسلّم
دمـتِ برعـاية الله وحفـظه

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.