ادوية فقد الشهية تتسبب الادمان والاكتئاب والهوس 2024.

إن أمر علاج السمنة بالأدوية قديم وقد سجل استخدام مستخلص «الثيرويد» منذ عام 1893م لعلاج زيادة الوزن، كما استخدم مستحضر دنتروفينول Dintrophenol عام 1933م ودخلت أول مركبات الأمفيتامينات الأسواق عام 1937م ولم تكتشف آثارها الضارة إلا بعد 30 سنة من ذلك التاريخ (أي في عام 1967م). إن شأن أدوية علاج السمنة شأن أي أدوية أخرى في عدم ظهور بعض الآثار الضارة لها إلا بعد سنوات من الدراسات وربما نزلت الأسواق ثم جاء منها خطر فسحبت أو حذر منها. وعندما نتكلم عن أدوية علاج السمنة لا بد من تحديد المصطلح بصورة دقيقة، فهناك أدوية تؤثر على الجهاز العصبي وتفقد الشهية للطعام، وثانية تؤثر على الأنزيمات الهاضمة للطعام، وثالثة عبارة عن أدوية تشعر بالشبع، ورابعة طبيعية إلا أنها تباع في الصيدليات على صورة مستحضرات وهكذا. فأي الأدوية النافعة وأيها التي تشكل خطراً على الصحة إن كان هناك خطر من استخدامها أصلاً؟! * أدوية فقد الشهية هذه الأدوية عبارة عن مركبات كيميائية تؤثر على الجهاز العصبي بتأثيرها على الموصلات العصبية ومن ثم تؤدي إلى فقد الشهية للطعام. وأقدم هذه الأدوية هي المسماة الأمفيتامينات. إذ كانت تستخدم أساساً لمغالبة النوم والكسل فوجد أنها تفقد الشهية للطعام فاستخدمت لعلاج السمنة كأدوية رجيم. ويوجد اليوم من هذه الأدوية وشبيهاتها كم كبير من المركبات تختلف في قوة تأثيرها ودرجة أمانها على الصحة من مركب إلى آخر، إلا أنه وبعد الدراسات المستفيضة على هذه المركبات وجد أن لمعظمها آثاراً جانبية متدرجة الخطورة ما بين الإدمان والاكتئاب عند تركها إلى تأثيرها في رفع ضغط الدم أو تأثيرها على مرضى القلب أو الجلاكوما أو مفرطي إفراز الغدة الدرقية. ومن أشهر مركبات الامفيتامينات «ميت أمفيتامين (Metam Phetamin) ومازيندول Mazindol ومن شبيهاتها (الفينايل بروبانول أمين ({Phenyl enimalonoporp). ومن الأدوية التي تؤثر على الموصلات العصبية وتفقد الشهية أيضاً المركبات المسماة «سيروتوننيرجك» والتي من أشهرها فلوكستين Fluoxetne ويدخل ضمنها المركبان سابقا الذكر (الفنتلورامين والدكسفنفلورامين) اللذان سحبا من الأسواق بسبب تأثيرهما على صمامات القلب. وقد درست منظمة الأغذية والأدوية الأمريكية منذ أكثر من عشرين سنة معظم المركبات المؤثرة على الجهاز العصبي وفقد الشهية وصنفتها حسب تأثيرها ودرجة خطورتها ودرجة الإدمان عليها. إلا أن المشكلة هي تجدد ظهور آثار بعضها الخطير مع الأيام كما ظهر في العام 1999م. * ومنها ما هو طبيعي يوجد من المركبات المفقدة للشهية التي قد تسبب الإدمان عليها ما هو طبيعي ومستخلص من بعض النباتات والأعشاب. فقد استفادت الابحاث العلمية من فكرة التأثير على الجهاز العصبي لفقد الشهية بوجود هذه المؤثرات الطبيعية. وقد نزل إلى الأسواق قلم يفقد الشهية بالشم وأدخل للأسواق بمسمى «مواد طبيعية». فهذا القلم فيه زيوت طيارة مركزة لجوزة الطيب وغيرها، وجوزة الطيب هذه من المواد التي يثار حولها الاحتمال بأنها تؤدي إلى الإدمان وقد منعت بعض الدول استخدامها ثم عادت للسماح باستخدامها كتوابل لعدم القطع بتأثيرها المدمن. التعامل الحذر إن هذه الأدوية والمواد المؤثرة على الجهاز العصبي لابد من التعامل معها بحذر وتحت إشراف طبي. وترك استخدامها أو منعها هو الأولى من باب الحيطة والحذر. والحق أن ما تمارسه وزارة الصحة السعودية في تعاملها مع مثل هذه المركبات لجدير بالتقدير والشكر وحبذا أن تقتدي كثير من الدول الإسلامية والعربية بمثل هذا حرصاً على عقول مواطنيها وسلامتهم. فإنه وإن كانت بعض هذه المركبات آمنة اليوم فإنه ليس بمستبعد أن تظهر مشكلاتها غداً. والحذر ثانياً مطلوب من الطبيب أو الاختصاصي المعالج أو الواصف لمثل هذه المركبات، فهو مطالب بمعرفة ميكانيكية عمل مثل تلك المركبات في الجسم وما هي ملابسات استخدامها، وأن يكون متابعاً لما تتوصل إليه الأبحاث بشأنها. أما المستعمل لهذه الأدوية بغية تخفيف وزنه بها فينصح بأن يكون حذراً ولا يأخذ الكلام من الصحف والمجلات والفضائيات التجارية وأرفف الصيدليات وتجربة الزملاء، فعقله نعمة من نعم الله الكبرى عليه وصحته تاج لحياته فلا يجعل منهما عرضة لابتزاز تاجر أو حقلاً لتجارب عالم. والحذر له حدوده روابط وموانع هناك نوع آخر من الأدوية التي تؤخذ مع الطعام بهدف تقليل الاستفادة منه بربطها للانزيمات الهاضمة، ومن ثم تمنع الاستفادة من الطعام فيخرج من الجسم دون هضم، ومن أشهر هذه الموانع موانع الاستفادة من الدهون بتأثيرها على أنزيمات الدهون وموانع الاستفادة من الكربوهيدرات (النشويات) ومن أشهر هذه الأخيرة مركب الأكربوز Acarbose، وهذا المركب وإن كان يستخدم لخفض الوزن إلا أن هناك من يطالب باستخدامه لمرضى السكري وهذا لا يسلم به (ولا مجال لهذا الأمر هنا). المهم وإن كانت هذه المواد أقل خطراً من الأدوية المؤثرة على الجهاز العصبي إلا أن جدواها الحقيقية في الوقت نفسه يعتريها الشك، بل إن التجارب على بعضها تشير إلي أنها مجرد وهم أو أن تأثيرها جزئي جداً. للمحرومين فقط هناك مستحضرات أو مركبات على هيئة مستحضرات (فورملا) مكونة من البروتينات وبعض الفيتامينات والمعادن تباع في الصيدليات في أكياس (بحجم الكف) كحمية غذائية. إذ يذاب كل كيس (مظروف) في الماء ويشرب بدل الغذاء العادي. ومن أشهر ما هو موجود في الأسواق اليوم مستحضر من هذه المستحضرات يطالب المستخدم بشرب محتوى كيسين يومياً صباحاً ومساء بسعرات قدرها 330 سعراً حرارياً، مع إضافة وجبة غذائية قدرها 600 سعر حراري. إن فكرة هذه المستحضرات فكرة تجارية بحتة وقد ظهرت قديماً وأردت 17 قتيلاً عام 1978م بسبب أن نوع البروتين المستخدم فيها كان منخفض القيمة الغذائية. ولا شك أن الأمر قد تفاداه التجار اليوم وأصبحت نوعية البروتينات في هذه المستحضرات جيدة إلا أن فكرة خفض السعرات الحرارية ليست في حاجة إلى حرمان بهذه الطريقة التي لا تعدو أن تكون نفسية، فيمكن للإنسان أن يخفض السعرات الحرارية بصورة متوازنة بتقليل كمية الطعام الذي يتناوله، ولا داعي لصرف قرابة (170) ريالاً أسبوعياً لهذا الأمر وحرمان النفس من لذة الجلوس على المائدة والاستمتاع بقضم الفاكهة أو التلذذ بقطعة من الشواء. إنها فعلاً مستحضرات للمصرّين على الحرمان . أوقفوا أدوية الحمية ومضى على سحب العقار المسمى ديكسفين (Dexfen) عدة سنين، فقد تم سحبه طواعية من الأسواق في سبتمبر 1997م. وكان أكبر سحب لعقار تقوم به إدارة الأغذية والأدوية الأمريكية، وحيث كلف بلايين الدولارات (تكلفة السحب زائد رسوم تخطيط صدى القلب عند من اشتكوا من الدواء إضافة إلى رسوم الدعاوى). وبعد هذه المدة وجد أن مشكلات ثقب صمام القلب التي يسببها الدواء تختفي خلال فترة 3 إلى 5 أشهر بعد التوقف عن استعماله. و كان قرار سحب الدواء في ذلك الحين بسبب ظهور تقارير تربط بين استخدام الديكسفين وشذوذ في صمام القلب عند بعض المرضى الذين تناولوه من أجل تخفيض الوزن. هناك دراسة تؤكد أن توقف مستعملي ذلك الدواء قد اختفت عندهم أعراض صمام القلب خلال فترة 3 إلى 5 أشهر من التوقف عن استعماله. يقول الدكتور نيل وايزمان من جامعة جورج تاون إن نتائج هذه الدراسة تنطبق على أولئك المرضى الذين استخدموا هذا الدواء لمدة ثلاثة أشهر أو أقل (وقد لا تكون مجدية لأكثر من ذلك). وكأنه يشير إلى دراسة سابقة أجريت على 1073 مريضاً أعُطوا نوعين من الديكسفين، ولم يكن هناك بينهم فروقات معنوية بعد إيقاف الدواء وقياس صدى القلب بعد 3 إلى 5 أشهر من التوقف. إن مثل هذا النوع من الدراسات له أهمية خاصة لأولئك الذين يبادرون بأخذ أدوية تخفيض الوزن بمجرد أنها أُقرت من الجهات الرسمية أو التشريعية دون إجراء التجارب الكافية عليها. فكم من أدوية أُقرت ثم بعد سنوات وجد أنها مضرة بالصحة.. إن الصورة العملية لمن أراد أن يخفض وزنه تكمن في البعد عن جميع الأدوية الكيميائية واتباع نظام غذائي بشرط أن يكون متزناً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.